الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

ما بعد العشرين عاماً‎

  • 1/2
  • 2/2

عندما ولدتني امي ومع بداية استيعابي لكلماتها التي كانت تتمتمها في كل الاوقات تقريبا، كانت تردد على مسامعي جملة بلهجتها الفلسطينية "ياريت بغمض عين وبفتح عين وبلاقيكي كبرتي"
وبعد بلوغي ودخولي لمرحلة المراهقة اتسعت دعواتها قائلة "يارب شوفك احلى عروسة"
لكنها سرعان ما استبدلت دعوتها تلك على خلاف جميع صديقاتها الامهات، ربما لانني تمردت عن المعتاد
فتحولت دعوتها الى "يارب تحققي كل احلامك وشوفك كبيرة بالقيمة والقدر"
اما اليوم وانا على وشك التخرج، ادركت امي بان الاحلام ليست كلاما على ورق او رسمات لحذاء سندريلا وشعرا ذهبي اللون قد يمتد طوله حتى بضعة صفحات
هذه المرة لم تستبدل امي دعوتها لي كما المعتاد وكما عهدته من قبلها في شتى مراحلي منذ نعومة اناملي وحتى بروز تجاعيد عيني
بل شمل ذلك تغيرا في نبرات صوتها الذي ما عاد حنونا بل بات خائفا وقاسيا
لعلها تتساءل كيف تنجب الاحلام القوة في قلب الطموحات، الحرائر اللواتي طبع على مسامعهن منذ الولادة صرخات يزداد عمقها كلما اقدمت الواحدة منهن عن اعلان رفضها لعادات وتقاليد لم يتلفظ بها رب الخلق
فتحولت دعوات امي الى صمت نطقته عيناها ورجفة صوتها التي تاتني من بعيد دائما قبل ان اموت ليلا لتقول وهي تحرك اطراف اصابعها مستغفرة الرب من الوقوع في سوء الوصف عن غير قصد
"اللهم اشغلها بنجاحها عن الناس واشغل الناس عنها بما يؤذيها"
وانا اتلو هذه الكلمات التي يغتص قلمي ويسقط بين احرفها مرات عدة تستيقظ بداخلي الانثى القوية
لتقول: دعوة الام عامود مهم لتقويم احلام الفتاة فما بالك بدعوة تصيب اعدائها من قلب ماعاد يقوى على رؤية ابنته تشيخ وهي ابنة مابعد العشرين ربيعا..

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى