أسئلة تدار حول غياب الأدب النسوي العراقي، وبشأن طبيعة هذا المصطلح وفاعليته، مثلما تثار أسئلة حول مرجعيات هذا الغياب وأسبابه..
هذه الأسئلة تمثل همّاً كبيراً للمثقفين أولاً، ولترسيم أفق أكثر جدّة لهوية المشهد الثقافي العراقي ثانياً، إذ تضعنا عند توصيف قسري للهمّ الاجتماعي الذي بات إزاءه المثقفون، وهم محمولون على نزوع ذكوري أكثر قسوة في التعبير عن تعقيدات هذا الهمّ الاجتماعي والأخلاقي والثقافي، فضلاً عن تداعياته على المعطى التوصيفي للمشهد الثقافي الذي تحول الى مشهد فيه الكثير من التقاطع، برغم كل تمظهرات الحرية التي أخذت تعبّر عن واقع تاريخي جديد.
البعض يقول إن أدب المرأة هو أدب الحياة، وانه أدب السلام، أو حتى الأدب السري والمضاد، وربما هو الأدب ذو الشفرات التعبيرية التي تخص الوجود والجسد، مثلما هو تعبير عن قوة وفاعلية المشاركة في المشهد والحراك الاجتماعي، والذي تكون فيه المرأة القوة الاجتماعية والثقافية المؤثرة على حراكه وعلى سيروراته.
هذا الحديث ليس مراجعة لما جرى، وما يجري، بقدر مايسعى إلى تأشير واقع الحال الذي يفترض إيجاد فضاءات أكثر ايجابية على مستوى تنمية الحراك الثقافي والاجتماعي للمرأة، واتاحة المجال لها لطبع كتبها، والاحتفاء بها، فضلاً عن دعم المؤسسات والهيئات المدنية للحراك النسائي، وايلاء الجانب الثقافي الأهمية الاستثنائية، من منطلق تاريخي- أزمة النظر المشوبة بالحذر إزاء أدب المرأة- ومن منطلق ثقافي- تأمين فرص استثنائية لتوسيع المشاركة والنشر في الصحف والمجلات- ومن منطلق اجتماعي- اتاحة المجال للحراك الاجتماعي الانساني المدني.
ولا أحسب إن البحث عن مقارنات بشأن طبيعة ماكانت تمثله المرأة في الحياة الثقافية وفي اللحظة المعاصرة، أمر ذو جدوى؛ لأن معطى الماضي الثقافي ارتهن لنمط من المركزيات التي كان الأدب برمته خاضعاً لتوصيفاتها، مع وجود بعض الاستثناءات التي نجدها في كل زمان ومكان، وان الأسماء التي كانت تمثل حيوية المشهد الثقافي مازلنَ يكتبن وإن في المنافي، وهذه الكتابة تمثل صوتاً أكثر قوة، وأكثر انحيازاً للحرية في التعبير عن القيمة الجمالية والأخلاقية للحرية ولمشروعها الإنساني. ولكن المشكلة التي أود أن أسلط الضوء عليها تكمن في البحث عن اعطاء فرص للأجيال الجديدة، الأجيال التي تحتاج فعلاً إلى وعي الحرية إنسانياً وإبداعياً، وتلمس قيمتها على مستوى صناعة مشهد ثقافي جديد وفاعل، مثلما هو الدعوة لتشجيع المبدعات العراقيات من هذه الأجيال للكتابة، وإمكانية قيام المؤسسات الرسمية في وزارات الثقافة والتعليم العالي والبحث العلمي والتربية بدعم هذه التوجهات وتبني برنامج طموح لتشجيع الكاتبات من الأجيال الجديدة، خاصة في الجامعات والمدارس الاعدادية والمتوسطة. فضلاً عن الدعوة للمؤسسات الثقافية والاجتماعية المدنية لتبني مثل هذه المشاريع باتجاه خلق بيئة ثقافية نامية وفاعلة وأكثر استعداداً للاستغراق في فضاءات الحرية في العراق الجديد.