إن المرأة هي قلب المجتمع النابض، الذي يهب السعادة لكل شيء من حوله، وقد أولاها الإسلام عناية فائقة، في تربيتها وإعدادها وتعليمها وحفظ حقوقها في أدوارها المختلفة، بوصفها بنتًا وأختًا وزوجًا وأمًا، وتراثنا الإسلامي الأصلي يحوي نماذج فذة في التأكيد على تكريمها ورعايتها.
بينما ما تؤسس له النظريات الغربية حول المرأة، يكشف عن مدى الخلل والانهيار الأخلاقي في مختلف الاتجاهات. وفي عصرنا الراهن نجد الترويج لتطبيق تلك النظريات يتخذ أشكالا ملونة، جذابة شكلا وجدباء مضمونًا، وفي مختلف المستويات والمحافل؛ إذ يتمثل الترويج لها في أطرٍ مؤسسية وتجارية موجهة، وبنظرة فاحصة يتضح لنا إخفاق هذه المجتمعات في تكريم المرأة وصيانة دورها.
وتتجه المرأة السعودية اليوم لإثبات ذاتها، وتعزيز دورها بجد واجتهاد، ملهمة الآخرين برجاحة عقلها وكفاءتها البارزة في المجالات الدراسية والوظيفية والتخصصية، فضلا عن تفوقها في أداء رسالتها التربوية على صعيد الأسرة والمجتمع. وهذا الدور للمرأة السعودية، تواجهه متغيرات متصاعدة، في ظل التنمية الشاملة والانفتاح على المجتمعات الأخرى، عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما الهواتف الذكية بتقنياتها وتطبيقاتها العديدة، وتشكل هذه المتغيرات تحديات جسيمة أمام المرأة؛ إذ المطلوب منها مواكبة هذه التحديات بصرف النظر عن مواءمتها لطبيعتها ودورها وقيمها.
وعندما تنغمس المرأة في مواكبة تلك المتغيرات، دون الالتفات إلى التداعيات الناجمة عنها، فإنها ستصبح لقمة سائغة لآفات تلك النظريات وانعكاساتها. وبناء على ما سبق؛ فإن المرأة السعودية بحاجة ماسة لاستراتيجية وطنية تؤسس لدورها، وتمنحها آفاقًا رحبة؛ لانطلاقها وتحقيق غاياتها باقتدار، في ظل ما لها من حقوق وما عليها من واجبات، خصوصًا أن المرأة في مجتمعنا تحظى بمناخ من العفاف وهالة من الاحترام، قد أسبغها عليها الدين الإسلامي، وتتلخص أهمية هذه الاستراتيجية في كونها تعمل على: تحديد طبيعة دور المرأة في المستويات الأسرية والمجتمعية والوظيفية ونشاطاتها التطوعية واهتماماتها ومواهبها الحرفية والفنية، والحرص على حماية ممتلكاتها وأموالها التي اكتسبتها أو ورثتها، وصيانة حريتها الشخصية في إطار الشريعة الإسلامية، وإفساح المجال لها للمشاركة في المحافل الوطنية والمؤتمرات الدولية، ترشيحًا ورئاسة وتنظيمًا وتخطيطًا وإعدادًا وتنفيذًا ومتابعة وتقييما، والسعي إلى ضمان حقوقها الصحية والأسرية والفكرية، بما ينسجم مع طبيعتها الأنثوية، واستثمار قدراتها وطاقاتها المختلفة في التخطيط الاستراتيجي وصناعة القرار وبناء الوطن، وتمكينها من إيجاد الحلول لمشكلاتها المختلفة، واعتماد بنود مرنة تسهم في معالجة قضاياها وأحوالها الشخصية وحريتها في الإقامة والتنقل وفق الضوابط الإسلامية.
وباعتبار هذه الاستراتيجية مفصلية في التنظير والتطبيق والنتائج، تدعم دور نصف المجتمع، وتعزز معطياته على مختلف الأصعدة والمجالات؛ فالمرجو أن يتولاها بعين الرعاية فريق وطني من الذكور والإناث، متنوع الاختصاصات، بإشراف وتوجيه من رجالات الدولة؛ أملا في إشراقة حضارية تتبلور في ميلاد وزارة تختص بشؤون المرأة والأسرة؛ لمساندة المرأة في تحقيق أهدافها وطموحاتها، استجابة مع توجهات البلاد في دعمها ودفعها نحو التميز، الذي تنشده بتمكينها علميا ومهنيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، مع توفير بيئة مستدامة لرفع كفاءتها ومشاركتها المجتمعية في داخل البلاد وخارجها، بما يلبي تطلعاتها في نهضة الوطن ورقيه.