اما عن الخصا ئص السيكولوجية للمرأة، فأنها تختلف وراثيا وبيئيا عن الرجل, وصحيح انهما يعيشان في مجتمع واحد وان هذا القول هو تعميمي اكثر مما هو تفصيلي.
ليس الاختلاف يشمل الرجل والمرأة فحسب انما يتجاوز ذلك الى الأخوة والأخوات في البيت الواحد كذلك. ذلك ان الرجل ينشأ على حرية لا تجد مثلها المراة. اذ هي تُطالب بالكبت اكثر منه, وتجد من الزواجر ما لا يجده هو, وهو يتطلع في النشاط الاجتماعي على افاق واسعة في الوظيفة والسياسة وغير ذلك, في حين هي تمنع تقريبا من كل هذا عموما.
وكذلك الشأن بين الاخوة في البيت, فأنهم فيما يبدو ظاهرا سواء في الوسط ولكن الفروق التي تنشأ بينهم من اختلاف الوسامة وتعلق الابوين او احدهما بفرد معين دون اخر او اعطاء الاعتبار الخاص الى الابن الاكبر الذي لا يجد مزاحما من سائر الابناء والبنات في البيت واعتبار الابن الاصغر مدللا والبنت الوحيدة بين خمسة ابناء مدللة ايضا وكذلك الحال مع الابن الوحيد بين خمس بنات, فلكل هذه الحالات اعتبار خاص، تبين ان افراد الأسرة الواحدة مختلفة تماما. وهذا الاختلاف يؤدي الى خصا ئص سيكولوجية لكل منهم .
وكذلك الشأن في المراة التي تعيش في مجتمعنا نحن الرجال، فاننا نحوطها بما يفصلها منا نفسيا. كلنا نعرف ان الرجل اقوى عضليا من المراة، كما نرى ذلك في الديكة ازاء الاناث من الدجاج او في الاسد ازاء اللبوة فانه وحش وهي وديعة، ثم يجب الا ننسى ان الانثى تحمل وتلد وكل هاتين الوظيفتين تعجزها عن العمل مدة طويلة، فتضعف امام الذكر بل هي تحتاج الى معاونته، وكثيرا ما يعاونها.
والروح العدوانية واضحة في الذكور وليس واضحا في الاناث. وشئ من هذه الشهامة التي نجدها بين البشر في علاقة الرجل بالمراة نجدها مثله ايضا بين البهائم، فهر الذكر يقاتل الذكر ولكنه لا يقاتل الانثى وكثيرا ما ينسحب امامها مع انها قد تكون هي المعتدية.
وضعف المراة واحتياجها الى معونة الرجل في الحمل والولادة قد زاد في ضعفها وجعل السيادة للرجل في الحضارة القائمة. وحضارتنا الى الان هي حضارة الرجال اي ان اوزانها وقيمها هي اوزان الرجل وقيمه. وحتما ان هذه الحالة ستتغير لان الوسط الصناعي يقرر الاستقلال الاقتصادي للمراة وهذا الوسط سوف يؤدي بدوره الى استقلالها النفسي.
كلنا يعرف ان كظوم المراة كثيرة, اكثر من كظوم الرجل, لأننا نتسامح مثلا في الانزلاق الجنسي للشاب ولكننا لا نتسامح بتاتا للفتاة بمثل هذا الانزلاق، لخطورته على تربيتها وسمعتها الاجتماعية. فمن المألوف ان تسمع الام تقول لأبنتها – لا تفعلي كذا انتِ مو ولد -
وهذا الكبت العاطفي الكثير يحدث توترات نفسية كثيرة عندها. ثم ان لها اثر اخر، هو انها اي الفتاة تصد عن كثير من النشاط النفسي او الذهني الذي يمارسه الشاب. وقد يعزى تاخير الفتاة احيانا في العلوم والاداب والتجارة والاختراع الى كثرة هذه الزواجر التي تتلقاها في صباها وشبابها, كل هذه المؤثرات تجعلها تقيم لنفسها سدودا وقيودا تحد من نشاطها فلا تفكر في هذا الموضوع ولا تمارس هذا النشاط.
ومن هنا نفهم ان الصدمات العاطفية للمراة اكثر من صدمات الرجل، وان كبتها في العقل الباطن اكثر، ولذلك نجد انها احيانا ما تتزعزع نفسيا وتقع في النيوروز , اي جنون العاطفة, او نادرا جدا ما تقع في السيكوز اي جنون العقل، ومن حسن حظها انها اسرع من الرجل في احتمال الشفاء والرجوع الى الحالة السوية، لكن هذا الشفاء السريع هي القدرة المتميزة في المراة دون الرجل.
سبق وان قلت ان الرجل اقوى من المراة، فاذا ما تمرضت المرأة، في سبيل المثال ثم تماثلت للشفاء، ستكون حالات النقاهة اسرع مما عند الرجال, من هنا فان المراة اقوى من الرجل، و انها تعمر اكثر منه والامراض لا تقتلها بالسهولة التي تقتل الرجل, وهذه المتانة الجسمية ترافقها ايضا متانة نفسية ازاء التوترات والمأزق.
خذ مثلا حالات الانتحار الذي يعتبر دليل الافلاس للنفس البشرية امام الظروف القائمة, مع ذلك نجد عدد المنتحرين من الرجال اكثر من عدد النساء, كما يتضح من الاحصائية الامريكية لعام 1938 فكان من الرجال في عمر 40 – 50 يبلغ 2954 حالة، بينما لم يتجاوز العدد عند النساء في نفس الاعمار عن 1020 منتحرة، اي في حدود ثلاثة اضعاف .
.
والجريمة مثل الانتحار في التقدير السيكولوجي. ففي الولايا ت المتحدة ايضا، بلغ عدد الجرائم بين اعوام 1939 – 1940 للرجال 1955 بينما لم يتجاوز العدد عند النساء عن 143 , اي حوالي 14 ضعفا . وكان عدد السرقات عند الرجال خلال سنة واحدة 5273 سرقة بينما لم يتجاوز العدد عند النساء الرقم 69 اي 75 ضعفا، .فهناك خصائص تعين الجريمة فأن الاغتصاب مثلا لا تستطيع المراة ان ترتكبها في الرجل لكن المراة على العكس تخدم الرجل وهي مغتصبة ولذلك تفشت الدعارة الحرفية بين النساء.
وللتماس الجنسي اثره في اخلاق الرجل والمراة فان العاطفة الجنسية تغشي حياتنا رجالا ونساء لكن الوضع الذي تتخذه المرأة يتسم بالأستجابة والخضوع , في الوقت الذي يتخذ وضع الرجل بالاستعلاء المادي , يؤدي الى ان يسير في الشارع بروح عدواني يبادئ المشكلات ولا يتراجع، يطلب التفوق والسيادة في حين ان المرأة تسعى الى حياة الهدوء و السرور . ولا تبادئ بل تتلقى وتستجيب في اطار العطف والحنان، ثم ان هذا الوضع نفسه مسؤول الى حد ما عن النظرة المتعالية التي ينظر بها الرجل الى المراة، ويجب ألّا ننسى ان الاشتهاء الجنسي في الرجل يختلط بالروح العدوانية وقد تتفاقم احيانا فيؤدي الى السادية اي الرغبة في ايذاء المراة وقت التماس حتى انه قد يجرحها، وهذه حالات نادرة .