كلما سمعت اﻷهل يضغطون على ابنتهم للزواج من أحدهم بأقوال كـ : " لا ترفضي الزواج من أحدهم ﻷنه فرصة ربما لن تأتي مرة أخرى.. ﻷنه رزق و حرام ترفضيه.. ﻷنه شاب وسيم و ناجح و لا يوجد به عيب.. ﻷنك بتتدلعي و لا يوجد شخص كامل و لا بدّ من التنازل في النهاية.. "
أتأمل في رفض أم كلثوم بنت أبي بكر الزواج من عمر بن الخطاب و الذي كان وقتها أمير المؤمنين.. و كان سبب رفضها أنه " رجل خشن العيش شديد الغيرة لا يملأ رأسه إلا الرعيّة .. " و قالت أن ما تريده هو رجل يصب عليَّها الحب صباً و يكون عابداً لله..
يعني رفضت ما يساوي الرئيس في عصرنا.. رفضت الجاه و السلطان و النفوذ و القوة.. و رفضت عمر المبشّر بالجنة العادل المُنصف..
سبحان الله صفات لو اجتمعت في شخص اﻵن لقلنا عليه مثالي.. و لكنها قالت لا يملأ رأسه إلا الرعيّة.. ﻷن الاهتمامات أهم من الصفات، و الهدف في حياة كل شخص أهم من مميزاته..
علمت أم كلثوم بحكمتها أنه رغم مثالية عمر إلا أنه لن يُشبع رغبتها في الحب و الحنان، و هذا ما تحتاجه أكثر من كل شيء، كان مثاليا و لكن ليس لها.. و لذلك في الزواج لا نبحث عن المثالي و لا المناسب، نبحث عن من يكمّل نقصنا و يُشبع رغباتنا و يطمئنَّ به القلب..
هناك من يعتبر عمله أهم من كل شيء في الحياة، آخر يهتم بالدين، آخر يهتم باﻷسرة و العواطف كأولوية، و آخر يهتم بالعلم و الثقافة، و آخر أولويته الشأن العام و ليس الخاص، و قد يضحّي بعمره من أجل الدفاع عن مبدأ. و لذلك توافق الاهتمامات أهم من توافق الطبائع، فإشباع ذلك يُخمد نيران الاختلاف في كل شيء آخر..
من الآخر، لا تخشوا الرفض كثيراً، ارفضوا ما دام المرغوب فيه لن يُشبع، ارفضوا و انقذوا الزواج من سمعة سيئة طالته نتيجة سوء اختياركم و تصديقكم لـهُراء.. الزواج مش رزق بس، الزواج أولاً اختيار، اختيار لكم و ﻷولادكم. ابحثوا عن من تسكنوا إليه، سكنٌ هو مش صفقة و مش معادلة !