كما الصقور هي في شخصيتها، تراها نموذجاً خاصاً من النساء، وقد ارتضت أن تشارك الصقور صفات الهيبة والإقدام. إنها فاطمة الزعابي، أول امرأة تمارس رياضة الصيد بالصقور في الإمارات، التي فاجأت جميع من يعرفها، في قناعتها الرياضية والتراثية تلك، البعض استغرب، وهناك من عارض، وحقيقة اليوم تقول إنه وبعد مرور عامين من دخولها هذا المجال، فقد أمست فاطمة صقارة إماراتية محترفة.
بداية الفكرة
تروي الزعابي بأنها كانت تتابع رياضات الصيد في البر منذ فترة طويلة، وترى الصقارين وهم يدربون صقورهم في مواسم السباقات، فترسخت في ذهنها فكرة ممارسة رياضة الصيد بالصقور، وهي تدرك أن المرأة الإماراتية لم تترك مجالاً الآن إلا وقد شاركت فيه جنباً إلى جنب مع الرجال، وذلك ما شجعها على السير في هذا المضمار الصعب والغريب، واضعةً نصب عينيها مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «أنا وشعبي لا نرضى بغير المركز الأول».
وتضيف إنها تحب التميز والتفرد في كل ما تصنعه، ولذلك اختارت المواصلة في هذا الاتجاه، لتكون أول امرأة إماراتية تمارس رياضة الصيد بالصقور، فبدأت خطواتها الأولى والفعلية في تعلم هذه الرياضة ومعرفة أصولها وقواعد ممارستها.
قوة شخصية
وتؤكد أنها خلال فترة ليست طويلة؛ استطاعت أن تجيد التعامل مع الصقور، من خلال الأدوات الخاصة بالصقارين، وأن تفرض قوتها وشخصيتها وتتعلم كيفية التحكم بالصقر، مبينة أن لديها أنواعاً من الصقور مثل «جير شاهين وبيور جير» وسواها، وتلك أنواع مميزة ومقدامة في الصيد. وتوضح أن على الصقار أن يحافظ على علاقة قوية مع الصقر تتسم بالندية، بحيث تظهر شخصية المدرب، لتتحكم بسهولة في التعامل مع الصقر أثناء تدريبه، أو من خلال المسابقات. وفي المقابل لا بد وأن يشعر الصقر بالراحة في التعامل مع مدربه، وألا يحسّ بتوتر أو ما شابه، وهنا تظهر مهارة الصقار الذي يستطيع معرفة ما يريده طائره؛ إن كان يريد الطيران فيطلق له العنان، أو أنه يشعر بقلق وتوتر فيبدأ في تهدئته، وهذه كلها أمور تأتي مع الوقت والممارسة، وفي المجمل فإن رياضة الصيد علمتها الصبر والتحمل.
وتضيف فاطمة الزعابي إنها تطمح خلال الفترة المقبلة، للمشاركة في بطولة فزاع للصيد بالصقور، وقد بدأت الاستعداد لذلك جيداً منذ فترة.
تدريب الفتيات
وتؤكد من جهة أخرى، أنها لم تواجه أي صعوبات في ممارسة هذه الرياضة، بل على العكس؛ ازداد حبها للصقور، وهي تسعى إلى إنشاء مركز تدريبي خاص بالنساء الإماراتيات الراغبات الدخول إلى هذا الحقل. وتوجه فاطمة رسالة للفتيات والسيدات، بالانضمام إليها حتى يكون هناك عدد كبير من الممارسات لرياضة الصيد بالصقور، وليكون للنساء الإماراتيات دور في هذه الرياضة.
وتؤكد أن كثيراً من الصقارين الرجال قدموا دعماً لها خلال الفترات الماضية، وحثوها بقوة على التعلم أكثر حتى تصل إلى مرحلة التميز، وأنها لم تشعر مطلقاً بأي نوع من تثبيط عزيمتها، وقد استوعبها مجتمع الصقارين الممارس وشجعها على صقل مهاراتها. وتبين أنها تتدرب 3 مرات أسبوعياً، وأن الصقر يحتاج إلى وقت للتدريبات يتراوح بين 30 و40 يوماً، يستطيع بعدها أن يعرف صاحبه ويميّز نداءه ويلبي أوامره.
تدريب الصقور
وتضيف إن من أهم الخصائص التي يجب أن يتحلى بها الصقار الماهر، مراعاة دقة التدريب وإدراك حالة صقره، ومعرفة الفرق بين صقر وآخر، لأن جميع الصقور المدربة تدريباً حسناً تصطاد.
وتقول إن هناك فرقاً في طريقة كل صقر في اصطياد طرائده، فهناك صقور تحب مهاجمة الطرائد في الجو، وتجيد مناورتها أثناء التحليق والطيران، وتعرف كيف تجهد صيدها في الجو وتتحين الفرصة لاقتناصه، وهناك صقور تحب المهاجمة والمطاردة من أعلى إلى أسفل، أي الانقضاض على الطريدة وهي على الأرض، وتعرف كيف ترهبها وتفقدها مقاومتها إلى أن تفوز بها، وهناك صقور تخشى مهاجمة الطرائد وهي على الأرض، وكل صقر يختلف عن الآخر في قدراته وإمكانياته، وهذه من الأشياء الضرورية التي يجب أن يكتشفها المدرب في صقره، ويعرف الفرق بين الصقور، ومن خلال اكتشاف هذه القدرات لدى الصقر، يستطيع الصقار الذكي أن يساعد طيوره، ولا يجهدها في ساحة الصيد.
وتختتم فاطمة أنها تطمح إلى أن تصبح يوماً مدربة لصقارات إماراتيات، وأن تشارك في مسابقات خارجية، وتحصل على مكانة متميزة بين الصقارين الإماراتيين، خاصة وأنه مجال يتسم بالمنافسة والقوة.
المنقلة
هي الدرع الواقية للصقار من مخالب الصقر، وعليها يُحمل الطير على اليد طوال الوقت، وهي عبارة عن قطعة من القماش السميك محشو من الداخل بالخيش أو القماش الطري المكسو من الخارج بالمخمل، والفتحتان مكسوتان بالجلد الطري أو البلاستيك الرقيق، والمنقلة في مجمل صنعها سميكة وقوية تحمي يد الصقار، ولكنها لينة لا تؤذي مخالب الطير، وهي في العادة تكفي أن يدخل الصقار يده فيها من الرسغ إلى قرب نهاية الزند، وفتحة المنقلة تسمح للصقار أن يخرج أصابعه منها ليطعم صقره أو يمسك به ويحمله.
البرقع
يعرف البرقع في عالم الصقارين، أنه نظارة صغيرة بحجم وجه الطير، له فتحة صغيرة في منتصفه يخرج منها منقار الصقر، والبرقع من الجلد اللين الملون، ويزخرفه الصانع من الخارج بأشكال جميلة، ويضعه الصقار على وجه الطير بواسطة العُرف الذي يعلو قمة البرقع، ثم يُثبت بواسطة شدادة مصنوعة من الجلد نفسه، وهذه الشدادة تشد أسفل البرقع بشكل دائري، إلى أن تصل إلى طرفي الفتحة، فتثبت بالخيط من الجانبين ثم يعود الصانع بالشدادة ويشدها داخل الفتحات نفسها بطريقة معكوسة، إلى أن تخرج الشدادتان من الجانبين في شكل مضاد، وبذلك يستطيع الصقار أن يتحكم في البرقع من خلال هاتين الشدادتين.
البيان