هذا تأمل لطيف يخص المرأة.. كل امرأة.
من زمان قرأت قطعة أدبية إنجليزية كتبها أديب هندي، وتلك القطعة كانت من ألطف وأجمل وأوقع ما وُصِفت به المرأة، من أسطورة هندية قديمة. لعل ذاكرتي تُرجِعُ شيئاً منها، وإن كان ما سأكتبه استرجاعا من أرشيف الذاكرة، ولن يكون بجمال ما كتب أصلا في تلك الأسطورة.
''لماذا تبكي المرأة كثيرا؟''، هذا ما سأله أحد المريدين معلمه الحكيم. فأجاب المعلمُ:
إن الله لما خلق المرأة أرادها أن تكون مخلوقا متميزاً، فقد خلق لها كتفين قويين يكفيان لحمل العالم. ولكنهما أيضا كتفان رقيقان وحانيان ليهنأ عليهما العالم.
وأن اللهَ مدّها بقوةٍ في التحمل في لحظة الولادة وهي آلام لا تعرف معانيها إلا من تعانيها، ويأتي مع كل هذه الآلام أعظم حب تعرفه الإنسانية من أول نظرة، من أول ثانية عندما تقع عينا الأم على وليدها. منتهى الألم ومنتهى الحب في لحظة واحدة، من أعظم لحظات الدنيا.
وإن الله منح المرأة قوة الحب مع قوة العناد، لذا فهي بذلك تضبط توازن الحياة وتربي أبناءها وتدافع عنهم بثبات لا نظير له، ومنحها الله إرادة وعزماً كي تقود عائلتها وتسير قدُما في رحلة الحياة والعطاء.. وتستمر.. وتستمر، حتى عندما يستسلم الجنسُ الآخر!
وأن الله أوصلها بالروح الكبيرة التي تُظِلّ حياة أفرادها بظل الحب الغامر والعطف اللطيف، وقوة الرعاية والحدب والمتابعة. والمرأة لا تهاب المهام، بل تأخذها دفعة واحدة مهام الحياة فهي بلا تردد وكأنه شيء يدور مع الدم في شرايينها، إنها من الممكن أن تعمل بلا انقطاع، بلا ملل، بل أحيانا مثل انسياب المياه في فروع الأنهار قبل عواصف الموسم. وهي تحب بقلب كغدير صاف قاعه كقطع من البلور. إن قلبها يصب الحب في قلوب من تحب كما تصب الأنهار في البحار.. بلا توقف.
خلق اللهُ المرأة كي تنتشل رجلها من مزالقه، ومن أخطائه، ومن متاعبه، وتوقده بشعلة الطموح وتنفخ فيها دوما لكيلا تنطفئ. خلقها الله من ضلع الرجل لتحمي قلب رجُلِها.
كما أن الله منح المرأة العاطفة والحكمة معا كي تتوازنا حتى لا تنجرف أكثر مما يجب في العاطفة. فمن الحكمة مثلا أن المرأة تفسر تطاول رجلها عليها أحيانا بأنه لا ينوي في داخل قلبه أن يضرها، بل إنه نوع حاد من أنواع التعبير بالحب، أو أنه استعراض للقوة حتى تؤمن بأنه رجلها الحامي الذي لا تجرؤ نمور البنغال على أن تنظر في عينيه عندما يغضب. إذن الرجل يحتاج، بل يستعين بالمرأة لاستعراض تلك القوة أمامها، والمرأة تضحك في سرها وتعرف أنه عند أول بارقة رعد ينطوي في سريرها كقط مرتعش.
إن الرجل يمضي مطمئنا في طريق الحياة، لأنه يعلم أنه في أمان فامرأته دائمة هناك تنتظر.. وموجودة من أجله''.
وأخيرا، إن الله مدها بنبع من الدموع لتغسل كل ما يعلق من كدرٍ في جدران قلبها، وتغسل عنها هذا التعب والأعباء والواجبات لتجف الآلام، وذكرى الآلام.. فيكون عندها القدرة لتستمر من جديد تدفع عربة الحياة.
ولهذا يا بني.. تبكي المرأةُ كثيرا.
هل توافقون أن المرأة ما زالت كذلك؟ أو السؤال هو: هل على المرأة فعلا أن تكون كذلك؟
أنتهي هنا، تاركا لكم الإجابة.