فى حوارى معها أثناء تواجدها بالقاهرة لحضور اجتماع منظمة المرأة العربية، سألتها:هل تعانى المرأة التونسية من ظاهرة التحرش الجنسى مثل معاناة المرأة المصرية؟.. قالت لى الدكتورة سهام بادى وزيرة شئون المرأة التونسية: (تونس كسائر البلدان العربية يوجد فيها التحرش الجنسى ولكنه ليس بالقدر الموجود بمصر فلازال هناك تقدير للمرأة، لذا فانه لم يرتق بعد لمستوى الظاهرة).
لم استطع منع نفسى من الشعور بالضيق وربما الغيرة على بلدى التى صارت فتياتها ونساؤها يعانين التحرش الجنسى بشكل واضح حتى انه دعا كتاب الدراما لعمل فيلم عنه وبشهادة كل الحركات والمبادرات المناهضة للتحرش الجنسى فقد اصبح يمثل ظاهرة يعانى منها مجتمعنا واصبحت تحتاج قانونا يجرمها.
صحيح ان كل منها يعمل بجد واجتهاد لمناهضة الظاهرة وربما اول المبادرات النشطة التى تأتى بذهنى هى مبادرة "شفت التحرش" التى تمارس العديد من الانشطة للحد من التحرش خاصة فى المناسبات والاعياد، اذا نزلت فى أى عيد فى محيط وسط البلد فلا شك انك ستجد أعضاء شفت تحرش لحماية الفتيات من أى محاولات للتحرش بهن من الشباب والصبية، مع تخصيصها خطاً ساخناً للإبلاغ عن أى حالات تحرش تصل لغرفة عمليات المبادرة ومن ثم تتجه فورا لإغاثة الفتاه مع توفير قانونى مختص للإجراءات القانونية اذا حررت الفتاة محضرا بالواقعة ، وهنا يكون العائق الوحيد هو عدم وجود قانون يجرم التحرش الجنسى.
شعرت بالمهانة وأنا اسمع الوزيرة التونسية وهى تقول إن التحرش لم يرتق بعد الى حد الظاهرة فلازال هناك تقدير للمرأة، ورغما عنى شعرت بالحزن على الوضع الذى آل اليه مجتمعنا المصرى الذى كان يقدر المرأة ويحترمها وكان يمتاز شبابه "بالجدعنه"، اصبح اليوم شبابا متحرشا يحتاج الى قانون لردعه.
وما يؤكد ايضا احتياجنا لقانون للتحرش الجنسى توصيات الدراسة التى اجرتها الدكتورة بثينة الديب بالتعاون مع هيئة الامم المتحدة للمرأة والمركز الديموجرافى ومعهد التخطيط القومى تحت عنوان طرق وأساليب القضاء على التحرش الجنسى فى مصر والتى كان أولها التوصية بإصدار قانون جديد يجرم التحرش الجنسى للاناث ويضع عقوبات رادعة على المتحرش.
هذا القانون الذى كانت ومازالت المنظمات النسوية "تتسوله" من كل مسئول، فمازلت اتذكر تلك الوقفة الاحتجاجية يوم 4 اكتوبر 2012 امام قصر الاتحادية لمطلب واحد رئيسى هو اصدار قانون يجرم التحرش.. هذه الجريمة التى لا يوجد لها حتى اليوم توصيف فى القانون، كنت اتصور وغيرى ان الرئيس الذى كان يحمل لواء الشريعة سيسارع بإصداره حماية لنساء مصر ولم ينل الواقفين يومها سوى التجاهل.
عُزل الرئيس وتولى زمام أمور مصر رئيس جديد عين له مستشارة لشئون المرأة فتفاءلت خيرا وتصورت "وهما" ان القانون سيُسن بين ليلة وضحاها حماية لفتيات ونساء مصر وحتى اليوم ورغم مناداة جميع المنظمات والمبادرات والحركات النسوية بقانون لتجريم التحرش إلا انه لم يحدث.. ويبقى السؤال هل نذهب مرة أخرى للاتحادية وننادى قانون للتحرش يا محسنين؟.