يرى البعض أن المناداة بحقوق المرأة أو الحديث عنها ترف أو أنه بات اليوم غير مبرر أو لا داعي له كما يقال، قد ألتمس بعض العذر لمن يتبنى مثل هذا الرفض إذا جاء من أصواتنا – أقول قد – لأن ما حظيت به المرأة الإماراتية من رعاية واهتمام من الصعب تجاهله أو تجاوزه، فالمرأة تعمل وتشارك الرجل وهي تنتج وتتقلد كل منصب دون حساسية أو تردد والحكم أو المعيار في هذا الجانب هو المهارة والتأهيل والعلم، بغض النظرعن كونها امرأة.
هذا واقع نشاهده في كل مفاصل حياتنا حتى في المجال العسكري وفي مهنة مثل الطيار الحربي اقتحمتها المرأة الإماراتية وباتت موجودة كطيارة مقاتلة تشارك في حماية سماء بلادها والذود عن حياضه من كل معتدٍ أثيم. لكن المدهش أن من رفض دعوات العدالة في حقوق المرأة ومساواتها بالرجل يأتي من أصوات في بلاد ترزح فعلاً فيها المرأة تحت نير ظلم غير مبرر أو غير مفهوم سببه، ورغم أن أصحاب مثل هذه الأصوات متعلمون بل على درجة عالية من التعليم إلا أنهم يرون أن تبقى المرأة وفق نمطية متوارثة وما عداه يعتبرونه خروج عن الطبيعة البشرية.
في شرقنا بصفة عامة تسطيح لفكر المرأة ولمقدراتها وهي تظلم في المرافق كافة، ولو قدر لهذه المرأة وأتيح لها المجال لأبدعت وتفوقت. وعندما نسمع أو نقرأ لأحد الحقوقيين أو الحقوقيات وهم يتحدثون عن هذا الجانب فلا بد أن نصغي ونوليه العناية والاهتمام فالموضوع حيوي ومهم، وهو بحق يمس كل فرد من أفراد المجتمع، ذلك أن تعطيل أو إعاقة المرأة ووضع الحواجز أمام مسيرتها سيرتد على المجتمع ككل فأنت تعطل جزءاً كبيراً منه ـ النصف ـ وتوقفه عن الحركة والعمل وبالتالي توقف النمو الطبيعي لهذا المجتمع، وتجعل كثيراً من الشوائب والأخطاء تلتصق بمسيرته التنموية والاقتصادية وهذه الشوائب هي أخطاء لعلاج هذا البعد القصري للمرأة فتتراكم حتى تؤدي لهدر وخسائر فادحة تعيق كل تطور وتقدم.
لنلقِ نظرة على عدة نماذج من البلدان في منطقتنا، حيث كانت المرأة ممنوعة من العمل في البيع والشراء، وتبعاً لهذا الإقصاء وبعد مضي سنوات أدرك المشرعون والقانونيون أنهم يرتكبون خطأ فادحاً، فالبطالة مرتفعة في الأوساط النسائية لدرجة كبيرة، وباتت معظم الوظائف بيد عمالة مستقدمة من الخارج، واليوم يتم معالجة هذا الخلل الكبير، لذا أقول يجب عدم تكرار هذه الأخطاء ومنح كل ذي حق حقه.