الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

قراءة في ‘رجال لا يعتذرون‘

  • 1/2
  • 2/2

القارئ لرواية" رجال لا يعتذرون" لابتسام أبو ميّالة سيجد نفسه أمام رواية تزخر بعشرات الحكايات والأحداث المؤلمة.
فالرواية طرقت أكثر من موضوع، وإن كان تركيزها على ما تتعرض له النساء من اضطهاد في مجتمعنا الذّكوريّ، واللافت أنّ الكاتبة قد مزجت في خلطة عجيبة بعضا من مآسي نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948، ومعاناة اللاجئين الفلسطينيّين، وجرائم الاحتلال التي ارتكبها في مخيّم جنين أثناء اجتياحه للمخيم في نيسان 2002، وامتهان كرامة الانسان الفلسطيني على الحواجز العسكريّة، وإغلاقه لمدينة القدس أمام أبناء الشعب الفلسطيني، مزجتها بما تتعرّض له الأنثى بمراحل عمرها المختلفة على يد ذويها، وكأنّي بها ترى أنّ هناك وجه شبه بين ممارسات الاحتلال، وبين ممارسات الذّكور الذين يحتلون عالم الإناث، أو أنّها ترى أنّه لا يمكن الخلاص من الاحتلال ما دامت المرأة الفلسطينيّة مضطهدة. وقد احتوت الرّواية على قصص وحكايات لنساء عانين من الاضطهاد، فهناك أزواج يضربون زوجاتهم ضربا يلحق بهنّ أذى جسديّا كبيرا، فأبو سالم تسبب بفتق في بطن زوجته، ولم يحاول الاطمئنان عليها في المستشفى بعد اجراء عملية جراحية لها للخلاص من ذلك الفتق، وهناك رجال زوّجوا بناتهم الصّبايا لمسنّين أثرياء طمعا في المال، وهناك من وشوا بنساء الأقربين ليطلقوهنّ طمعا بميراث الزّوج، كما حصل مع والدة سمر، حيث وشى بها سلفها وزوجته واتهموها بأخلاقها زورا وكذبا، وتسبّبوا بطلاقها، وهناك من تزوّجوا بامرأة ثانية دون داع لذلك، ولم يعدلوا بين زوجاتهم، وهناك من ظلموا أمّهاتهم ولم يحتملوهن في شيخوختهن، وأرادوا الخلاص منهن في بيوت العجزة طمعا في البيت الذي بنينه وأوصين بهنّ للابن الذّكر دون الاناث، وهناك من لقيت اضطهادا مضاعفا لوفاة الوالد وعدم وجود أخ ذكر يوفّر لها الحماية كما حصل مع سمر. وهناك من أرغمن على الزواج المبكر قبل أن ينهين تعليمهنّ الالزاميّ، وهناك من النّساء من يعملن ويوفّرن الحياة الكريمة لأزواجهنّ ولأبنائهن، ويقمن بالعمل المنزليّ، ومع ذلك فإنهن يتعرضن للضرب والتعنيف بأشكاله على أيدي أزواجهنّ، وهناك إناث تعرّضن للتعنيف والاضطهاد على يدي زوجة الأب كما حصل مع سمر –بطلة الرواية الرئيسة- بعد طلاق والدتها ظلما. وهناك من تتعرض للاضطهاد على يدي حماتها دون سبب. ولكلّ من هذه النّسوة قصّتها وحكايتها المقنعة كما وردت في الرّواية.
"طرحت الأديبة ابتسام أبو ميّالة في عملها الرّوائيّ هذا قضايا المرأة باقتدار"
وبما أنّ الأطفال والنّساء هم الحلقة الأضعف، فإنّ بعض الأطفال يتعرضون للعنف أيضا حتى من أقرب الرّجال إليهم كالأب مثلا. ويلاحظ أنّ الكاتبة قد انتبهت الى قضيّة قبول الاناث الخضوع للذّكور، بل أنّهن يربّين أبناءهنّ تربية ذكوريّة.
لقد طرحت الأديبة ابتسام أبو ميّالة في عملها الرّوائيّ هذا قضايا المرأة باقتدار، ووضعت القارئ كي ينفر من الواقع المفروض على المرأة دون أن تطلب ذلك منه مباشرة، وهذا هو الابداع.
والرّجال من عنوان الرواية لا يعتذرون عن أخطائهم مهما كانت كبيرة وظاهرة، والرّجل الوحيد الذي اعتذر في الرواية هو ذلك "المخنّث" الذي اصطدم بطريقة عفويّة أمام مدخل مستشفى" أوغستا فكتوريا"-المطّلع- بأمّ سالم، فعقبّت سمر على اعتذاره لخالتها أمّ سالم بعد أن سمعت صوته الأنثويّ النّاعم: "هؤلاء المتشبهين بالفتيات، إنّهم أخواتنا هل فهمتِ قصدي؟" ص292. أي أنّه ينتمي لعالم النساء وليس محسوبا على الرّجال.
البناء الرّوائي:
يلاحظ أن الكاتبة لديها القدرة الكافية على السّرد الروائيّ، فقد استطاعت أن تحبك روايتها متعددة الحكايات والأحداث بطريقة لافتة، ويطغى عليها عنصر التشويق، وأمسكت بخيوط الرّواية وتركت شخوصها يتحركون بشكل لافت أيضا. ويؤخذ عليها الاكثار من الجمل التفسيريّة التي لا ضرورة لها.
اللغة:
واضح أن الكاتبة تمتلك ثروة لغويّة جميلة، تماما كامتلاكها لموهبة السّرد الروائيّ، لكنّه يؤخذ عليها كثرة الأخطاء النّحوّيّة والمطبعيّة وحتى الاملائيّة، وهذه الأخطاء بالمئات، وحبّذا لو أنّها عرضتها على مدقق لغويّ قبل طباعتها.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى