في الاردن حوالي 15 قضية اتجار بالبشر معروفة سنويا، بحسب ما اوردته احصائيات لجهات رسمية معنية، ويبدو من ذلك أن ثمة غموضا يلف تسجيل الحالات لدى السلطات المعنية.
لا توجد حالات اتجار بالبشر بالمعنى الحرفي والكامل لهذا الجرم، وفي نظر مسؤولين معنيين فان الاتجار بالبشر ظاهرة كونية تطال بأذاها دولا كثيرة، حيث باتت اليوم أهم واخطر جريمة، تقف وراءها عصابات عابرة للدول، تجني أموالا هائلة من هذه التجارة السوداء.
بعيدا عن تلك الجوانب، نجد أن الاعلام قلما يهتم بملفات الاتجار بالبشر، وربما يقتصر اهتمامه على قضايا عاملات المنازل من الجنسيات الاجنبية، وما يتعرضن له من اعتداء جسدي ومعنوي وسلب لحقوقهن المالية، وحجز وثائقهن الشخصية وغيرها من مفاعيل انتهاكات غير قابلة للانقطاع.
كل أسبوع تقريبا، نسمع عبر وسائل الاعلام عن قصة جديدة : انتحار عاملة منزل أو تعرضها للاعتداء وقضايا تعنيف وحجز حريات، أغلبها يحل عادة بصيغ توافقية بين سفارة العاملة في عمان ومكتب عاملات المنازل والكفيل، وقلما يكتمل التحقيق في ملف قضية عاملة منازل.
قبل وبعد ذلك، لا يمكن تناول الاتجار بالبشر دون الاقتراب من ملف « الدعارة « و» فتيات الليل « القادمات للاردن من بلدان عربية وأجنبية، للعمل بها دون علمهن المسبق، من زوايا هذا الملف فان المعالجة ستتناول قضايا كثيرة لا تعد ولا تحصى، مسكوت عنها، وممنوع الاقتراب منها، لربما أنها مسكونة بهواجس ومحاذير اجتماعية واقتصادية وأمنية أيضا.
غير أن ما لا يعلمه الجميع أو يتجاهلون الاعتراف به، أن ملف « فتيات الليل « كنز أسرارا سوداء لأبشع قضايا شبيهة بالاتجار بالبشر، وتتركز مظاهر ذلك، بحجز وثائق عاملات المنشآت السياحية « النوادي الليلة، واجبارهن على العمل بظروف غير عادية، وتعريضهن الى اعتداء جسدي ومعنوي، وعدم الالتزام بدفع أجورهن،- وقد تكون الاخيرة أهون واحدة.
يفضل كثير من « المسؤولين المعنيين « عدم التطرق الى هذا الموضوع وتجاهله وتناسيه، فاتحين الباب على مصراعيه لحالة غير منضبطة لنشاط يصنف تحت العناوين العريضة للسياحة، حتى مجال الرقابة فانه يقتصر على لجان دورية تعمل بشكل « شكلي «، دون التفكير بوضع ضوابط رادعة ووقائية تحتمي بتشريعات وطنية عادلة ورشيدة.
وربما أن الجديد اليوم، هو ما كشفه رئيس نقابة عمال الخدمات العامة والمهن الحرة خالد أبو مرجوب، عن مئات الشكاوى التي تصل شهريا الى النقابة، ومصدرها «فتيات ليل» يعملن في نواد ليلية، يتعرضن لانتهاكات لا حدود لها، ولا يجدن سبيلا بحكم أكثر من عامل حتى يصلن بشكواهن الى السلطات المعنية.
ظواهر خطيرة ومقلقة أخلاقيا واجتماعيا تنتشر بقوة في قطاع السياحة رغما عن القانون، ومساحة واتساع مراقبتها وردعها ومقاومتها يبدو أنها محدودة ومحصورة، وما هو مرعب أكثر بحسب أبو مرجوب ازدياد نشاطها مع وجود الاف من «فتيات « عربيات وأجنبيات يعملن بطرق غير قانونية غير حاصلات على تصاريح عمل ولا أذون اقامة.