لا تزال سمة الاعتراض والاتفاق والتباين في وجهات النظر قائمة ما دامت الحياة تسير وهي مؤشرات إنسانية وفكرية تتباين وتختلف وفق الرؤى والقناعة والإقتناع ولا أكثر جدلاً من الخوض في تفاصيل دينية تتعلق بالحياة رغم أن الدين الإسلامي جاء صريحاً واضحاً وبياناً وتبييناً لكل أمر خلافي ويبقى الخلاف في أمور فرعية أما الأصول فتظل ثابتة ويتمسك الجوهر بأصله مهما طغت عليه جوانب الاعتراض والاختلاف.
ووسط كل ذلك يخرج من بين الأصوات المتفقة أو المتوائمة والمتناسبة أصوات خارجة عن الصف تنادي برؤى متطرفة بعض الشيء وتميل كثيراً إلى أطراف المعادلة بعيداً عن الوسطية التي نادى بها الإسلام وهي أساس ومنهج معتدل قائم قويم لا تزعزعه الأهواء ولا النظرات الذاتية البعيدة عن الموضوعية وقد يلجأ بعض المفتين وأصحاب الرؤى لذلك بحثاً عن الشهرة أو إمعاناً في الاعتراض والعناد كسمة نفسية واجتماعية لديهم ولو رأينا أكثر المواضيع جدلاً لكان هو موضوع الرياضة النسائية.
ولو تمعنا في أهمية الرياضة النسائية وأهميتها علينا أن نعمل إحصائية سريعة ولو ليوم واحد عن عدد النساء اللاتي يرتدن المماشي التي جهزتها أمانات المدن، التي أخرجت النساء من مخاوف السير في الشوارع داخل الأحياء أو على الطرق العامة أو السير في مواقع غير مهيأة يتعرضن من خلالها لإزعاج السيارات وخطر العابرين.
وبنظرة سريعة إلى السعوديات فإن البدينات منهن يمثلن ثلثي العدد إن لم يكن أكثر وهذا بسبب أن المرأة بعد الزواج تتحول إلى كائن فوضوي يأكل وينام ولا تتعدى رياضتها أمتاراً بسيطة في مطبخها وما أن تنتهي من أعمال الطبخ حتى تأكل وجبة عابرة في طرف منزو منه ثم تشارك أبناءها وبناتها القادمين إلى ساحة السمنة بكل قوة الوجبات السريعة والأكل الدسم ثم تعاود الربوض في المنزل.
مما يعكس أن الرياضة النسائية في المملكة غير مفعلة وضيقة الحدود وسط سطوة «الوجبات السريعة» و«الكسل المخيف» لدى النساء والبحث عن النوم والراحة بعد إرهاق عمل المنزل وتربية الصغار والأدهى والأمر أن الثقافة تنتقل من الأم إلى بناتها وبين الصديقات وبين الجارات.
الممشى الخاص بالنساء خطوة مميزة ولكنها تظل محدودة وتعاني بعض النساء من صعوبة المشي وسط حدائق مكتظة بالعائلات والصغار حتى أن بعض المماشي تسير عليها الحيوانات مثل الخيل والجمال المخصصة للعب والترفيه إلا أن الوضع يتطلب توسعاً في تلك المواقع وتوفير خدمات مثل الوجبات الخفيفة والمشروبات وتوفير لوحات عن أهمية المشي كي تنخفض ظاهرة السمينات التي باتت علامة فارقة للسعوديات.
وأرى أن يتم التوسع في توفير أندية نسائية خاصة للنساء للخصوصية خصوصاً وأن المشي وحده لا يكفي لتبديد الشحوم في ظل وجود أجهزة رياضية مخصصة للتنحيف والتخسيس وتستطيع المرأة أن تمارس الرياضة مع بنات جنسها بخصوصية داخل تلك الأندية بعيداً عن الحرج بوجود متخصصات يشرفن على النساء وعلى برامجهن الغذائية وعلى رياضتهن بأجور رمزية حتى توائم بين المشي الذي يقي من أمراض كثيرة ويبعث الراحة النفسية ورياضة متخصصة تبعث آمالاً مؤكدة لانخفاض معدل السمنة وكي ترفع لياقة المرأة للتعامل مع مهام المنزل وأعماله وتنمي ثقافتها الرياضية وتكون جزءاً من التوعية لأخريات حول الرياضة وأهميتها النفسية والبدنية والاجتماعية.
هنالك أندية نسائية خاصة محدودة ولكنها مكلفة جداً وباهظة الثمن وأنشئت من أجل المال والمال فقط ولكن المقترح أن تكون هنالك أندية نسائية مغلقة بتعاون بين الجهات المعنية كرعاية الشباب ومراكز الأحياء والأمانات ووزارة الصحة والهيئة ورجال وسيدات الأعمال ويجب قبلها أن يدرس الموضوع دينياً فلا مانع من رياضة مغلقة تمحي الشبهات وتردم الزلات ولو جاءت بصورة رسمية واضحة لاختفت أصوات ستكون أول من يعادي الخطوة ويمادي في منعها.
وهذه خطوة مهمة مثلها كالرياضة المدرسية التي ستؤتي ثمارها وستخرج الطالبات من هم الدراسة ومن ويلات حصص الاقتصاد المنزلي التي تُخرج الفتاة طباخة سمينة. والواجب أن تجمع العلم والرياضة والتطبيق العملي لأعمال المنزل فالأمور الثلاثة مقترنة تخرج لنا أجيالاً واعية مثقفة متوازنة علمياً وثقافياً ونفسياً واجتماعياً وتنمي بين الطالبات حب المدرسة وعشق التعليم بعيداً عن التكرار.. وعلى من ينادي بالتحريم أن يرجع للدين وأن يقرأ أصوله ومنابعه بعيداً عن اجتهاداته الشخصية التي تعطل التنمية وتقتل التنمية وتصر على التكرار ووقفة الحال وتبالغ في رؤيتها أن تظل المرأة على اختلاف الأزمنة جامدة متصلبة كادحة صامتة وعاملة مطبخ وربة منزل ومربية أطفال.
الواجب أن تُدرس جميع ملفات الرياضة النسائية من قبل كل الجهات المسؤولة كملف مهم وألا يغفل الجانب الديني فهو أساس شريطة إسكات أصوات الدخلاء ووضع الخطة بأيدي النبلاء الحريصين على تنفيذ الخطط باتزان ووزن ما بين الدين والحياة دون المساس بالدين والحفاظ على هوية المرأة السعودية.