الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

المرأة والمواطنة

  • 1/2
  • 2/2

كلما ضاقت بنا السبل في نقاش ٍ ما حول المرأة السورية، لجأنا إلى إستذكار تاريخ المرأة السورية الذي أكل عليه الدهر وشرب وأصبحت عظامه مكاحل، أو هربنا بجواب مستساغ ألا وهو ( شوفو المرأة بالسعودية وغير دول كيف تُعامل)
نعم..نعلم أن المرأة السورية في قديم الزمان كان لها شأنها في المجتمع والدولة، لكن كيف نرثي واقع المرأة السورية الآن برقعة التاريخ؟؟!!!
كيف نرثي الإغتصاب والزواج المبكر و العنف و هضم المرأة ذاتها لحقوقها، والإزدراء لصفة (أنثى) والكثير من القضايا الغير إنسانية بحق الإنسان.
المرأة السورية في ظل نظام الأسد و الدستور السوري:
من المادة الخامسة والعشرين يقول البند الخامس:
(المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق و الواجبات)
كذلك المادة الخامسة و الأربعين تقول:
(تكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع العربي الاشتراكي)
– هنا تأتي المرأة السورية مواطنة تشارك في مجالات الحياة ، فهي تنتخب في مجلس الشعب ويحق لها التصويت للإنتخابات الرئاسية، وفي المقابل هي تدفع للحكومة السورية ضرائب ليست وفيرة لأنها مواطنة وليس هناك تمايز بين ذكر وأنثى في حالة الدفع للدولة ، لكن بالحقيقة يأتي التمايز في دولة يحكمها نظام ديكتاتوري ينتهج الرشوة والواسطة حسب العائلة و المنطقة والأرشيف الأمني المخابراتي والطائفة لا حسب جنس الإنسان ذكراً أو أنثى.
خير مثال السيدة نجاح العطار أول امرأة تتقلد منصب نائب رئيس الجمهورية في العالم العربي، المتزوجة من اللواء ماجد العظمة، وهي التي شغلت منصب وزيرة الثقافة و الإرشاد القومي لمدة ربع قرن!!!!
وفي عام 2006 م، عينت بمنصب نائب رئيس الجمهورية، الغريب أن النظام بعد ربع قرن من اشغال نجاح العطار منصبا ً، لم يعثر على امرأة سورية غيرها تتقلد منصب نائب رئيس الجمهورية!!!!
كما شغلت السيدة بثينة شعبان مناصب عديدة واستلمت زوجة الرئيس السوري (أسماء الأخرس) الملقبة بالسيدة الأولى مشاريع تنمية ومنظمات عديدة لتبقى تلك الأعمال تحت أنظار سيادة النظام و ما تدره من أموال في جيبه.
استقى القانون السوري وبخاصة القانون المدني وقانون العقوبات معظم مواده من القوانين الغربية الحديثة ، لكنه احتفظ في قانون الأحوال الشخصية بمواد مستقاة من القانون الذي كان مطبقاً في العهد العثماني دون تغييرات هامة، مما خلق تناقضاً واضحاً وخرقاً صريحاً في الدستور السوري، فمن الإنتهاكات الجاحفة بحق المرأة السورية، تقيّد حريتها في اختيار زوجها في المادة 35 التي تعتبر زواج المسلمة بغير مسلم زواج باطل، كما تؤكد المادة 14 أن شهادة الرجل معادلة لشهادة امرأتين بصرف النظر عن سوء سمعة الرجل أو عن تمتع المرأة بمكانة علمية وثقافية، القانون السوري محض سخرية العالم لكثرة الثغرات فيه و لشدة تناقضاته بين نظام علماني و ديني!!!
فالنظام السوري لا ينفذ من القانون سوى ما يحلو له ويصب بمصلحته، إنه ليس فوق القانون، بل هو يمتطيه مجاهرةً دون حياء.
المرأة في ظل الثورة السورية إجتماعياً:
ما إن حطمت المرأة السورية جدار الخوف في بداية الحراك السلمي للثورة بالتظاهرات و المساهمة بالإعتصامات والأعمال الإغاثية والطبية، حتى بدأت حقيقة هذا الموقف النابع عن إرادة وحرية، تصطدم بالعادات والتقاليد الاجتماعية الجاثمة بإستبدادها التي يفرضها المجتمع عليها،والتي تتضارب مع ما ترتجيه من الثورة التي آمنت بها وبمبادئها.
فبعد إنعدام الحراك السلمي للثورة وسيطرة الكتائب المعارضة على عدة مناطق، ضُيّق الخناق على عاتق المرأة أكثر وبات من الصعب مزاولة النشاط المدني و الحراك السلمي، كما حظر عليها الترشح للمجالس المحلية و بات دورها مقتصراً على البقاء في منزلها تنتظر خروج أولادها أو أخواتها أو زوجها من المعتقل أو تشيّع أحدهم، لم ترضى أي أم أو أخت أو زوجة أن تقدم زوجها أو ابنها أو أخيها للموت ولم تتمنى هذا الشيء مطلقا ً لكنها أجبرت على تحمل هذا العبء دون إرادتها، اتخذ الحراك المدني في بدايته أسمى المظاهر والصور المتجلية بالمشاركة و المواطنة الحقيقية، لكن سرعان ما شُوِّهت تلك الأعمال و توارت قليلاً حتى بات أي عمل مدني في هذا الوقت يؤخذ كصورة تذكارية ملمعة للواقع المأساوي التي تعيشه الثورة، وأضحى النشاط المدني والحراك السلمي محض استغلال للإعلام فقط دون أدنى إيمان بما يحمله من قيّم إنسانية.
