لقد اقترب عام 2014 من الانتهاء وفي عادتي في نهاية كل عام اجلس وأتأمل ما حدث للمرأة المصرية من تطور وتقهقر خلال هذا العام وعلى الرغم من عدم انتهاء عام 2014، إلا أن هناك العديد من المشاهد التي فرضت نفسها بقوة لأتحدث عنها في هذا المقال عن ما حدث للمرأة خلال هذا العام حتى الآن، فخلال الأيام القليلة الماضية وجدنا الإعلامي/ عمرو أديب يخرج علينا من خلال برنامجه بالعديد من التصريحات التي تهاجم المرأة وتحط من شأنها وتتعامل معها على أنها مجرد خادمة ليس أكثر.
كما أنه سخر من المساواة بين الرجل والمرأة، وهو الأمر الذي أثار دهشتي فكيف يمكن لإعلامي كبير مثل الأستاذ /عمرو أديب أن يحقر من شأن المرأة ويختصر العلاقة الزوجية التي قدستها جميع الأديان السماوية ويصورها على أنها علاقة بين سيد وخادم، فكافة الأديان السماوية أوصت بأن تقوم العلاقة الزوجية على المودة والرحمة وليس على الإمارة والتسلط، فالطبيعي أن يساعد الرجل زوجته في كافة الأعمال وهذا لا يقلل من شأنه بل على العكس هذا يثبت رجولته لأن أول صفات الرجولة هي الرحمة والرأفة بشريكة ضربه والتي تتحمل ما لا يحتمل من ألم جسدي ونفسي لتنجب للمجتمع أبناء صالحين ولترتب أمور بيتها وأسرتها هذا بخلاف مشاركتها في الحياة العامة من خلال العمل والمشاركة في الاستفتاءات والانتخابات والثورات فقد ظهر للعيان كيف شاركت المرأة بفاعلية في ثورتي 25 يناير و30 يونيو وكيف كانت هي البطل الأول في الانتخابات والاستفتاءات التي تلت ثورة الثلاثين من يوليو فاصطفت النساء في طوابير من الساعات الأولى للصباح الباكر لتدلي بأصواتهن، وجميع الإعلاميين أشادوا بهذه المشاركة، ومنهم الإعلامي /عمرو أديب الذي أشاد بهذه المشاركة في برنامجه، فكيف بعد كل هذا يتم التعامل مع المرأة على أنها خادمة ليست شريكة حياة وشريكة وطن، ويتم التقليل من شأنها على هذا النحو.
وليس هذا هو مشهد التدهور الوحيد الذي لاحظته في الفترات الماضية فما حدث من حالات تحرش في عيد الأضحى المبارك كان صفعة أخرى قوية على وجه المرأة المصرية فعلى الرغم من محاولات الشرطة الدائمة لمواجهة هذه الظاهرة واهتمام السيد رئيس الجمهورية بالقضاء على هذه الظاهرة إلا أنها مازالت منتشرة وبشدة في مجتمعنا ومن وجهة نظري أسوء ما حدث في هذا العيد ليس فقط حالات التحرش التي أصبحت ظاهرة أساسية في كافة الأعياد ولكن التصريحات التي جاء بها مدير الإدارة العامة لمكافحة العنف ضد المرأة بوزارة الداخلية والتي نصح فيها الفتيات بالابتعاد عن اللبس الصارخ المثير لحماس الشباب حتى يتجنبن التعرض للتحرش الجنسي، فكيف يمكن أن يتولى هذا الرجل منصب مدير الإدارة العامة لمكافحة العنف ضد المرأة بوزارة الداخلية وهو مقتنع أن الفتيات هن سبب التحرش ؟! فهذا غير منطقي بالمرة فهذه حجة دائماً يطلقها في وجهنا كل صاحب فكر ذكوري يرفض أن يعترف بأن الرجل أخطأ وهو الأمر الذي يؤدي دائماً إلى تدهور الأوضاع فالسبب في التحرش الرجل المريض المتحرش وليس المرأة، ففي الدول الأوروبية يرتدون ما يحلو لهم من ملابس وعلى الرغم من ذلك لا يستطيع أحد أن يتحرش بفتاة ولو لفظياً وذلك لوجود قانون وتطبيق للقانون قوي ومحكم ولا يفرق بين أحد وآخر، لكن في بلدنا طالما أن المسئولين عن تنفيذ القانون لا يزالوا يفكرون بهذه العقلية الذكوريه التي تحمل المرأة كافة الأخطاء ولا تلقي اللوم على الرجل فلن يتم أبداً تطبيق القانون على المعتدين.
وأيضاً من المشاهد المحزنة التي ظهرت في المجتمع في الأيام الماضية مشهد الجامعات المصرية، فما لبث أن دخلت الجامعات إلا ووجدنا مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالصور من الجامعات إحداهما لمنشور يدعو لعدم اختلاط الشباب والفتيات، والأخرى لملصقات تطالب الفتيات بالالتزام في الملابس، هذا بخلاف المظاهرات التي تُستغل فيها الفتيات لتكون في مواجهة مع قوات الشرطة حتى يتم استغلالهن إعلامياً لتهييج الرأي العام بأن النظام الحالي يضرب ويعتقل الفتيات فصحيح أنا ضد أي ممارسات قمعية تتم ضد أي امرأة أو فتاة وضد أي مواطن مصري ولكني في نفس الوقت أرفض تماماً استغلال الجامعات واستغلال الفتيات في أعمال العنف والتخريب، أياً كانت مدى صحة المنشورات والملصقات فوجود مثل هذه الدعوات على جدران الجامعات تعد تعدي واضح وصريح على حقوق الفتاة المصرية وتعد تقهقر للخلف فالجامعات المصرية على مر التاريخ كانت منارة للعلم والمعرفة وليست مكاناً لنشر الأفكار الرجعية التي تحقر من شأن المرأة وتتعامل معها على أنها مجرد جسد أو مواطن من الدرجة الثانية.
ولقد قررت أن أكتب هذا المقال ليكون صيحة نداء لكافة السيدات المصريات ليعلن أمام العالم أجمع رفضهن لكل محاولة من أي شخص تحقر من شأنهن وتقلل من مشاركتهن في رفعة شأن هذا الوطن، وأتمنى أن يواجه المجتمع بأكمله من أول سيادة الرئيس المشير /عبد الفتاح السيسي وحتى رجل الشارع البسيط هذه المظاهر التي قد تبدو صغيرة ولكنها في الحقيقة تؤثر بشكل سلبي على المرأة وعلى وضعها وعلى مكانتها في الأسرة والمجتمع.
وأعلن باسم نساء مصر أن المرأة المصرية ستظل في مكانها ومكانتها وستظل دائماً قائدة التطوير والتنمية في المجتمع، وستظل شريكة الوطن مهما حاول الكثيرين من طمث أعمالها وإبعادها عن الحياة العامة وإعادتها لعصور الظلام، وأناشد جميع الإعلاميين الذين يعدون مصدراً رئيسياً للمعلومات لمعظم الشعب المصري أن يهتموا بالمرأة المصرية ويواجهوا الخطاب السائد الذي يقلل من شأنها ويكونوا مصدراً لإظهار القدوة الحسنة من السيدات اللواتي ساهمن بشكل فعلي في رفعة شأن هذا الوطن.