نلاحظ في مواقع العمل على مختلف أنواعها أن هناك فئات من الموظفين، يكونون أكثر انشراحاً وبهجة وابتساماً من أقرانهم، بل تجدهم في حماسة وحيوية لأداء مهام عملهم وتكون إنتاجيتهم أعلى خصوصاً خلال فترة الصباح. ولو قدر لك وسألت هؤلاء الموظفين عن سر هذا الانشراح والرضا، رغم وجود أعداد كبيرة من زملائهم يعيشون فترة الصباح بنفسيات مختلفة تماماً، فستجد أن الإجابة تتمثل في الاستيقاظ المبكر.
صحيح أننا جميعاً نضطر للاستيقاظ والتوجه نحو أعمالنا، فتأخرنا ستترتب عليه عقوبات وخصم ونحوها، لذا فإننا لا نقابل الصباح بخفة ونشاط وتفاؤل، بل معظمنا يتلبسه الكسل ويداهمه النوم حتى خلال ساعات العمل، والسبب ببساطة متناهية هي في السهر والتأخر في النوم، نحن نفوت على أنفسنا الكثير من الإيجابيات والفوائد بعدم تنظيم ساعات النوم والاستيقاظ، فعدم أخذ ساعات كافية من النوم في الليل قد يسبب عدة مشاكل تبدأ بالأرق وتصل للإرهاق العام للجسد، بل قد تسبب أمراضاً خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم، وهذا الارتفاع لا يبدأ إلا مع بدايات الصباح.
لكن الأخطر هو ما يسببه السهر من خلل لجهاز المناعة الذي هو معتاد فطرياً على ساعات النوم وساعات الاستيقاظ، وعند السهر يحدث قصور في مهام عمله فيكون الجسم معرضاً للأمراض دون دفاعات، ويقول الكثير من الأطباء إن السهر يصيب العمود الفقري بالانحناء، لأن خلال فترة السهر يكون الجلوس بشكل خاطئ طوال ساعات وتتكرر في كل يوم. هذا فضلاً عما يصيب العينين من التهابات واحمرار.
دون شك إن أثر الاستيقاظ المبكر والتوجه نحو مهامك اليومية سواء المهام الوظيفية أو تجارتك أو غيرها، سيكون له أثر بالغ وكبير، لكن لا يمكن أن تحقق هذه الميزة وأنت تظل طوال الليل مقابلاً شاشة التلفاز حتى ساعات الفجر الأولى ثم تنام لبضع ساعات وتستيقظ بعدها للذهاب لعمل يتطلب منك جهداً ذهنياً وبدنياً، مؤكد أنه سيكون لها أثر في سلوكياتك وتتضح من خلال نفسيتك وطريقة تعاملك مع الذين يشاركونك هذا العمل من الزملاء والناس إذا كان عملك مقابلة الجمهور.
قرأت عن دراسة علمية صدرت عام 2008 أجراها عالم الأحياء بجامعة هارفرد كريستوف راندلر، توصل خلالها إلى أن الأشخاص الذين يستيقظون في وقت مبكر، أكثر إنتاجية في العمل، ولديهم قدرة أكبر في التركيز على أهدافهم المستقبلية. ولا أقول إلا صدق رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، عندما قال: «بورك لأمتي في بكورها».