يوماً بعد آخر يزداد عدد النساء اللواتي يستخدمن المستحضرات التجميلية، حتى أن كثيرات منهن يمعن في استخدامها من دون الأخذ في الاعتبار الجانب الصحي. والطامة الكبرى أن استعمال هذه المستحضرات أصبح شبه يومي إن لم يكن يومياً، بعدما كان يقتصر فقط على المناسبات.
منذ مدة وصفارات الإنذار تنطلق من قبل البحاثة والعلماء والأطباء محذرة من أخطار مستحضرات التجميل على صحة النساء، لكن، على ما يبدو، لا حياة لمن تنادي، خصوصاً أن صناعة هذه المستحضرات في العالم لم تعد آمنة، حتى من قبل أشهر الماركات العالمية، بسبب احتوائها على مواد أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها مشبوهة. يمكن إجمال الأخطار التي تنتج من مستحضرات التجميل على الشكل الآتي:
- الأخطار الجلدية. حذرت دراسات علمية من خطورة الاستعمال المكثف والمتكرر والمطول للمكياجات على طبقات الجلد، خصوصاً البشرة وسلامتها ونضارتها، بسبب احتواء هذه المستحضرات على مشتقات وأحماض تعجل بترهل الجلد وإصابته بالتجعدات وبزيادة خطر التعرض للحساسية الشمسية. وقد عزا العلماء هذه الأخطار إلى وجود أحماض ألفا-هيدروكسي التي تعرف بأحماض الفاكهة، والتي لا يقتصر عملها على تقشير الجلد والخلاص من الخلايا القديمة، بل إن أثرها قد يطاول الخلايا الجديدة وطبقات الجلد المختلفة.
وتتفاعل المواد الكيماوية الموجودة في مستحضرات التجميل مع أشعة الشمس خصوصاً الأشعة فوق البنفسجية، المتهمة بأنها وراء تسريع شيخوخة الجلد وزيادة خطر الورم القتاميني الذي يعتبر أحد أخبث السرطانات على الإطلاق.
عدا هذا وذاك دخلت تقنية جديدة على خط صنع مستحضرات التجميل وكريمات الوقاية من الشمس هي تكنولوجيا النانو، التي يتم فيها استعمال جسيمات صغيرة لم يتم تقويم سلامتها قبل استعمالها، وقد حذر عدد من الخبراء المختصين من المنتوجات المصنوعة باستخدام هذه التكنولوجيا، لأنها قد تكون مؤذية وضارة.
أما في خصوص أحمر الشفاه فحدث ولا حرج، فقد سبق لمجلة «ايكوتيست» الألمانية المتخصصة في مجال حماية المستهلك، أن كشفت في تجربة أجرتها على مستحضر التجميل أحمر الشفاه أن أكثر من نصف أنواعه ينطوي على أخطار صحية محتملة قد تصيب المرأة، مثل التسمم والحكة والاندفاعات الجلدية والسرطان. وعلى الصعيد ذاته أكدت اختبارات أجرتها منظمة الغذاء والدواء الأميركية أن هناك عدداً من أصابع أحمر الشفاه الباهظة الثمن، التي تصنعها شركات عالمية مشهورة، تحتوي نسبة مرتفعة من الحديد، وهذا بحد ذاته مخالف لقوانين الصحة والسلامة.
والمشكلة الحقيقية أن المرأة التي تستخدم أحمر الشفاه تبلع منه سنوياً كمية كبيرة أثناء تناول الطعام والشراب، وإذا كانت المواد المستعملة في صنعه هي مواد غير طبيعية فإن الجسم يمتصها مع الطعام لتسبب حزمة من المشاكل، مثل الأمراض الجلدية، والصداع، وتقلبات المزاج، والسرطان.
- أخطار هرمونية. توصلت دراسة حديثة أجراها خبراء اتحاد «بوند» الألماني لحماية البيئة والطبيعة إلى أن ثلث المواد التي تستخدمها المرأة في التجميل والعناية بالجسم، مثل الصابون السائل ومعجون الحلاقة أو مستحضرات التجميل مثل أحمر الشفاه، تحتوي على مواد كيماوية قد تؤثر سلباً على النظام الهرموني في جسم المرأة، وأن تلك المواد تنطوي على خطورة عالية، خصوصاً على الحوامل والأطفال، كما يمكن لبعض المواد التي تدخل في تركيب المستحضرات أن تؤدي إلى خفض معدلات الخصوبة، والـتأخر في الإنجاب، والبلوغ المبكر، وربما تتسبب في الإصابة ببعض أنواع السرطان.
وفي دراسة أخرى أعدتها مجموعة العمل البيئي الأميركية حذر الباحثون القائمون عليها من المواد الكيماوية داخل المنتجات التجميلية التي تستخدمها المراهقات لأنها يمكن أن تسبب لهن الكثير من الأمراض التي قد يكون بعضها خطراً عليهن.
وكشفت الدراسة الأميركية عن وجود 16 مادة كيماوية مختلفة داخل منتجات تجميلية مثل أحمر الشفاه وقلم الكحل. وبينت فحوص البول والدم التي شملت مجموعة من المراهقات اللاتي يستخدمن هذه المنتجات وجود مواد كيماوية في داخلها.
وبحسب المعطيات التي تم الحصول عليها من الدراسة، حذرت الباحثة التي أشرفت عليها ربيكا سوتون من أن هذه المواد يمكن أن تؤثر على نظام الهرمونات في الجسم، وبناء عليه دعت الباحثة إلى عدم وضع المواد الكيماوية التي تؤثر على الهرمونات داخل المنتجات التجميلية، خصوصاً تلك التي تستعملها ملايين المراهقات في العالم.
- أخطار على أعضاء أخرى. إن الاستعمال المديد والمطول لمستحضرات التجميل التي تحتوي على مواد خطيرة، مثل المعادن الثقيلة والأحماض والمشتقات البترولية وغيرها، قد يحمل معه خطورة عالية لأعضاء أخرى غير الجلد، فالمواد المذكورة تستطيع الانسياب من خلال مسام الجلد إلى الدم ومنه إلى أعضاء أخرى، خصوصاً الكبد والكليتين، مسببة اضطرابات وأمراض وربما نشوء السرطان.
وأفادت دراسة حديثة نشرت في دورية «العناية السكرية» لباحثين من جامعة أوبسالا في السويد، بأن ارتفاع مستويات مركبات اسمها «الفثالات» في الدم نتيجة استعمال المنتجات التي تحتوى عليها أو إحدى مشتقاتها، تزيد خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني. وأظهرت نتائج الدراسة أن مستويات «الفثالات» العالية في الدم رفعت فرص الإصابة بالداء السكري النوع الثاني بمقدار الضعف، على رغم السيطرة على العوامل الأخرى التي تعجل من الإصابة به، مثل السمنة ودهون الدم المرتفعة والتدخين.
ويذكر هنا أن أهم المنتجات التي تحتوي على مركبات «الفثالات» أو أحد مشتقاتها، هي مستحضرات التجميل، والشموع التي تحتوي على زيوت معطرة، ومعطرات الجو الصلبة، ومنتجات الرعاية الشخصية، والبلاستيك، وبعض ألعاب الأطفال. ونصح القائمون على الدراسة بضرورة الحرص على قراءة المحتويات الموجودة والملصقة على المنتجات المختلفة، خصوصاً مستحضرات التجميل، وتجنب شرائها إذا كانت تحتوى على تلك المركبات أو أحد مشتقاتها.
إن القواعد المفروضة على استعمال مستحضرات التجميل قليلة للغاية إن لم تكن معدومة أحياناً، حتى في الدول الأكثر تقدماً، من هنا آن الأوان لإخضاع هذه المستحضرات إلى إجراءات صارمة كما الحال مع الأدوية، من أجل ضمان سلامتها قبل المصادقة عليها والسماح ببيعها في الأسواق. وفي الانتظار ينصح بما يأتي في خصوص مستحضرات التجميل:
1- شراء المستحضرات التي تراعي الجانب الصحي قولاً وفعلاً.
2- الابتعاد عن المستحضرات التجارية الرخيصة التي لا يعرف أصلها ولا فصلها.
3- قراءة المحتويات الموجودة في المستحضر، وتجنب شرائه في حال وجود مكونات ما زالت مثار جدل.
4- اختيار أحمر الشفاه الذي يحتوي على مكونات وأصباغ طبيعية.
5- تجنب التعرض للشمس عند استعمال المساحيق والماكياج.
6- الاقتصار على استخدام مستحضرات التجميل في الأفراح والمناسبات الخاصة.
7- التخلص من مستحضرات التجميل وعدم تركها على الجسم.
8- وضع مستحضرات التجميل في أمكنة جافة بعيداً عن الرطوبة والحرارة المفرطة منعاً لحدوث تحولات مشبوهة فيها.
تاريخ الصلاحية
لمستحضرات التجميل تاريخ صلاحية، ومعرفة هذا التاريخ هو من الأمور الضرورية لتجنب تعريض البشرة إلى مشاكل، خصوصاً أن الدراسات أثبتت أن استعمال المستحضرات المنتهية الصلاحية يترك أثراً بالغ الضررعلى البشرة.
هناك بعض المنتجات التي قد لا يسهل التعرف على تاريخ انتهاء الصلاحية عليها، وفي هذه الحال فإن ظهور أحد المؤشرات الآتية يعني أن المستحضر غير صالح للاستعمال:
- تغير لون المستحضر أو تبدل رائحته.
- تغير قوام المستحضر إلى الخشونة أو النعومة المفرطة.
- عندما يصبح المستحضر أكثر لزوجة أو سيولة من المعتاد.
- وجود ترسبات في المستحضر السائل.
- طبقات عفنة على المستحضر.