أثارتني فكرة قيادة المرأة للعالم حين قرأت خبر تداولته مؤخراً بعض الصحف بأن مدينة كولومبية عاشت ليلة تحت حكم النساء فقط ، وملخص الخبر:"أن الرجال في مدينة بوكارامانغا الكولومبية تلقوا تعليمات بالبقاء في المنزل ورعاية الأطفال لمدة ليلة واحدة بينما تحتفل زوجاتهم وحبيباتهم خارج المنزل، وخلال هذه الليلة تولين النساء مسؤولية المدينة والتي يبلغ تعداد سكانها 530 ألف نسمة،حيث سلم رؤساء بلديات وحاكم الإقليم السلطة مؤقتا إلى مسؤولات في الحكومة من النساء ، وأشار الخبر إلى أنه سادت أجواء احتفالية في المدينة عندما خرجت النساء للاستمتاع ،وقدمت الحانات والمطاعم ومراكز التسوق عروضا خاصة لهن،كما نظمت السلطات المحلية في المدينة حفلات ودروسا للرقص للنساء فقط في الحدائق والميادين،وتم حظر التجول التطوعي على الرجال ،وهدفت هذه المبادرة إلى بث رسالة بأن بقاء الرجل في المنزل وقيامه ببعض الواجبات المنزلية مثل رعاية الأطفال وغسل الصحون ستشعره ببعض معاناة النساء في هذا الجانب والذي كثيراً ما يتهرب منه ، كما هدفت إلى مكافحة العنف الأسري الذي تفشى في الكثير من الدول ،كما هدفت فيما هدفت إليه اثبات قدرات المرأة للحكم والتحكم في المدينة كما في البيت".
نستشف من الخبر أن معشر النساءحكمن المدينة لليلة كاملة ، وهذا يدعوا إلى فكرة إمكانية حكم النساء لمدن أخرى وللعالم لليالي أخرى أو سنوات ، فكثيراً ما تثار بين النساء وخاصة الطموحات منهن قضية أحقيتهم في حكم العالم كما يتحكمون ويحكمون بيوتهم والتي هي مملكتهم الصغيرة ، ويتم تداول ذلك أيضا بين بعض فئات الذكور باستحياء أو بغرض التهكم والتندر لإخفاقات الرجال في قيادتهم لمجريات الحياة في هذا الكون، فتجربة الحكم للنساء ليست بجديدة فهي منذ غابر العصور ، وإذا ما عرجنا على التاريخ سريعا نرى بأن أشهر الملكات اللاتي حكمن بجدارة واقتدار قبل الميلاد الملكة بلقيسمملكة سبأ حيث شهدت المملكة حينها ازدهاراً كبيراً، واستقرت استقراراً مشهوداً، وتمتع أهلها بالرخاء والحضارة والعمران والمدنية والديمقراطية بما يفوق حاضر وقتنا حين تكثف حكم الرجال الأشاوس في أرض حضارتها اليمن ، ومن الأمثلة للملكات الملكة سميراميس ويقال أنها دمشقية الأصل، وملكة البرتغال في العصور القديمة اينزى كاستور ، ويقال أن حب زوجها لها نصبها ملكة بعد اغتيالها ، فقيل عنها الملكة التي حكمت حتى بعد موتها، وفي مصرالملكة كليوباترا والتي كانت إلى جانب حكمها لمصر رمزاً لجمال وسحر النساء، حيث وقع الكثير من الملوك والأباطرة في غرامها لجمالها ،وكثيراً ما استثمرت ذلك سياسياً، وشجرة الدر، ويحكى أنها جارية من جواري الملك الصالح، فأصبحت ملكة، فإلى جانب تميزها بالذكاء الحاد والفطنة والجمال كانت لديها القدرة على قيادة وتسيير الجيوش للحرب مع أعدائها، والملكة إليزابيث الأولى وقد كانت تسمى الملكة العذراء لإحجامها عن الزواج أيضا حكمت انجلترا وأيرلندا من عام 1558 حتى وفاتها،وفي الصين الإمبراطورة موتشيه ثيان الخادمة التي تحولت إلى امبراطورة، وفي النمسا إمبراطورة النمسا وملكة المجر إليزابيث ،وكانت تتسم بالجمال والرشاقة فقيل عنها الملكة الفاتنة ، وفي روسيا قيصرة روسيا وهى كاترين العظمى ملكة روسيا، كانت تتسم ببعض التفكير الجنونى في ممارستها للحكم، وبولندنا أيضاً بُليت بملكة ذات طبائع غريبة في حكمها وهي كريستيان ايرهاردن ،فهاتين الأخيرتين شاذتين بين مئات الملكات الناجحات، وفي التاريخ الحديث تبوأت منصب رئيسة الوزراء في الهند أنديرا غاندي ، وفي بريطانيا المرأة الحديدية مارجرت تاتشر ، وحالياً المرأة البارزة في حكم ألمانيا المستشارة أنجلا ميركل وتطول القائمة .
وانطلاقا من ذلك عدد من وسائل الاعلام الغربية وخاصة الفرنسية منها تشير إلى أن عملية تمكين المرأة تسير بخطى سريعة، وليس أدل على ذلك من اننا أصبحنا نرى نساء كثيرات يعتلين مقعد السلطة في دول متقدمة، وأخرى فقيرة، فلا يوجد ما هو مستحيل، لا تستطيع المرأة القيام به،ودعماً لذلك أظهرت العديد من استطلاعات الرأي التي أجريت من قبل مراكز ومعاهد بحث ،ومنها معهد جالوب ،أن 62% يعتقدون ان النساء ينجحن أكثر من الرجال في محاربة الفقر، ويرى 72% انهن أفضل في تحسين مجالات التعليم بينما يري 52% انهن أفضل من الرجال كدبلوماسيات، وتشير بعض الدراسات الحديثة إلى ان العدوان والعنف والحروب والمنافسة الشديدة من أجل الهيمنة هي سمات رجولية أكثر منها نسوية ، كما أنهن يمتزن عن الرجال بدرجة عالية من الغيرة ،قد يدفعهن ذلك لإصلاح وتطوير الاوطان ،فإذا ما حكمن العالم برقتهن ونعومتهن وغيرتهن فسوف تقل العدوانية والعنف بين الدول والشعوب ، بعكس ما نشهده اليوم في ظل حكم معشر الرجال من حروب ومذابح مزعجة بل وكارثية على البشر والبلدان والإنسانية جمعا ..
إذاً.. فما الضير أن نجرب حكم القوارير دون الولوج إلى عمق موانع ذلك دينياً....