الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

"خلع الحجاب في اليمن" ظاهرة غريبة في مجتمع محافظ

  • 1/2
  • 2/2

أثارت الناشطة اليمنية الشابة شيماء جمال ضجة كبيرة في أوساط المجتمع اليمني عندما قررت خلع حجابها والظهور على الملأ كاشفة شعرها، حيث وُجهت لها العديد من الانتقادات كون المجتمع اليمني يعتبر مجتمعاً محافظاً تلتزم فيه النساء بالزي التقليدي عند الخروج إلى الشارع.
وتقول جمال "وضعت إحدى صوري التي التقطت لي خارج اليمن بدون حجاب في صفحتي الشخصية على الفيس بوك مطلع شهر نيسان/ ابريل الماضي ولم يخطر ببالي قط ان هذه الصورة ستثير ضجة كبيرة في أوساط المجتمع."
وبالرغم من أن جمال لم تكن ترتدي الحجاب في السابق إلا عند تواجدها في الأماكن العامة بسبب إصرار والدها عليها واحتراما للعادات والتقاليد وايضاً من اجل تفادي المضايقات التي قد تتعرض لها على حد قولها، إلا انها واجهت الكثير من الانتقادات عندما قررت مواجهة المجتمع والخروج عن عاداته وتقاليده.
وتضيف جمال انها استقبلت 2000 رسالة على الفيس بوك بعد بضع ساعات من وضع صورتها، بالإضافة إلى مقالات وإساءات تتحدث عن جمال وتقدح في شخصها.
"لم استطع استيعاب ما حصل لي بسبب الصورة حتى الآن لأني لم اكن اتصور ان يخرجني الناس من الملة ويصفونني بالعهر والفساد بسبب إزالة قطعة قماش من على رأسي," تضيف جمال.
ودائماً ما ترتدي النساء اليمنيات العباية السوداء والحجاب والنقاب عند خروجهن إلى الشارع او مقابلة أشخاص غير المحارم، فيما تكتفي بعضهن بالحجاب الذي يغطي الرأس فقط، إلا انه من غير المقبول ان تخرج المرأة بدون تغطية شعرها.
هند نصيري، ناشطة يمنية غير محجبة، هي الأخرى قررت مواجهة المجتمع والخروج بدون لبس الحجاب وتعرضت لنفس الانتقادات.
شاركت نصيري بصورة لها بدون الحجاب في حملة دولية بعنوان انتفاضة المرأة في العالم العربي العام الماضي، حيث حملت صورتها عبارة "من حق شعري أن يتنفس". وترى نصيري ان لكل امرأة الحق في الظهور بالشكل الذي تحب وممارسة حريتها دون أن تكون مجبره على فعل شيء ليست مقتنعة به.
ولا تزال النساء غير المحجبات في اليمن حتى وقتنا الحالي يواجهن العديد من الصعوبات عند الخروج بدون تغطية شعرهن حيث يعتبر ذلك مرفوضاً في المجتمع، لاسيما في أوساط رجال الدين والقبائل.
وتوضح جمال إنها ليست معترضة على الحجاب كمظهر، ولكن ضد التقيد بالأعراف والتقاليد المتمثلة بفرض لبس معين على المرأة يغطيها من الرأس إلى أخمص القدمين.
خلعت جمال الحجاب بعفوية وقناعة حسب قولها ولم تندم على ذلك كونها تمارس حقها الشخصي والذي يحق لكل امرأة أن تتمتع به.
:"البعض قال إني اجاهر بالمعصية، ومنهم من قال إني فعلت ذلك عمداً لأجذب الأنظار وأشغل الراي العام عن القضايا المهمة في البلاد ".
وبحسب جمال فقد تم تكفيرها من قبل الكثيرين، واتهامها بالسعي لإرضاء الغرب من أجل مكاسب حقوقية للحصول على لجوء لبعض الدول الغربية. ولم يكن خلع الحجاب منتشراً قبل أحداث 2011 التي خرج فيها الرجال والنساء للمطالبة بالإطاحة بالنظام السابق وعلى رأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح. إلا انه وخلال تلك الفترة بدأت العديد من النساء بالمطالبة بحرية المرأة ومشاركتها في المقاعد السياسية، واعتبرت البعض منهن خلع الحجاب جزءاً لا يتجزأ من حرية المرأة التي يجب احترامها.
وعادة ما تتعرض النساء اليمنيات غير المحجبات للنقد والشتم عندما يُقدمن على خلع الحجاب أو عندما يرجعن إلى اليمن من بلدان اخرى بدون لبس الحجاب، كما انهن لا يستطعن الخروج إلى الشارع بحرية دون التعرض للمضايقات التي تصل إلى حد التحرش احيانا.
وتبين نصيري أنها واجهت العديد من الصعوبات كونها غير محجبة كالشتم، القذف، والتحرش الذي يصل حد اللمس، وكل ذلك فقط كونها اختارت أن تكون غير محجبة وبملابس ملونة عند الخروج خارج المنزل.
لاقت صورة نصيري ردة فعل مخيفة من قبل يمنيين وعرب، وواجهت نصيري على إثرها الكثير من السب والشتم والقذف:"الكثير شتموني واتهموني في أخلاقي وشرفي". وذكرت نصيري أنها لم ترتدِ الحجاب في الأصل حتى يقال انها خلعته، وكل ما في الأمر أنها تربت في منزل ليبرالي يحترم الحريات والثقافات وقناعات المرأة.
وتقول نصيري :"تربيت على مبدأ أن الرأس جزء لا يتجزأ من هوية المرأة ولا يجب إخفاءه"، وتضيف :"شعري جزء جميل مني فلماذا اخفيه".
وترى نصيري أن المجتمع اليمني مجتمع تقليدي ورجعي، تعود على الصورة النمطية للمرأة اليمنية، وربط كون المرأة محترمة ومحتشمة بتغطية وجهها وارتداء الملابس السوداء من رأسها حتى اسفل قدمها.
"المرأة التي تخالف هذا فقد خرجت عن الدين وتجردت من اخلاقيات الاسلام والمجتمع"،وتضيف :"أكثر ما يزعجني هو ان الناس يتعاملون مع المرأة غير المحجبة بأنها عاهره ومستباحة والجميع يحاول الوصول إلى جسدها".
وتعلق نصيري بقولها :"حرية المرأة محصورة في اليمن سواء قبل أو بعد ثورة 2011، فمعظم النساء يتبعن أحزاب سياسية ودينية توجههن يمنة ويسرة"، مشيرة إلى أن النساء اليمنيات لا يزلن يفتقدن الحرية الخالصة للفكر بشكل كبير. ولا يعتبر انتقاد خلع الحجاب حكراً على الرجال فقط حيث ترى الكثير من النساء اليمنيات أن هذا الفعل لا يمت لحرية التعبير بصلة ويعتبرن الحجاب افضل للمرأة حتى لا تتعرض للمضايقات.
سهام الحميدي، موظفة قطاع خاص، تقول إن النساء اللاتي ظهرن عقب الثورة بدون حجاب من منطلق الدعوة الى حرية المرأة لا يمثلن نساء اليمن بشكل عام. "الحرية لا تعني خلع الحجاب والخروج عن نطاق الدين والعادات والتقاليد المعروفة في اوساط المجتمع،" تضيف الحميدي.
وتوضح الحميدي بقولها :"لطالما وأن خلع الحجاب سيؤثر على سمعتي وسيٌلفت الأنظار الي فلماذا اخلعه"، موضحة :"أن النساء غير المحجبات على دراية بذلك وكان من المفترض عليهن احترام بيئتهن التي يعشن فيها".
ويرى الدكتور محمد عبدالله شيبان، عضو الاتحاد العالمي لعلماء اليمن، أن إظهار الشعر لا يجوز في الإسلام سواء في اليمن أو خارجه، ولكن ظهر في الفترة الأخيرة عدد من النساء اليمنيات اللاتي خلعن حجابهن من منطلق الحرية وحقوق المرأة. وقال :"الإسلام كفل للمرأة جميع الحقوق وما يحصل في الوقت الحالي إنما هو تقليد لمفاهيم غربية دخيلة علينا".
وأكد شيبان أن إظهار الشعر ليس كفر، وإنما هو أحد المعاصي التي يمكن للمرء ارتكابها.
وقال "المجتمع اليمني مجتمع تقليدي غير منفتح ويرى أن أي معصية هي كُفر وهذا لا يجوز".
وتُعتبر التقاليد والأعراف اليمنية هي التي تحكم كثير آراء المجتمع اليمني، خاصة وأنه لم يطلع على الدول الأخرى ويخرج اليها فهو محصور في بيئته.
وعن النساء غير المحجبات يقول شيبان "على النساء تحاشي لفت الأنظار من خلال لبس الحجاب، حتى اذا كن غير مقتنعات به".
وأعتبر دكتور علم الاجتماع في جامعة صنعاء عادل الشرجبي أن المجتمع اليمني يغلب عليه الطابع القبلي، ومعظم التوجهات والقيم فيه قبلية وليست دينية في المقام الأول.
هذا فضلاً عن الجماعات الدينية في اليمن، حيث يأتي التشدد من قبلها على المرأة وذلك لإثبات وجودها، وبالتالي تلك التأثيرات تجعل اليمن لا يتقبل ظهور المرأة بالشكل الاعتيادي والمتعارف عليه فيها.
وأكد الشرجبي أن ثورة 2011 منحت المرأة الشجاعة الكافية للمطالبة بحقوقها وحريتها، على الرغم من المحاولات التي تطمح إلى سلب الحرية من المرأة اليمنية من خلال الحملات التي تقوم بها بعض الجماعات لتشويه صورة الناشطات واليمنيات غير المحجبات.
ويختم الشرجبي حديثه بقوله :"استطاعت المرأة في اليمن مقاومة جميع الضغوط التي يمارسها المجتمع القبلي وطرح أفكارها دون خوف وكسرت الكثير من الحواجز التي كانت تواجهها في الماضي".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى