الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

"الإبداع الشعبى والمرأة المصرية" دراسة تنتصر لدور المرأة فى الإبداع الأدبى الشعبى

  • 1/2
  • 2/2

الإبداع الشعبى والمرأة المصرية" عنوان أحدث كتاب من تأليف د. خالد أبو الليل، والكتاب –وهو رقم 160 فى سلسلة الدراسات الشعبية الصادرة عن المجلس الأعلى لقصور الثقافة- هو رؤية واعية ودقيقة للدور الذى لعبته المرأة فى الإبداع الأدبى الشعبى، وذلك من خلال قدرتها على التعبير الأمين عن المُخيلة الشعبية والتى تحتوى على مفهوم الجماعة عن الكون والحياة والبشر.
ولأن المرأة هى حافظة التراث فإنها من خلال هذا الدور حرصت دوما على تثبيت قواعده وغرس منظومة القيم التى يحتويها الموروث الثقافى لتكون بهذا حامية الهوية من الانقضاض والتشويه والمسخ. ويكشف الكتاب أيضا عن صورة المرأة ووضعها فى الخيال الشعبى العربى كما ورد فى السيرة الهلالية..
ويشير المؤلف إلى غرابة موضوع الدراسة على البعض، تلك الغرابة فى أن يتخذ المؤلف من إبداعات المرأة المصرية الشعبية موضوعاً له، وذلك فى مجتمع معظمه لا يعترف بأن هذه الحكايات هى إبداعات ترتقى إلى مصاف الأدب الذى يستحق الدرس والتحليل، ويدخل من خلال كتابه إلى عالم حواديت المرأة المصرية والتى تسعى من خلالها –بذكاء شديد- لتثبيت المبادئ وغرس القيم ونقل المعارف لصغارها، فيركز على إبداع المرأة الشعبية، تلك المرأة التى لم ينتبه أحد إلى أنها لا تقل إبداعا عن غيرها من المبدعين، فقد عبَّرت عن نفسها على نحو مختلف لا يعبرو عن ذات فردية خاصة، وإنما ذات جمعية استشعرت المرأة أن هذا هو دورها ومهمتها التى حددتها لنفسها : تأكيد قيم إنسانية تُنشئ عليها أبناءها.
واعتمد الكتاب على نوعين أدبيين شعبيين، هما: الحكاية الشعبية ممثلة فى الحدوتة، والسيرة الشعبية ممثلة فى السيرة الهلالية. على اعتبار أن أولهما نوع أدبى شعبى نسائى، وثانيهما ذكورى من حيث الرواية، فالحدوتة عبَّرت عن قدرة المرأة فى التعبير عن قضاياها وأحلامها وألامها وآمالها، أما السيرة فلم تغفل دور المرأة فيها.
ويتكون الكتاب من قسمين، القسم الأول يتعلق بالدراسة النظرية، وفيه يتناول المؤلف "صورة المرأة العربية فى السيرة الهلالية" ويسعى لمحاولة استكشاف صورة المرأة العربية فى السيرة الهلالية فى النصوص المدونة والروايات الشفاهية، بهدف التعرف على مدى التغير أو التطور الذى لحق بصورة المرأة، وطبيعة الأدوار التى ارتبطت بها، معتمدا على النصوص المدونة وعلى عدد من الروايات الشفاهية للسيرة الهلالية التى جمعها المؤلف من مناطق مختلفة ومن رواة رجال وراويات نساء، ويجيب فى هذا الفصل على عدة تساؤلات رئيسية:
ما علاقة المرأة العربية بفن السيرة، من حيث الرواية أو من حيث المضمون والقضايا المطروحة؟
هل يوجد اختلاف بين بنية الرواية الهلالية التى يرويها رواة رجال عن تلك التى التى ترويها راويات نساء؟
محاولة المقارنة بين رواية ذكورية لإحدى القصص الهلالية (التى تهتم بصورة المرأة ودورها) مع نظيرتها برواية إحدى السيدات.
دراسة طبيعة العلاقة بين النصوص الهلالية (المدونة والشفاهية) وبين المجتمعات التى تتناقل هذه النصوص بهدف التعرف على ما إذا كانت صورة المرأة وأدوارها الموجودة فى الهلالية ذات الصلة بالمجتمع؟ أم أنها مبتورة الصلة عنه؟
أما الفصل الثانى وهو بعنوان: "المرأة فى السيرة الهلالية" فيستهدف إلقاء الضوء على الأدوار المختلفة التى تلعبها بعض الشخصيات النسائية فى المأثور الشعبى العربي متوقفا عند شخصية "الجازية ابنة السلطان سرحان الهلالى" ودراسة صورتها وأدوارها المختلفة السياسية والاجتماعية فى ضوء الروايات المدونة والشفاهية، وإلقاء الضوء على مدى التغير الذى لحق بهذه الشخصية من جراء تغير الظروف الاجتماعية والثقافية التى تعيش فيها.
ومن النقاط الهامة التى يثبتها المؤلف فى هذا الفصل موضوعية المبدع الشعبى فى تناوله للقضايا المجتمعية، كما يكشف عدم تحامل الأدب الشعبى (فى السياقين الشفاهى والمدون) على المرأة، مخالفا بذلك ما يذهب إليه البعض بالقول إن الأدب الشعبى ذكورى النزعة؛ لتحيزه الشديد للرجل، وتحامله على المرأة. وتتبدى هذه الموضوعية والحيادية ويتجلى الدور الإيجابى للمرأة فى هذه الروايات، حيث يعطى هذه المساحة من الأهمية والإنصاف للمرأة.
أما الفصل الثالث فينتقل الكاتب من خلاله إلى الحدوتة، وهو بعنوان: "المرأة والحدوتة.. دراسة فى الخطاب الحكائى الشعبى للمرأة المصرية"، ويبدأه بتعريف الحدوتة كنوع أدبى شعبى، وخصائصها وشخصياتها وصيغ ختامها، مشيرا إلى أن أكثر رواة الحواديت من النساء، حيث يقول أحمد أمين معلقاً على مجموعة الحواديت التى يوردها فى قاموسه بأنها حواديت: "تحكيها العجائز وخاصة بالليل"، وهو نفس المعنى الذى عبر عنه كل من عبد الحميد يونس ومحمد لطفى جمعة، ويؤكد الكاتب أن خاصية ربط رواية الحدوتة بالنساء لم تقتصر على المجتمع المصرى، بل هى ظاهرة عالمية، مشيرا إلى أن هذا الربط بين الحدوتة والنساء –عالميا- كان له أثره السيئ، حيث كثيرا ما كوفحت الحواديت –كما يقول فون ديرلاين- "... بما فيه الكفاية بوصفها حكايات عجائز".
أما جمهور الحواديت، فإنها تتطلب جمهورا معينا توفر فى عالم الأطفال، وقد علل محمد لطفى جمعة هذا الربط بين الحواديت وجمهورها من الأطفال قائلا: "... وكل قصة تروى للأطفال تكون من هذا القبيل لحاجتهم إلى التهذيب النفسى والتسلية، واستعداد عقولهم فى حالتها الفطرية لقبولها"..
ويتوسع الكتاب فى دراسة "الحدوتة" من حيث كونها فنا نسائيا، مازجا الدراسة النظرية بنتائج الدراسات الميدانية التى أجراها فى أماكن مختلفة، كذلك استفاض فى الحديث عن قضايا المرأة التى عرضتها الحدوتة، مستخلصا النتائج من طريقة الحواديت فى عرض هذه القضايا.
ويتناول القسم الثانى من الكتاب "النصوص الشعبية المجموعة"، وفيه يورد المؤلف مجموعة كبيرة من النصوص الشعبية التى جمعها وصنفها تحت خطين رئيسيين، الأول: روايات نسائية للحواديت، وفيها: روايات مركز إطسا، وروايات مركز سنورس، وروايات مركز ومحافظة الفيوم، والخط الرئيسى الثانى "رواية نسائية للسيرة الهلالية".
ويبدأ الكاتب كل حكاية بذكر الراوية "النسائية" وتعريفها للقارئ، ثم يذكر "حدوتتها".. والملاحظ أن بعض الراويات التى يحتفى بحواديتهن أُمِّيات لم تحصلن على أى قدر من التعليم، ورغم ذلك فهن غزيرات الحفظ تمتلكن مهارات أدائية عالية وعلى وعى كبير بما يروين.
بقى أن نشير إلى أن هذه الدراسة تُعد استكمالا لمشروع ضخم وطموح أخذه الكاتب على عاتقه، تعرض له فى كتابه الذى صدر عام 2008 بعنوان: "المرأة والحدوتة: دراسة فى الإبداع الشعبى العربي للمرأة المصرية"، ثم عدد من الأبحاث اللاحقة وصولاً إلى هذه الدراسة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى