إذا قررنا المضي في رحلة تاريخية لمشاهدة وضع المرأة، فإننا سنجد تراثاً هائلاً من القسوة والألم تعرضت له النساء في كل بقاع العالم، وندرك جيداً أنه في عصور ماضية كانت المرأة بمثابة ملكية للرجل لا أكثر. وفي الحقيقة فإن عمر تحرير المرأة والبدء في حصولها على حقوقها الإنسانية كاملة قصير جدا إذا تم مقارنته بعمر البشرية، على سبيل المثال في الولايات المتحدة لم توقف المحاكم قانوناً كان ينص بأن للزوج حق معاقبة زوجته المخطئة إلا في عام 1870، ولكم أن تتخيلوا نوع العقاب الذي كان يسقط على كاهل الزوجة وسبب هذه العقوبة. وفي بريطانيا كان هناك تقليد يعطي الزوج الحق في إيذاء زوجته بدعوى الحفاظ على أدائها لمهام عملها، وقد ألغي هذا العرف في عام 1891م. برغم هذا جميعنا يعلم أن في عالم اليوم مازالت مجتمعات كثيرة تنظر للمرأة بتوجس وخيفة وشك وعقاب دون أي جرم أو سبب، وندرك أيضاً أن في عالمنا العربي على وجه الخصوص تسلط بعض من رجال العائلة على الفتيات ومصادرة حقوقهن المالية من الإرث، وسحب أموالهن من البنك في كل مرة تودع رواتبهن الشهرية، وسمعنا بقصص لبعض الأزواج بيده بطاقة الصراف الآلية، حيث يقوم بسحب المال من حساب زوجته في نهاية كل شهر دون الرجوع لها أو طلب موافقتها.
أدرك أن هناك تطورات كبيرة في مجال منح حقوق المرأة حقوقاً إنسانية وقانونية مساوية لما يعيشه الرجل، ولكنني أشير لما يوجد في بعض المجتمعات وفي دول عربية يفترض إنها أكثر تطوراً وازدهاراً، حيث تجد المرأة مكبلة لا تستطيع السفر أو الحركة إلا بوجود مرافق ذكر سواء صغر أو كبر، وفي مجتمعات أخرى يقوم الأخ الأصغر الذكر الذي لم يتجاوز عمره ثلاثة عشر عاماً بضرب شقيقته التي تبلغ العشرين أو الخامسة والعشرين، ودون أن تجد من يستنكر أو يفزع لهذا الشرخ في الإخوة واحترام الكبير، وذلك فقط لأن الأخ رغم صغر سنه إلا انه يتميز بأنه ذكر.. أنا لا أسرد قصصاً من كوكب آخر، بل أنها مشاهد موجودة وماثلة بين جنبات مجتمعاتنا العربية، الفتاة العربية تنتهي حياتها بمجرد الشك والنظر لتصرف عفوي منها بريبة، بينما شقيقها يلف العالم ويقيم علاقات محرمة ويحضر وهو محمل بمرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز، ولا يجد إلا الدعم والمؤازرة والتقدير بأن الخبرة خذلته، أو أن كل إنسان يرتكب أخطاء، بينما تنتهي حياة شقيقته لمجرد الظن.
في كل مجتمع إنساني انظر للمرأة والدور الذي تلعبه حتى وسط تلك المجتمعات التي تظلمها وتسحق حقوقها ومكتسباتها الإنسانية، تجد أن لا مفر من حضورها ومن توهجها وتميزها..
رغم سعادتي بكل خبر يحمل إصلاح وضع المرأة ومنحها المزيد من الحقوق، إلا أنني لازالت أقول ما أعظمك أيتها المرأة، فأنت مناضلة على كل الجبهات وفي كل الأزمان، ولسوف تنتصرين.