الثورة أنثى :
هل فعلاً الثورة أنثى أو انه شعار مغلوط يحمل بداخله نوع من التمايز، و فقاعة أيضاً لإعطاء مساحة خلبية للمرأة في الثورة؟!!!
بدأت تأخذ الثورة شكلاً واسعاً لا يقتصر في إصراره وتحدّيه لنظام الأسد، بل  زادت رقعتها لتطال المجتمع المعقد بعاداته و مورثاته الإجتماعية ، فبعد مضي عشرات السنين على تمييّز الأنثى بشكل أو بآخر مثال على ذلك (عندما تريد تحقير شخص ما تصوره بثياب أنثى، أو تشتمه بأمه وأخته)وبهذا تكون قد ميّزت الأنثى على إنها كائن منتقص ،كذلك عكس الأمر (عندما تكون في الباص جالساً وتركب امرأة ،سرعان ما تعطيها كرسيك) وأيضاً هذا التمايز سلبي وأكثر من ينتهجه النساء اللواتي يطالبن بالمساواةّ،  حتى أصبحت الأنثى محض سخرية أحياناً و كائن ضعيف أحياناً أخرى، فيما حركت الثورة كل تلك الرواسب السلبية والإيجابية القابعة في القاع المجتمعي السوري، حتى تكشفت على السطح الخارجي كإنفلات قيمي.
على الرغم من المطبات الاجتماعية لم يثني المرأة عن مزاولة حراكها في الثورة فتعرضت للإعتقال و القتل والتعذيب و أشد أنواع العنف كما تعرض لها الرجل، وكان في ذلك مبالغة أيضاً لإستضعاف المرأة ،التمييز الأنثوي عمل فجوة بين المرأة و الثورة، فكيف تخرج المرأة لمظاهرة وتتعرض للإعتقال؟؟!!!، كيف تهتف حرية مع الرجل معاً؟، كيف تتعرض للإغتصاب عنوةًّ ً من رجال؟ كيف أسمح لأختي للخروج بمظاهرة ؟
هذه الأسئلة تطرحها المراة أيضاً ، فقد أصبحت  تميّز نفسها بتلك الأفكار العالقة في عقلها، و بذلك منحت ثورتها للرجل، في نظرها هو الكفؤ لتلك المصاعب و هو من سيهتف عنها لحرية البلاد و هو من سيناضل من أجل الكرامة أما عن حريتها فهي مطالب غير محقة و غير مطروحة في ذهنها أساساً، كثيراً ما سمعت من نساء تعقيباً على اعتقال فتيات خرجن للحرية عبارات عدة منها (شو بدك بهالشغلة انتي؟، أنتي بنت شو مطالعك مظاهرة، خرجك الله لا يقيمك شغلة مو شغلتك ليش طالعة ؟!!!)
هذه المرأة نفسها التي ناصبت مثيلاتها بالعداء بتهمة الخروج عن المألوف،
وأشير هنا إلى قصة حدثت في أدلب أثناء سيطرة الكتائب المعارضة على إحدى قراها، فقد تم إختطاف فتاة من قبل أحد الكتائب ، سارع أهلها في البحث عنها وكان غرضهم من ذلك ليس إبنتهم، إنما غسل العار، خوفاً مما تعرضت له في غيابها عنهم، و رعباً من ما يحمله المجتمع لهم من نظرات شؤم و عار بحقهم.
أكثر ما يحتاجه المجتمع الآن هو تعميم و نشر ثقافة حقوق الإنسان بين كافة شرائح المجتمع و بين النساء خصوصاً كي يكون لهنَّ إطلاع على حقوقهن و واجباتهنَّ، لا أن يثرنَّ على مسلسل تلفزيوني يصوّر المرأة السورية مستضعفة كمسلسل باب الحارة الذي أثار حفيظة الكثير من النشطاء الثوريين، مما اضطرهم إلى إستعراض بطولات نساء التاريخ السوري القديم، متناسيين فعل تغييّر في الواقع المأساوي الذي نعيشه، نعم المسلسل بالغ في استضعاف المرأة السورية بإظهارها الكائن الخادم للذكر وفي مشاهد أخرى الكائن الثرثار، لكن الواقع لا يستثني حدوث الكثير من تلك الحالات قديماً و حديثاً أيضاً.
العمل السياسي للمرأة في الثورة:
لا يختلف الأمر كثيراً عن نظام الأسد، فالفساد متفشي في مؤسسات الثورة ومبدأ الواسطة يسير على قدم وساق، أصبحت الوظائف معدودة للنساء السوريات ضمن دوائر المكاتب التابعة للثورة كالمجلس الوطني و الإئتلاف الوطني وغيرهم من المنظمات دون تنوّع أو اختلاف، اقتصر على عدة أسماء اختزلت دور المرأة السورية الفاعل في كافة مجالات الحياة.
المرأة مواطن لها حقوقها وواجباتها و تكريس ثقافة المواطنة الآن واجب وضرورة حتمية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى