قرن اسم المرأة بالأسرة وتارة اخرى بالمجتمع والتنمية، وهذه دلالة على أن المرأة هي العنصر الرئيسي في التنمية الاجتماعية، فغالب البرامج التي تستهدف تنمية المجتمع تتوجه أولا للمرأة في مختلف مراحل حياتها ليس لانها عنصر ضعيف بل لانها مصدر الحياة والنمو وتعافيها يعني تعافي المجتمع، فقد أصبح وضع المرأة مؤشر قياس على تطور وتحضر المجتمع، وهنا تكمن مأساة المرأة في وضعها في أجندات ومفاهيم متناقضة تصارع بعضها البعض في أرض المرأة وتظل هي الخاسر الوحيد.
فمشكلة قضاياها تتعدى حدودها لتتداخل مع حدود الرجل والعائلة والمجتمع لذا نرى مدى حرارة النقاش والعنف اللفظي بين الرجال المتحمسين لقضايا المرأة، فاختلط ما هو من الدين بما هو من العرف بما هو ذكوري فتنقلب الموازين وتصبح الصورة مشوشة يصعب على العاقل تحديد أين المشكلة والفصل بين ما هو حق وما هو غير ذلك، فانتشرت عبارات مزدوجة التوجه مثل (ليس حراما لكنه ممنوع) أو (يجوز لكن ليس الآن) هذه العبارات أو بالأصح الأفكار تدل على ظهور خلل في التفكير المنطقي عندما يمس المرأة كبوصلة تعرضت لمجال مغناطيسي فشتت توجهها.
عندما ينزل المتصارعون لميدان الحياة ويطرحون سؤالا على النساء سوف نجد أن الملخص النهائي للإجابة طلب حياة كريمة تحفظ عفتها وتقيها شر الحاجة وتعطيها مكانتها التي حفظها الإسلام وكل شرائع الأرض من كرامة وتقدير واعتزاز بها وليس العكس، لذا فمهما كانت الوسائل أو نقط البداية فالأمر ينتهي هنا.
في السنوات الأخيرة دخل عدد من السيدات في مجال تنمية المرأة وهذه بشرى خير فلا يعرف قضايا المرأة إلا المرأة، وبالرغم من أن الوقت مبكر على تقييم تجربتهن نظراً لحداثة التجربة وحجم التحديات التي تواجهن، فإن الامال كبيرة عليهن في إخراج قضايا المرأة من ساحة الصراع الايدلوجي إلى فضاء التنمية الاجتماعية وتجنب الملفات الأكثر سخونة والأقل نفعاًً، فالخبر الجيد والسيئ في نفس الوقت أن التحديات متنوعة وكثيرة وفيها ما يتفق عليه الجميع ويدعمه، فما علينا إلا أن نبدأ بهدوء في إعادة نسج الأولويات بشكل يوضح الصورة.