لا عليكما ... فقط أمسِكا بي قبل أن اسقط؟ فكما تريان أني على حافة هاوية بعد ان تزحلقت مع بقية من...، هيا لا يمكنكن تركي معلقا هكذا! إما .. وأما، لا أريد حلولا وسطية، وعليكن الاختيار يا صديقتاي.
صمت مطبق ووجوم محسوس، مع أنفاس لاهثة من خوف، وأنفاس من هلع، تخلخلت الصخرة التي كان قد ثبت قدمه عليها، صرخ يا ألهي!! كدت أسقط هيا يا إما .. ألا تجدين نفسك ملزمة بمد يد العون لي...؟ إنقاذي كونكِ صاحبة اختيار، أم أنكِ تتحاذ قي معي، وتهمسي لنفسك أنكِ في مكان المتمكن لكنك تأبين وترفضين، لا أعلم كيف أفسر ما أراه من تصرفك هذا؟! أهي محاولة انقلاب على الذات؟؟ أو التفرد، ها..ها..ها ربما أصابتكِ عدوى الأنا ومن بعدي الطوفان، التي شاهدتني أمارسها على مسرحي الوحيد، لعلك تقمصتِها الآن بعد أن جَعَلت كل الجماهير تذعن لهول جبروت وفزع الخوف من مغبة همس في غرف محكمة الإغلاق، أو مجرد الظن والتشكيك في رؤيتي للمستقبل، الذي برجته بمساحيق متعددة حتى ضاعت معالمه الحقيقية...، صمت!!!
ثم زم شفتيه وقال: في الواقع لست نادما على فعلتي، فإن لم أكن أعمل بدور الأنا لنالها غيري، فلِمَ لا أصنع دماغا خلية للأنا الكبيرة؟ ومن ثم يعكف الخدم ذوي الإشارات العصبية، على جعلي ملكا فوق الطبيعة، ربما أتغلب عليهم برش بعض العسل هنا وهناك لغرض في نفس، منها إلهاء في لعق، ومنها تعرضهم لوخز ابر سامة، ربما البعض يكون ذباب متطاير من أجل رائحة تذوق، أي اجعله دبقا، تتجمع حوله الآفات المختلفة، لأبتعد أنا بما في جعبتي من عسل مصفى، هكذا تعودت بعد أن أصبحت أحيا في خيمة ذات أركان متعددة مختلفة، قد يكون هذا الركن أضيق من ذاك، أو هذه البقعة أوسع من تلك، إلا إنها كلها بيوتات ومواقف وقتية محسوبة بمسمى أو لقب، فكلنا يا سيدتي العزيزة مادحون سواء شئنا أم ... شئنا، فنحن لا نأبى، لأن في إبائنا النهاية، لذا ترانا نسير بصف واحد، حاملين بجنوبنا خناجر معقوفة، لا لشيء، إلا لطعن بعضنا في زحمة سير، أو لملمة في ظلمة لرؤوس خيوط، تعمل في محاولة لفك تشابك معالم ضائعة، تنملت أصابعه من الإمساك بنتوءات صخرية، كانت إما سارحة في ملكوت آخر بعد أن تطلعت إلى تلك الهوة السحيقة، التي تزحلق نحوها مَن كان في ساعة مضت طائرا فوقها، أصبح الآن بلا أجنحة متمسكا بأطراف دامية، تقدمت بخطوة نحوه بعد أن أخرجت شريطا ورقيا طويلا ....
فقالت: أنظر إلى هذه، لقد كانت معي منذ البداية، أرصد فيها كل ما يمكنني الوقوع عليه، فقد عملت عليها، وفي الحقيقة ساعدتني في ذلك أما التي بذلت المستحيل لتغيير في معاجم لغوية حتى خرجنا بنتيجة، إن الحياة بلا قيم، كالعيش في مخادع غانيات الليل، اللاتي ينجبن مبادئ لا أصول لها، من أرحام لوثتها الأنا المحرمة والرغبة في التسلط، لذا وجدتني وأما نعمل على وضع دستور جديد، للعيش في باحة بيوتها الإنسانية، التي تسمو في الطبيعة، قانونها العدالة والمساواة، بين كل من يسكن عليها، فالأمر يا أنا محسوب، فبعد أن خلق الله الإنسان، جعل له من العقل ما يصنع دساتير الحياة الكريمة، لذا فقد جعل العقل محسوسا غير ملموس، فكلنا نملك الأدمغة والأمخاخ بمختلف الأحجام، لكن من يملك العقل من بين تلك الأدمغة المختلفة؟؟ إن العقل هو القيمة الحقيقية التي جعل الله الإنسان فيها إنسانا، لذلك قررت وأما، أن نعمل على تسمية واحتنا بواحة العقل، فمن أراد العيش فيها نبذ الأنا بعيدا، ومَن وراءها، ليذوب بين الآخرين دون تَميز، هذا ما كنت قد تعلمته من أما...
كانت قد اقتربت أما لمتابعة ومشاركة حديث، نظر الأنا نحوها مستغربا فقال: كيف لك ان تتغيري!؟ بعد أن رغبتِ في العيش دون تأكيد خلال قيود مصطنعة؟
قالت: لا أدري؟؟ ربما في لحظة رؤيتي لظلم ورياء في النوايا، شعرت ونفسي بأني على خطأ، حينها أدركت عليَ التَغَير، والعمل على رمي كل التبرجات الملونة، وغير الملونة، حتى يتسنى للآخرين التمييز بين الحقيقة والخيال، لقد بات من يؤمن كمن يعيش الغيبوبة سنين طوال، بعد أن استخدمنا التسويف في عبارات مماطلة أجهضت الأيام سوء مزاعمنا، لذا أحجمت وإما، عن الخوض في عبارات مل منها الإنسان، وهو في انتظار بارقة أمل، عمدنا إلى تربية نفوس بعيدا عن السعي والجري وراء اختيارات متعددة، فالخط الأبيض واضح والأسود أوضح، أما الخط الأحمر الذي وقفت على بابه كثيرا متغاضيا عن الأيدي التي تدفع بالآخرين كونهم لا يرحبون بإما، فكانت خياراتهم عبارات لا .. ل إما، ولا ..ل أما، بعد أن اختلطت الأوراق، ورفعت كل همزات التكليف فباتت متشابه، ضاعت فرص الإنسان في اختيار الصحيح، لأنهم ابتعدوا عن المسميات الحقيقية، لجئوا إلى مسميات منمقة بعناوين فقدت حقيقتها، بعد أن أعيد بريقها بنفوس متغيرة، لذا ترانا نريد الانفصال بعيدا عن كل المتغيرات، كونها تحمل عنوانا موحدا، لكنه يحمل نفس النوايا المبيتة لهتك ساتر الحياة الحقيقية، التي لا تريد فقد عذريتها على أيدي ملوثة بفساد أزلي، فإما قررت اختيار الحياة بعيدا عنك أيها الأنا المستبد، وبالنسبة لي فأقول أما لك من عِبر التأريخ القديم عظة، فأنظر أيها الأنا لظلمة جثت، بعد أن شاءت الأيام أن تدفع بها إلى نفس الهاوية، التي تتمسك بها أنت الآن، لأنك لا تحمل من العقل شيئا، إنك مجرد دماغ بخلايا عصبية أو إشارات أيعاز مبرمجة، لذا سقطت ومن مثلك في نفس الهوة، لأنك تتمثل بقانون الأنا القديم.