كلمة إنسان مشتقة من النسيان، ومن نعم الله على الإنسان أن أعطاه القدرة على النسيان حتى تستمر الحياة ولا تتوقف عندما يمر بتجربة مؤلمة، الإنسان بصفة عامة سواء رجل أم امرأة هو كتلة من المشاعر والأحاسيس، وتختلف قدرة كل شخص على تقبل نهاية علاقة حب أو زواج فهناك من يعيش سجينا للذكريات وهناك من يتخطى مرارة التجربة ويتجاوز الفشل ويتغلب على مشاعره ويواصل حياته، قد يتسائل كثيرون من أكثر قدرة على النسيان المرأة أم الرجل؟
إن نسيان تجربة الحب التى لم يكتب لها النجاح يعتمد على الخصائص النفسية التى يتمتع بها الرجل والمرأة، تختلف باختلاف المرحلة العمرية، الثقافة السائدة فى المجتمع، الخبرات والتجارب، التركيبة النفسية والتنشئة الاجتماعية، النمو النفسى فى مراحل الطفولة إلى جانب قيم المجتمع وعاداته تلعب دورا كبيرا فى تشكيل شخصية المرأة والرجل وتؤثر على قدرتهم فى اتخاذ القرارات وتخطى الصدمات وإعادة ترتيب أفكارهم وأنفعالاتهم وعواطفهم وإستعادة الثقة مرة أخرى.
فى مجتمعنا الشرقى جرت العادة على تفضيل الرجل على المرأة وإعطائه حقوق ومميزات أكثروفرص بلا حدود ،فينشأ لديه ثقة بنفسه وتقدير لذاته ،فعندما يمر بتجربة فاشلة يعرف أن هناك الكثير من الفرص فى انتظاره، بينما تنشأ المرأة على أساس أن فرصتها محدودة ولو فاتتها الفرصة ستندم ولن تعوضها!
الرجل يحكمه العقل المنطقى لذلك نجد كثيرا من الرجال لا يدخل العواطف فى حساباته، ويعتبر أن إظهار مشاعره نوع من الضعف والتقليل من رجولته، رغم أنه قد يتألم فى داخله لكن يظهر بمظهر الشخص القوى، إلى جانب تأثير هرمون الذكورة السستوستيرون الذى يلعب دوره فى تشكيل عقله وتفكيره كرجل.
المرأة يحكمها العقل العاطفى فهى مرهفة الحس، سريعة التأثر، عندما تفشل تؤنب نفسها وتشعر أنها ضحية للمجتمع والظروف، إلا أن هناك من لديها القدرة على التكييف مع الظروف قد يأخذ منها بعض الوقت إلا أنها سرعان ما تبدأ حياة جديدة ،تنخرط فى العمل وتهتم بأسرتها وأصدقائها وحياتها الاجتماعية.
فى جميع الأحوال لا يمكن أن نعمم أن كل الرجال أو كل النساء أكثر أو أقل قدرة على النسيان ، من يحب بصدق سواء كان رجل أو إمرأة يكون من الصعب عليه أن ينسى ولن ينسى إلا إذا أصرعلى النسيان ،قد ينجح الرجل فى النسيان لأنه يريد البدء فى علاقة جديدة وقد تفشل المرأة لأنها تخشى الدخول فى تجربة جديدة ، فشخصية الإنسان وظروفه وتكوينه النفسى واستعداداته وقدراته ومهاراته هى التى تحدد ، فمن يتمتع منهما بالمرونة والقدرة على التكييف سيعتبر هذا الفشل مجرد تجربة إكتسب من خلالها خبرات تؤهله للنجاح فى المستقبل ، وسيواصل حياته بصورة عادية كأن شيئاً لم يكن.