الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

تضخيم علاقة الدعارة بالعنف والاستغلال

  • 1/2
  • 2/2

حسنٌ، أن تتنبّه منظمة "كفى" إلى واقعٍ ليس بمأسوية تتصوَّرها: نساء الدعارة لسن بالتساوي ضحايا فَرَضَ عليهن الزمن التجارة بالجسد. منهن مدركات الخُطى، يُقدِمن على تعدُّد التجربة الجنسية بمحض وعي واقتناع. في إمكان المنظّمة، بينما تعدّ دراساتٍ عن أحوال النساء المنقادات الى الدعارة، تفادي التعميم والقول بنبرة قاطعة إنّ الرجل وحده العنصر المتوحّش. ثمة مُعرَّضاتٌ للخديعة، انتهين مرغمات على سلوكٍ لم يُردنه، ورحن يُعنَّفن من جراء فقدان الرغبة في الوظيفة. هؤلاء مدعاة تآزرٍ على المستوى الإنساني قبل تفوّق الحسّ الجندري. وأخريات، يرضين بكون الجسد مورد رزق، إسوةً بأي مِهنة، فليس جائزاً تهميشهن، أو تصنيفهنّ بالضرورة ضمن قليلات الخَيار، مُنتهكات العقل والكرامة.
الجزم دراسياً بنكبة نساء الليل
تتصدّى الجمعية للمُستغِل، وتسعى الى تعقّبه عساه يُحجِم، جاهدةً في أن تكون للوجود النسوي المقهور مرجعاً نضالياً. تُنظِّم الندوات، وتعدّ الدراسات وتحضّ على الانتفاض. تستبق احتمال أنّها قد تصبح عُرضة للشكّ إن أفسحت المجال للينٍ في الحُكم إزاء فعل الدعارة، عوض الجزم بأنه محض قصاص مفروضٍ على المرأة، وتعذّر التفلُّت منه يولّد التعاسة الأبدية. متابعةً لحملة "الهوى ما بينشرى"، صدر عن "كفى" دراسة بعنوان "الجانب اللامرئي للدعارة... الطلب عليها"، القصد منه إيضاح اللغط: تتبادر لمجرّد اللفظ بالدعارة امرأةٌ تُذعِن لأهواء الرجل، فيما المُحرِّك الأساس يكمن في فكرة الطلب عليها من طرف الشاري المُحرِّض على هذه "الصناعة". تطرح الدراسة أرقاماً وفق واقعٍ ذكوري يُسلّع المرأة ويُجنسنها، ويُسيِّرها مرغَمةً الى إشباع الشهوة. ذلك الكثير من حقيقةٍ تتعمّد "كفى" تصويرها مخيفة قاسية. يعود الربط ما بين الدعارة والمظلومية الى أصل تربيةٍ تجزم أنّ بائعات الهوى ساقطات، والرجل حرّ التصرُّف بنزواته، فإن دفع بدل أتعاب امرأة، صيّرها عبدة. تدرك المنظمة أنّ نظرة الذكور الفوقية حيال نساء الدعارة لن تستقيم فجأة، فعوامل عدة تتدخل في التصنيف، مساويةً بائعة الجسد بأحطّ العبارات.
خلط الموقف بشعور السيستم والرأي الواحد
يخضع الموقف العام من القضايا لرأي السيستم في التقبّل والرفض. غير ذلك استثناء، فإن جزم المجتمع بسوء النظرة تجاه الدعارة، وأذعن أفراده الى كيلها بالاحتقار، وأبقى على عجزه حيال صدّها أو التخلّص منها، انسحب الموقف على عداه، وسَاد. يفوت "كفى" أنّها، هي الأخرى، تكرّس التعميم وإن في غير اتجاه، وتُسقِط من قاعدتها ميل نساء بمطلق المشيئة الى الاستجابة للإغراء. شابةٌ تفسح المجال لمتحرِّشٍ يلحّ عبر "فايسبوك" أو "وتساب" على دعوتها لتمضية ليلتين وإياه في إحدى الدول، من غير أن تكلّفها الرحلة شيئاً، ثم يسدّد إليها مبلغ 6000 دولار مثلاً، وتنصاع للعرض، ليست قطعاً ضحية استغلال. يغدو مُضخَّماً الزعم أنّ نساء الدعارة مغلوب عليهن، وهو خطاب "كفى" الرافض أيما وجودٍ لحالات لا تتباكى على القدر. للمنظّمة أن تتوجَّس من الرجل، وتساوي بين الجلّادين جميعاً، وأيضاً بين الضحايا، شريطة الحذر من النمط، والتحوّل إحدى أدواته. تحتمل قضية الدعارة غوصاً في الجدل، عوض إغلاق المنافذ أمام الرأي والنقاش. أحادية الخطاب شأنه موضوعات أخرى، يبدع العرب صنعها. ويروقهم التغنّي بها على المنابر وفي كل مناسبة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى