بين الإهمال والتهميش تعيش النساء في المناطق الحدودية بمصر، تواجه الفقر والقوانين التعسفية التي تحكم هذه المناطق، لا حق لها في التعليم ولا العيش الكريم كما يعيش غيرها فسبل النهوض بهم كثيرة، ولكنها تحتاج لمن يهتم ويفعل.
في كتابها “حقوق المرأة في سيناء”، كشفت الكاتبة حسنية عمر الحياة التي تعيشها المرأة السيناوية من الإهمال، وهدر حقوقها بالرغم من انتشار عدد كبير من جمعيات المجتمع المدني التي تهتم بشئون المرأة والطفل المهمشين في المناطق الحدودية، إلا أن المرأة في هذه المناطق لا تجد سوي الظلم والتعنت في الحصول علي أبسط حقوقها.
قوانين تعسفية
ومع سيادة القوانين العرفية التي تحكم هذه المناطق التي تعتبر من يقوم بالإساءة إلى المرأة يعد مذنبا ويقام عليه حدود القضاء العرفي الشديدة، إلا أن هذه القوانين تحرم المرأة حقوقها في الوقت ذاته، فهذا القانون لا يعترف بعقد الزواج العرفي التي تتزوج به البدوية، ولا يضمن لها حياة راقية.
ولا يعترف القاضي العرفي بحق المرأة في التعليم، ويعتبرها “مخلوق فطري” ليس له الحق في اكتساب مهارة أو البحث عن الثقافة تأكل وتشرب وتلد وتموت فقط، فتعليم البنات يعد مرفوضا في الوسط السيناوي إلا قليلا من الأسر ممن لهم أفق واسع أعطوا الفرصة لبناتهن في دخول المدارس، وبدأت تدريجيا زيادة الأعداد وانتشرت فصول محو الأمية.
الحرمان من التعليم الجامعي
وعند دخول البنت المدرسة وحصولها علي الثانوية، تنتهي حياتها الدراسية عند هذا الحد، وتمنع من دخول الجامعة، وتغلق أمامها أبواب التعليم، وذلك لوجود الجامعة خارج حدود المحافظة، وهذا يعني اغتراب البنت.
فاغتراب الفتيات مخالف لعادات وتقاليد المجتمع السيناوي فهم يعتقدون أن البنت لا تستطيع العيش بمفردها بعيدا عن أهلها، ولكن هذا ليس عاما فقبائل شمال سيناء لم تواجههم هذه المشكلة بسبب وجود جامعة بها.
وبالرغم من ذلك كانت تحرص المرأة علي ممارسة حقوقها الانتخابية لتعبر عن رأيها بصرف النظر عن مؤلها التعليمي سواء عال أو منعدم حتى وإن كان بشكل قبلي. الحرمان من الميراث
ويتجاهل القضاء العرفي حق المرأة في الميراث تماما، فيري أنها ليس لها الحق في الإرث، لأنها تتزوج وزوجها يأخذ الميراث، ولكن توجد حالات فردية قليلة تأخذ فيها المرأة ميراثها، حيث يحرص بعض الآباء بتوزيع ما يملكه علي بناته قبل وفاته حتى لا يحرمها من حقها.
المرأة كائن مقدس في حلايب وشلاتين
أما في حلايب وشلاتين فالأمر لا يختلف كثيرا مع النساء حيث تعتبر كائنا مقدسا له خصوصيته، ولا يقترب منها أحد ولا تخرج من بيتها إلا للضرورة القصوى، فتمارس الأعمال المنزلية المعتادة بجانب رعي الأغنام، وتمتهن الصناعات اليدوية والمشغولات من الجلود والخرز والأصداف.
وبالرغم من ذلك فهناك بعض الاستثناءات استطاعت فيها بعض النساء أن تشغل الوظائف الإدارية بالمدينة، وأصبحت القيود المفروضة علي تعليم البنات اقل مما سبق فالصغيرات أصبح لهن الحق في التعليم والخروج ولكن في حدود.
نساء واحة سيوه في طي الإهمال
تقول الدكتورة ريما الخفش ناشطة اجتماعية وعضو مؤسسة المرأة الجديدة، إن النهوض بالمرأة والطفل في المناطق الحدودية يكمن في توفير التعليم بشكل جيد، حيث أن هذه الأماكن يقتصر التعليم بها علي المرحلة الابتدائية وخاصة بين الفتيات.
وأشارت الخفش إلى نموذج واحة سيوة في الإهمال الطبي، فلا يوجد طاقم طبي مناسب، ويوجد طبيب رجل وسط بيئة عاداتها وتقاليدها لا تسمح للمرأة بالخروج في الشارع حتى لتلبية احتياجاتها اليومية فلا تتحدث مع أحد، ولا تختلط مع أحد فكيف تسمح لنفسها بالتردد علي طبيب رجل للكشف عنده؟، وهو ما يحتم علينا مراعاة الخصوصية الحدودية والعادات والتقاليد بها بتوفير طبيبات نساء للعمل في المناطق النائية بدلا من سفرهم إلي الخارج.
ونوهت الخفش إلى عدم وجود لا طبيبات ولا حتى أطباء رجال في السلوم بجانب قرية تسمي “جارة أم الصغيرة” في واحدة سيوه تعتمد على الداية الغير مؤهلة في التوليد، مما يساهم في ارتفاع نسبة الوفيات وسط النساء، والأطفال حديثي الولادة.
وطالبت الخفش بتوفير الرعاية الطبية الكاملة، وتحسين خدمات الرعاية والطفولة للنهوض بالمناطق الحدودية وتوفير فرص عمل للمرأة بها عن طريق إنشاء مصانع للمنسوجات اليدوية التي تتميز بها النساء وترويج سلعهم، وتوفير الخدمات الصحية وتدريب الدايات للنهوض بهن مضيفة أن الاهتمام بالتعليم هو السبيل لحل هذه المشاكل.
الفصل الواحد للقضاء على الأمية
ومن جانبها أكدت سوسن حجاب رئيس مجلس إدارة جمعية حقوق المرأة السيناوية، علي أن الدور الأساسي للدولة هو توفير فرص التعليم والخدمات لكل فئات المجتمع، كما نوهت عن وجود أماكن في المناطق الحدودية لا يجود بها مدرسة لتعليم الأطفال، وإن وجدت تكون بعيدة عنهم مما يجعل الأهل ينفرون من التعليم.
وأضافت حجاب انه يجب إنشاء مدارس في كل منطقة حتى ولو فكرة الفصل الواحد في القرى حتى يسهل علي الطلاب الالتحاق بالدراسة، لأنه من المفترض أن الدولة تذهب إلى الناس وليس العكس.
وأشارت إلى أن المرأة في المناطق الحدودية تواجه العديد من المشاكل منها نقص الخدمات وسبل الحياة وسلب أبسط حقوقها وهذا من اخطر السلبيات أن توجد منطقة حدودية ناقصة من الخدمات فذلك يعطي الفرصة لتغلغل الأفكار المتطرفة والأشخاص الغير مرغوب بهم كما نجد في سيناء.
وشددت حجاب علي ضرورة توفير الخدمات ورفع الوعي لدى النساء المهمشين في المناطق النائية، وعلى المجلس القومي للمرأة والجمعيات الاهتمام والرعاية الكاملة للمرأة والطفل بها.