عندما نتابع الأخبار، نستغرب بعض المعلومات التي يتم بثها، وللوهلة الأولى نعدها مبالغة أو خطأ في التقدير، لكن ما يحدث على أرض الواقع يبلغنا أنها حقيقة أو تقترب من الحقيقة. على سبيل المثال، التقديرات التي تتحدث عن أعداد المقاتلين في صفوف التنظيم الإرهابي «داعش»، حيث قدر بأرقام مهولة وكبيرة ثم حدث شبه إجماع على أن أعدادهم تتراوح ما بين العشرين إلى الثلاثين ألفاً، وهذا الرقم هو ما قدرته أجهزة استخبارات أمريكية بأن عدد مقاتلي التنظيم الإرهابي المعروف بـ «داعش» أكثر من 31 ألف مقاتل. وفي حينها قال متحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في تصريحات صحافية أوردتها وسائل إعلام عالمية إن «التقديرات الحالية تشير إلى ما بين 20 ألفاً و31 ألفاً و500 مقاتل ينضوون تحت لواء تنظيم داعش».
وهذا رغم مهول وكبير بحق، ويكفي أن تعلم أنه يتجاوز أعداد عدة جيوش لبلدان أوروبية أو غيرها. ومن هذه الجزئية تأتي جملة تساؤلات من أين لهذا التنظيم الإرهابي كل هذا التأثير وتجنيد كل هذه الأعداد؟ وأيضاً كيف تصرف لهم الأموال؟ وكيف يتم دخولهم والتحاقهم بصفوفه؟ والتدريب والتموين والتسليح.. جميعها أمور حيوية كيف تتم؟ وكيف تأتي وتستمر؟
ودون الدخول في تكهنات أو تحليل قد يكون غير موضوعي، أنتقل لجزئية أخرى، هل هذا التنظيم كان يعيش في الظلام وكبر فجأة وظهر؟ ألم يحتج إلى وقت للنمو والتسلح والتخطيط؟ أين كان العالم برمته خلالها؟ أعتقد أننا لو استمررنا في طرح التساؤلات فلن ننتهي، لكن ظاهرة هذا التنظيم جديرة بالتمعن والدراسة.
الأهم لمجتمعاتنا اليوم هو الحذر من أي تنظيمات مشابهة أو تحمل أفكاراً مماثلة أو حتى متعاطفة مع هذا الفكر المريض، فقد شاهدنا جميعاً كيف ينتشر سريعاً كالوباء وكيف ينمو كالورم الخبيث وكيف يتجرد من أي قيمة إنسانية ويتحول مقاتلوه لما يشبه الحيوانات والحيوانات منهم براء، فلا رحمة ولا قانون ولا دين ولا عرف إنساني يردعهم عن الذبح وسفك الدماء البريئة، فحتى رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وما حث عليه وفضائله ووصاياه وضوابط الحرب والاشتباك مع الأعداء جميعها قيم ماثلة ومعروفة، فقد كان صلى الله عليه وسلم حريصاً جداً عليها حتى لا يؤخذ بريء أو يتم تخويف الآمنين.. جميع هذه القيم ألقي بها، فأي دين يدعون وأي ضمير يحملون؟