بحركات أفقية يمينا ويسارا تتجول الكاميرا في قاعة 25/30 بمقر مجلس الشورى، بحثا عن صورة كاملة صحيحة، لكنها لم تجد، فالمشهد ناقص يغيب عنه الوجوه النسائية.
المجتمعون ينتظرون قدوم رئيس مجلس الوزراء، إبراهيم محلب ليفتتح الجلسة الأولى للجنة الإصلاح التشريعي، عشرة خبراء قانونيون يستعدون لكتابة قوانين في غياب مجلس نواب منتخب، وفي تجاهل تام لتمثيل المرأة.
غابت النساء عن المشهد التشريعي الجديد، كعادة الدولة التي تتجاهل النساء عند كتابة الدستور وتشكيل الحكومات، وتتذكرهن فقط في طوابير الاستفتاءات والانتخابات، وتتناسى وجود خبيرات في القانون والعلوم السياسية الاستعانة بهن ليست رفاهية بل ضرورة مجتمعية وحقوقية ودستورية.
تجاهل النساء هذه المرة مختلف، إذ بادرت عدد من المنظمات النسوية بمخاطبة مجلس الوزراء، لضم وجوه نسائية متخصصة في القانون إلى اللجنة، وجاء رد الدولة المصرية صريحا بلا مواربة ولا تجميل، حيث أعلن المجلس في خطاب رسمي رفضه طلب المنظمات.
بحسب البيان الذي وقعت عليه أكثر من 15 منظمة، كان مبرر مجلس الوزراء في خطابه، أن المجلس القومي للمرأة يحق له مراجعة القوانين والتشريعات الخاصة بالنساء، التي تصدرها اللجنة.
مشهد سيطرة الرجال على السياسة والتشريع تكرسه الدولة طوال الوقت، إلا أنه يبدو أكثر فجاجة منذ تخلي مبارك عن السلطة، حيث بدأ منذ غياب النساء عن لجنة تعديل الدستور التي شكلها المجلس العسكري في فبراير 2011.
اللجنة التي تجتمع في قاعة 25/30 تتناسى أن النساء حركن وشاركن بقوة في ثورتي يناير ويونيو، وكانت النساء في الصفوف الأولى لمناهضة حكم جماعة الإخوان المسلمين، والخطاب المرسل للمنظمات من مجلس الوزراء ما هو إلا استمرار ممنهج لغياب النساء عن صناعة القرار والتشريعات والاكتفاء باستدعائهن فقط والتهليل لمشاركتهن الجبارة في طوابير الانتخابات، والمظاهرات.
مجلس الوزراء الذي أشار في رده على مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، إلى أن المجلس القومي للمرأة سيبدي رأيه في التشريعات الخاصة بالنساء، يعتبر أن التشريعات التي تهم النساء ترتبط فقط بالاغتصاب والتحرش الجنسي والخلع والطلاق، وكأن الحق الدستوري بتمثيل عادل في المجالس التشريعية والنيابية هدفه مناقشة قضايا المرأة فقط!!!
نموذج تشكيل هذه اللجنة ليس جديدا على نظام ما بعد 3 يوليو، رغم استخدامه النساء في الحشد له ومساندته، فلجنة الخمسين التي تشكلت عقب ثورة 30 يونيو اكتفت باختيار 4 شخصيات نسائية فقط في لجنة الخمسين، هن ميرفت التلاوي، رئيس المجلس القومي للمرأة وعزة العشماوي، رئيس المجلس القومي للطفولة والأمومة، ومنى ذو الفقار، المحامية، وهدى الصدى الأستاذة الجامعية.
مؤسسة نظرة التي رفضت حصولي على نسخة من خطاب رد مجلس الوزراء لنشره مع المقال، بدون توضيح السبب، اعتبرت أن تجاهل تمثيل النساء انتهاكا لدستور 2014.