لم تكتفِ الكثير من هاويات الطبخ والمتمرسات داخل أسواره بالمثل القائل «لقمة هنية تكفي ميه»، بل سعى العديد من فتيات الجيل الحالي إلى الاهتمام بأبعاد اللقمة، ليشمل ذلك مذاقها ولونها وحجمها، إضافة إلى إكسسواراتها وأسلوب تغليفها وطريقة تقديمها.
بغض النظر عن الكم الهائل الذي تعرضه مواقع التواصل الاجتماعي وبرنامج «انستغرام» من الصور الشهية التي تفصح من خلالها عن هواية أصحابها، سواء كانوا يمارسون مهنة الطبخ كعمل تجاري أم أخريات أرغمهم عشق هوايتهن إلى استحداث أكلات جديدة بنكهات وألوان غريبة لم تتجاوز خيالهن، تجدهن يتسابقن في تأليف وصنع أطباق نجحن في مغازلة أعين متذوقين والتغرير ببطون آلاف المتابعين.
صورة مغرية، مقادير وطريقة، عناصر ثلاثة اعتمدت الكثير من هاويات الطبخ الاستناد عليها، لعرض أحدث أطباقهن المبتكرة، إما لتسويقها أو الاستفادة من فكرتها والتأسي بأكلها.
وبين المالح والحالي والدسم، تفانت الكثير من الهاويات في عرض أطعمة تحمل شكلاً ومذاقاً وتغليفاً مميزاً، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل أصبحت أطباقهن تأخذ شكلاً مجسماً بارزاً، يفصح عن مكان بعينه أو موقف برمته، إذ أسهم شغف إحداهن بابتكار حلى «المناكير» الذي تمثلت مكوناته في البسكويت والحليب المحلى والقشطة، إذ عمدت إلى خلطهن بطريقة معينة وتهيئته إلى بضع عينات ملونة من المانكير، في حين نجحت أخرى في تجسيد موقف متكامل، تمثل في حلى «المسبح» الذي لم يقتصر على كيكة دهنت جوانبها بالكريمة البيضاء، لتظهر زوايا المسبح في شكل أوضح، بل عمدت إلى عمل حفرة داخلها وتعبئتها بـ«الجلي»، وذلك باللون الأزرق، لتقوم بعد تبريدها بتوزيع العديد من السباحين المصنوعين من الجلي الملون بين ثنايا المسبح وإلصاقهم على سطحه، ليبدوا مشهداً يحكي عن رياضة بعينها.
أما غيرها من الهاويات اختارت التراجيديا عنواناً لأطباق الحلى التي تقوم بصنعها، مثال على ذلك حلى «القبور» وحلى «الجروح»، إذ لم تغفل في الطبق الأول عن تجسيد شاهد القبر من خلال استخدام ألواح البسكويت وتثبيت أسفلها بطبقة من الشوكولاتة، في حين استغلت في الطبق الثاني ألواح البسكويت، ووضعت في منتصفها كريمة بيضاء يعلوها قطرات من الجلي الأحمر.
من جهة أخرى، اقتصرت البعض من الفتيات مهارتهن في الطبخ على أنواع بعينها من الأطباق التي تمثلت بشتى أنواع الساندويتشات لا يتجاوز حجمها الأصبع، فهناك من تفننت بصنع «الميني ساندويش» ذات المقاس الصغير بألوان متعددة، أياً كان ذلك برغر أو شاورما أو ساندويش بالجبنة، في حين كثفت أخريات جهودها في صنع أصناف عدة من الموالح تتمثل في الطعم وتتباين في الشكل، منها ما يأخذ شكلاً لولبياً وآخر مربعاً وغيره مرصعاً بالمكسرات ويكسوه السمسم.
تقول أثير عبدالله (22 عاماً): «إن إعدادي بعض «الميني ساندويتش» وتقديمها للضيوف من أقارب والدتي وثنائهم عليها وإعجابهم بطريقة تغليفها، منحني الثقة بنفسي من جهة، ودفعني إلى خوض التجربة فعلياً وتحويلها من مجرد هواية إلى مهنة، في ظل البطالة التي نعيشها»، وأضافت: على رغم رفض والدي في بداية الأمر ممارسة مهنة الطبخ خوفاً من الانتقاد، إلا أني بذلت قصارى جهدي في إقناعه.
أما ريم خالد (25 عاماً) فكثفت استغلال هوايتها في الأعراس والحفلات ومختلف المناسبات، فتقول: «أعجبتني فكرة ما يسمى بـ«التوزيعات» التي يقوم فيها أهل الداعين للمناسبة أياً كانت زواج، ميلاد، ولادة، نجاح، إلى توزيعها على المدعوين التي تحوي باقة من قطع الشوكولاتة والموالح، وهو ما دفعني لاحقاً إلى تطبيقها وعمل عينات مختلفة للزبائن».