بعد تحدي صب دلو الماء البارد، وقراءة عشرة كتب، وصب دلو من التراب، في تقليد لانقول أنه تقليد أعور من أجل حصاد شهرة بأقصى سرعة. صارت التحديات بالمغرب تنافس بعضها في تقليد يأتي حسب مزاج الفصول الأربعة. وأخيرا انضافت شابة مغربية إلى أشهر المتعريات العربيات،من خلال الكشف عن نهديها، والاكتفاء بارتداء تبان مثير اللون، باعتبار أن العري له تأثير بصري جد فعال، وأيضا من أجل إبراز أن لها لياقة بدنية أفضل، وأن القوام له تأثير على أداء المهارات. وهذه الشابة التي ظهرت شبه عارية، لا ترتدي سوى لباسها الداخلي ومن غير حمالة النهدين، في صورة غلاف مجلة ناطقة بالاسبانية، تظهر من خلالها أن هذه الشابة لاتشعر بأي خجل…هل أرادت هذه الشابة أن تقول للعالم أن لديها أجمل جسد وأكبر نهد، لتحفيز النساء اللواتي يعانين من البدانة على ممارسة ألعاب القوى لتساهم في تعزيز البنية العضلية لأجسامهن. لكن أشكال التعبير هاته، تبقى مقبولة في العالم الغربي، لأن أسلوب التعري هناك للفت انتباه وسائل الإعلام، أما في العالم العربي فيوضع التعري، في إطار مناهضة الثقافة السائدة بين أبنائه. لكن المستفز والغير مفهوم في صورة غلاف المجلة الاسبانية أن جديلة الرحموني، وشمت كلمة مائلة مكتوبة بالعربية وغير مفهومة، تظهر بعض حروفها على جسدها، وبالقرب من صرتها. وهل هو استفزاز للغة العربية أم ماذا؟ وأمام ذلك فبعض التعليقات في مواقع إلكترونية، قالت مادامت لم تغير اسمها، وحافظت عليه فمن حقها أن تعيش حياتها الجديدة كما تريد، وكما يحلو لها مع سلوك وتقاليد البلد الذي تحمل جنسيته. .
وقبل هذا الأسلوب في التعري، الذي أقدمت عليه جديلة الرحموني، العداءة الأولمبية بطلة مسافة 800 متر التي حصلت على الميدالية الذهبية في بطولة اسبانيا 2014 في مسافة 800 متر بتوقيت 2,03 دقائق؛ كان قد سبقتها عدد من النساء، وهن الشابة المصرية علياء المهدي والفنانة السورية هالة الفيصل، والشابة المغربية حنان زمالي، والفنانة التونسية نادية بوستة والممثلة الإيرانية كَلشيفته فراهاني. وكانت جديلة الرحموني،المغربية الأصل والإسبانية الجنسية ظهرت عارية على غلاف مجلة آنترفيو إسبانية الأكثر انتشارا ، ولم تكشف إلى حد الآن الأسباب الموضوعية المقنعة التي جعلتها تستخدم عري الجسد المؤنث، هل لأجل الاعتراض على قمع الجسد، وعلى تقييد حريات النساء. في الحقيقة لم تتحدث جديلة الرحموني عن دوافعها إلى التعري،لكن رسالتها وصلت إلى المغاربة لما اهتمت كل الصحف المغربية بموضوع عريها، إلا أن وسائل الاعلام الرسمية لم تهتم بمعاناتها، ولم تسأل كيف وصلت إلى الضفة الأخرى لتحقيق ذاتها وطموحها. وهل ينبغي بعد ذلك أن ننظر بملء البصر والصوت إلى نصف الكأس المملوءة، أو نتغاضى عن بقية ما تحتويه تلك الصورة من رسائل، كيف يحقق الأبطال المغاربة تحديهم في حصاد ميداليات الذهب.
هذا وقد تحدثت البطلة جديلة الرحموني للمجلة الاسبانية عن محنة الأبطال الرياضيين، وخاصة في صنف ألعاب القوى باسبانيا، واعترفت أنها كانت من يؤدي نفقات تنقلاتها، لحضور الملتقيات والدورات التدريبية المنحة، التي خصصها لها النادي الذي تنتمي إليه، بالاضافة إلى ما توفره لها شركتين محتضنتين لها.
من جهة أخرى، خلف ظهورها على غلاف مجلة آنترفيو الاسبانية ردود فعل متباينة، من طرف نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب أصولها العربية والاسلامية، فمنهم من استنكر تلك الصورة، وقام بحجب ثديها قبل نشرها،كما فعلت الكثير من المواقع الالكترونية، وهناك من ربط بين العري والواقع السياسي والاجتماعي في العالم العربي. أضف إلى ذلك هو اللامبالاة التي كانت تعانيها هذه البطلة الأولمبية التي حصدت الذهب ولم يلتفت إليها أي أحد من مواطنيها بالمغرب لدعمها.
وهناك من ذهب في تفسير وتوضيح صورة غلاف المجلة واعتبر أن جديلة الرحموني، العداءة الأولمبية التي تضع ميدالية ذهبية، أنها تعبر عبر ذلك بفوز وانتصار بطعم نشوة عري الجسد. ويعد ذلك منها رسالة تؤكد أن هذه البطلة عازمة ومصرة على خوض غمار الملتقى الدولي 2015 والظفر بالميدالية الذهبية. وقالت المجلة الاسبانية إن العداءة جديلة تعتزم خوض غمار الملتقى الأولمبي لألعاب القوى، وتحقيق نتيجة الفوز بالذهب في مسابقة 800 متر.
وفي قراءة ما أقدمت عليه من جرأة العداءة الأولمبية الطامحة إلى جني ثمار الذهب، يذكرنا ذلك بالأسلوب الذي تتبعه مؤسسة حركة فيمين Femen، والتي اشتهرت ناشطاتها بالكشف عن نهودهن كتعبير جديد في الاحتجاج من توجيه رسائل ولفت الأنظار بواسطة لغة العري.
وتساءلت مواقع إلكترونية ما هي دوافع إقدام مهاجرة مغربية على عرض جسدها في مجلة إسبانية هل هي طبيعة من أجل خالف تعرف، أم للفت الانتباه لقضية معينة لم تجرأ عن الافصاح والتعبير عنها.
ويبقى السؤال لو أن جديلة الرحموني، ظهرت عارية الجسد في مجلة علمية لكان الأمر عاديا،لأن الناس تختلف في الأذواق، وتقدر وتقدس العلم، لأن العري في كل ما هو علمي مقبول بكل عفوية.