تتعدد دوافع السفر من شخص لآخر، البعض يعتبره هماً وغماً ويتم جره نحو السفر جراً، فهو يذهب مكرهاً لا راضياً، وآخرون لا تروق طباعهم، ولا تطيب نفسياتهم وتتغير تصرفاتهم نحو الأفضل إلا بعد أن يقص التذكرة، وينهي حجوزات السفر، في السابق كان السفر يعد هماً وثقلاً يقع على الكاهل بسبب طبيعة وسائل السفر في ذلك الزمن الغابر، حيث يمضي المسافر نحو شهر أو شهرين لينتقل من مدينة لأخرى، ويظل طوال هذه الفترة في البراري والصحارى يتعرض خلالها لمخاطر عدة في الطريق.
في هذا العصر نشاهد الملايين من الناس يسافرون وينتقلون من بلد لآخر في رحلات سياحية طوال العام، والمطلب لهؤلاء الراحة، وتغيير الجو، والاستجمام والابتعاد عن ضغوط الحياة وروتينها الذي يكون في كثير من الأحيان مملاً. لكن الغريب بحق أن البعض من هؤلاء المسافرين في عالمنا العربي، وخصوصاً من الخليج، يحولون رحلتهم السياحية إلى هم آخر وهمّ إضافي، فيزيد قلقهم وتتوتر أعصابهم، فيفسدون رحلتهم بسبب تأخر رحلة الطيران أو عدم وصول الحقائب، أو أن الفندق الذي حجزوا فيه أعطاهم غرفاً أقل مستوى، أو بسبب زحام على كاونترات الجوازات أو الجمارك، أو التفتيش والتدقيق الأمني غير السلس أو عدم إتقان لغة البلد، والتعثر في الحصول على سيارة أجرة، أو الضياع في المدينة، أو حتى في المطار، فلا يتقبل مثل هذه المفاجآت رغم سفره لبلد غريب وبعيد ولأول مرة.
البعض وهم قلة يعتبر مثل هذه الصعاب أو المعوقات أو المشاكل التي تقع تحديات وجزءاً من روح السفر والاستجمام ويعتبرها مغامرة، فتجده مبتسماً، لأنه توقعها وجهز نفسه لها، فحولها لضحك وخبرات جديدة يستفيد منها. البعض يسافر ويتكبد خسائر مادية كبيرة، ولا يجلب لنفسه الراحة التي كان ينشدها، بل التوتر والضيق والقلق، فتضيع رحلته في علاج هذه المشكلة أو تلك، ويدخل في أدق التفاصيل لدرجة يفسد الرحلة حتى لمن يرافقه.
تحكي لي صديقة لتوها عادت من رحلة سياحية عن تلاسن وقع بينها وبين زوجها، لأنها نسيت ملابس السباحة الخاصة بالأطفال، تقول بينما كنا نتشاجر على البحر حول هذا الموضوع كان أطفالنا قد وجدوا الحل من كشك قريب، ونزلوا للسباحة بعفوية وهدوء. وهذا هو واقع معظمنا في السفر الاهتمام بتفاصيل صغيرة جداً تفسد أموراً كبيرة ورائعة