مع وجود قرابة 16 مليون مبرمج في العالم، من بينهم نسبة تتراوح بين 10 و15 في المائة من النساء، أصبح عدد النساء المبرمجات يزيد على مليوني مبرمجة - لكننا لا نراهن أبداً. فالنساء الفنيات لا يظهرن ويعملن من وراء الكواليس على الرغم من إسهاماتهن المهمة والراقية. في عالم التكنولوجيا، عادة ما نكمل ما بدأه العمالقة من كبار المفكرين والمخترعين - وهم رجال ونساء تعاونوا وقدموا ابتكارات لكي نصل إلى ما نحن فيه الآن. وهناك العديد من رجال الأعمال وعلماء الكمبيوتر والأبطال والمبتكرين الذين جاؤوا قبلنا - ورغم ذلك، فإننا نواجه تحدياً خطيراً بسبب عدم القدرة على رؤية المبدعين المعاصرين.
في فيلم «جوبز»، الذي قدمته هوليوود، تم تقديم جميع الرجال في فريق «ماكنتوش» الأساسي وكانت لهم أدوار بارزة، لكننا لم نجد «جوانا هوفمان» أو «سوزان كير»، وهما من فريق العمل بشركة «آبل»، على الرغم من أنهما كلتيهما كانتا جزءاً أساسياً من الفريق الأساسي لتطوير منتجات «ماكنتوش»، كما أن إنجازاتهما غيرت وجه شركة «ماكنتوش» وكذلك صناعتنا.
وفي الأفلام التي تدور حول عبقري الرياضيات «آلان تورينج» في جامعة كامبريدج (مؤسس علم الحاسوب الحديث)، فإننا نادراً ما نلتقي بإحدى السيدات العبقريات في هذا المجال بحديقة «بلتشي». والقائمة تطول وتطول – ففي الأفلام التاريخية والمعاصرة التي تدور حول صناعتنا، عادة ما تقتصر الأدوار النسائية على الاهتمامات العاطفية، ونادراً ما تظهر سيدة تقنية ضمن المساهمين الأساسيين. وترسم أفلام الخيال العلمي نفس المستقبل غير المتوازن بين الجنسين، والقليل من الأفلام عموماً تمر باختبار «بيشدل»، الذي يعنى بإجابة سؤال حول وجود شخصيتين نسائيتين رئيسيتين في عمل روائي يجري بينهما حوار حول أي موضوع غير الرجل.
وقد وجد معهد «جينا ديفيس» حول النوع في الإعلام، من خلال دراسات أجريت بالتعاون مع كلية «يو إس سي أننبيرج»، أن نسبة الشخصيات الذكورية مقابل الشخصيات النسائية في قنوات الأطفال التليفزيونية هي 3 إلى 1، مع سيطرة الرجال على 80 في المائة من الوظائف في تلفزيون وأفلام الأطفال. إننا في حاجة إلى مساعدة هوليوود وغيرها من مراكز إنشاء الوسائط على إصلاح هذا الخطأ الضار. وبمساعدة بحث معهد «جينا ديفيس» والحاجة إلى التحول، فقد بدأنا ومعنا كثيرون آخرون بمد يد العون من خلال التواصل مع كبار الشركاء الإعلاميين.
كما أن لدينا فرصة هائلة للمساعدة على تغيير السرد وكذلك أفعالنا – وأن نعمل جميعا، رجالا ونساء جنبا إلى جنب نظرا للدور المهم الذي يمكننا القيام به في هذا الشأن.
وكأرباب عمل، يمكننا جذب وتوظيف واستبقاء النساء المتميزات. ففي شركة «جوجل»، على سبيل المثال، نهدف إلى بناء التكنولوجيا ومساعدة الناس على تغيير العالم، ومن المرجح أن نحقق نجاحا إذا تمكن جوجل من أن يعكس تنوع مستخدمينا. وكما هو الحال في الشركات الأخرى، فقد أنشأنا شبكات دعم داخلية ومجتمعات؛ وقد تعلمت السيدات من كونهن جزءاً من شبكة جوجل العالمية للسيدات Women@Google والتي تضم أكثر من أربعة آلاف امرأة من الباحثات على مواقع الإنترنت في أكثر من 27 دولة.
وباعتبارنا قادة للفرق، يمكننا إبراز سبل لجعل حياة الآباء العاملين أكثر سهولة. فكر في البرامج المفيدة التي تدعو إليها، وما هي بيئات العمل المرنة التي يمكنك إنشاؤها. ويوجد أحد برامجنا المفضلة في حرم «جوجل» في تل أبيب، وحرم «جوجل» في لندن، والتي تتيح الفرصة لتشغيل المجتمعات.
وقد طور الفريق هناك حرماً للأمهات، ومن خلال جولة في المسرع التكنولوجي التقليدي، تستطيع الأمهات الجدد اللائي يتطلعن إلى إطلاق منتجات وبناء شركات أن يجتمعن من خلال برنامج رسمي، وأن يلتقين مرة أسبوعياً واصطحاب أطفالهن. كما أن هناك مساحات مخصصة للعب وأخرى لإطعام الأطفال، والجميع يبني معاً.
وتأتي النتيجة مذهلة وتكون دليلاً على أن بإمكاننا اختراق السقوف والجدران التقليدية في نماذجنا القديمة. وكأفراد، يمكننا مزج الفضول للتعلم مع ثقة قوية ومستدامة في أنفسنا لنعلم أنه بمقدورنا تحقيق إنجازات هائلة. ولا تخش أو تتردد في طلب المعونة، لكي تعرف ما لا تعرفه، وأن تبحث عن الإرشاد والتعلم من أدوار النماذج التي تحترمها. لقد تعلمنا جميعا وفي كل المهن بشكل كبير من مرشدين رائعين، رجال ونساء (تسترشد «ماري» بـ «ميجان» باعتبارها واحدة من الناصحين المؤثرين في حياتها). عليك أن تبحث عنهم. وعندما تكون في وضع يمكنك من العطاء والقيام بنفس المهمة، عليك القيام بذلك بكل إخلاص.
علينا أيضاً أن نتوخى الحذر في ألا نعتبر القضية تتعلق بإصلاح وضع المرأة - إن القضية تتعلق بإصلاح ورفع مستوى الثقافة التكنولوجية لدينا حتى نصبح أكثر ترحيباً بالأشخاص غير الموجودين بكثافة، حتى يصبحوا أفضل.