الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

حمّالة الصدر وحرية الشهوة #TAU_BRA_CHALLENGE

  • 1/2
  • 2/2

تخبّطٌ آخر يولّده الوسط الافتراضي، ينهمك "الفايسبكيون" إثرَه في التأييد والرفض، محوِّلين المساحة أشبه بجبهة. "صدرك مش صدر كنافة، فكّيها"، حملةٌ لم تتوقّع صاحبتها عصمت فاعور أنّها قد تلاقي هذا الردّ.
جوهر الحملة دعوةُ النساء الى فكّ حمّالة الصدر دلالة الى تحرّرهن من القيد. يحضر التاريخ شاهداً على ثورات قوامها الملبس، أريد منها وصول المرأة الى ميدان العمل، والانعتاق من سلاسل الزيّ. "الكورسيه" في أوروبا، أسَرَ النساء عقوداً قبل أن تطيح به الثورة الفرنسية وتمهّد لعصر يكفل لهنّ خيار ارتداء كمية أقل من الأقمشة، بعدما شكّل اهانة لنساء مكتنزات (تحديداً) لم يُتح المجال إبداء الرأي في شأنه. طالما ارتبط الهندام بالسلطة والحرية، ولا يزال، فكثيرات يكبّلهن الملبس، لا سيما المحجبات قسراً، والمرغمات على ظهور متشابه كلّ يوم. لم يفت الحملة التذكير بأنّ المرأة الغابونية لم تنخرط في المجتمع إلا بعد نزع القبعة الكبيرة المليئة بالريش خلال الحرب العالمية، كأنّها تستبق اعتبارها سطحية بربطها قروناً من النضال بالعلاقة ما بين الحرية والزيّ.
"السوتيان" خيار
حمالة الصدر ليست الطامة. هي حقٌ في أن تكون خياراً، فلا تطارد المرأة المطلِقة ثدييها نظرات استهجان. نساء أوروبا يملكن حرية "فكّها" أو الإبقاء عليها، من غير إدانة وتعجّب، فيما لا تزال فرضاً على العربيات. الدعوة في ذاتها ممكنة، لا تشترط تهيّؤ الزمان والمكان بغية طرحها، إنما الطرح ظلّ على السطح، فلا العنوان ("صدرك مش صدر كنافة، فكيها") يلمس المرأة كقضية أو يُشعرها بقيمتها كـ"مادة" للنضال، ولا تحوُّره عن مساره أفاد في شيء، إذ أصبح الهمّ كيف يُردّ على الردّ.
إشكالية الجوهر والقشور
المتابع المعارك "الفايسبوكية" يلمح نموذجاً عن سوء التعاطي مع الحراك النسوي. ربط المرأة بحمّالة الصدر، أي بالصدر "المقيَّد" في حمّالة، والتغاضي عن تاريخها النضالي، من منح الجنسية لأولادها في حال زواجها من أجنبي، الى الحدّ من تفاقم همجية العنف الأسري، والسماح لها بفتح حساب مصرفي لولدها القاصر، وما سواها من إشكاليات عالقة لولا محاولات بعض العزم النسوي وبعض المجتمع المدني انتشالها من الصمت، ذلك بمثابة التلهّي عن الجوهر بالقشور المتوافرة لتمرير الوقت. تفرض الحملة عودة المرأة كطرحٍ الى المقدّمة، من غير أن تأتي بخلاصة منطقية تتعدّى غريزية الهجوم والدفاع. يبعث عنوانها على الضحك، عاجزاً عن خلْق وحدة الحال ما بين النساء، لاستحالة كون حمّالة الصدر هي القيد، إذ أنّ الغالبية تتعامل وإياها على نحوٍ طبيعي، متناسية زجّها الثديين في قماشة قد تسبب الاختناق للبعض فحسب.
افتعال القضية وحرية الشهوة
يظهر أنّ الحملة تفتعل قضية غايتها الانتشار لمجرّد الانتشار، لادراكها أنّ ما يعوق تقدّم النساء أعمق من قضية حمّالة الصدر. لو توقّفت صاحبتها على آراء نساء عن الأولوية، أهي "فكّ" الحمّالة أم أبسط شؤون الحياة، لمَال الصوت نحو الهزء من الدعوة الى تحرير المرأة بهذا الشكل، فماذا عن "حمّالة" الرجل مثلاً، و"حمّالات" أخرى أشدّ قسوة على المرأة نفسها؟
ثمة مَن يتعاطف، مُحمِّلاً الدعوة عمقاً في البُعد والمعنى، ومن النساء مَن يجدنها صرخة ينبغي اطلاقها. العطفُ مردّه الانبهار بـ"صدمة" يُنشِّطها الخيال تتعلّق بتحرير الصدر (لا المرأة)، أي جعله مادة أكثر شهوانية تروق الرجل (كصدر الكنافة المحّلى المُشتَهى)، في مقابل عادة التغنّي بما هو جديد فيصبح تداوله "ضرورة"، كما هبّ الجميع يلتقط "السيلفي" ويخوض "تحدّي دلو ماء الثلج".
المجتمع الديني هو حمّالة الصدر المراد "فكّها"، أما الثديان (الجسد) فشأن المرأة نفسها، قد تقيّدهما بـ"أقمشة" شتّى وهي عارية.

النهار

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى