بتاريخ 21 أكتوبر 2014 كنت في أبوظبي مشاركاً في فعاليات منتدى «الاتحاد» التاسع عن خطر الإرهاب فتحدثت الدكتورة موزة غباش عن حادثة رجم، نفذها تنظيم «داعش»، باحتفال كبير شارك فيه الرجال ـ بمن فيهم والد الضحية ـ في رجم امرأة قيل إنها زانية!
عقبت الدكتورة غباش بحزن على الحادثة، التي قام فيها الوالد بربط ابنته بالحبال، قبل سوقها لحفرة الإعدام، وحين طلبت من والدها الصفح والغفران أبى وقال الله يسامح أما أنا فلا؟ تم نشر مسرحية الرجم على «يوتيوب»، ويبدو أن هؤلاء قوم يعيشون قبل ألف عام، متجمدين في الزمن.
كنت في كندا حين طلبت من ابنتي (أروى) أن تريني المقطع الفظيع؟ شاب بلحية تذكر بزعيم خوارج الأزارقة، يتكلم بثقة، ويهدر بأشد من موتور الديزل، ويعظ بفصاحة الخوارج ومنطقهم الأدبي.
يرتدي ملابس تذكر بأيام الحشاشين، من قلعة مصياف وآلاموت، مع خطاب من أيام الجاهلية الأولى.
وفي النهاية عزف لحن الموت من أناشيد الجهاد على الجسد المسجى بالحجارة الصماء.
لكن النكتة كانت حين تقدم المجرم ليقرأ حكم الإعدام على المرأة، التي لفعت بعباءة سوداء، وشدت بحبال غلاظ، وردمت في حفرة، تقدم المعتوه ليقرأ حكم الإعدام مستشهداً بقول رسول الرحمة أن يستوصوا بالنساء خيراً!
هناك من نفى عن «داعش» الفعلة.
هناك من اعتبرها تمثيلية على دمية.
ولكن الساحة متسعة بما فيه الكفاية لأمثال هؤلاء.
شعرت بالخجل والأسى يعتريني، من غرق الثقافة الإسلامية التقليدية، في هذا الدرك الأسفل من تقاليد الجاهلية الأولى.
لم أتعجب من فعلة هؤلاء، الفارين من مصحات الأمراض العقلية والزنازين، ولكن كان عجبي أكبر من وقوف فقهاء متجمدين في الزمن، يقولون إنه (حد) يجب أن ينفذ، ولكن بيد من يدعون الخلافة الإسلامية.
حسنا...
ولكن «الخلافة» أعلنها الشبح (أبو بكر البغدادي) من الموصل، وهو «يطبق» نصوص الشريعة، ولا تأخذه في الله لومة لائم! ما قولكم يا فقهاء العصر المملوكي ووعاظ كافور الأخشيدي؟ تعجبت من رفض الوالد أن يغفر لابنته، أكدوا عليه أن يسامحها.
لم يكن في الأمر تمثيلية مدفوعة الأتعاب، رضي بعد تردد تحت ضغط حراس العقيدة من فقهاء «داعش» وفاحش.
أما طلب الرحمة حين ناشدته المسكينة فكان جوابه لا..
أي قسوة وصلنا إليها؟ أي جاهلية ارتددنا إليها؟ كانت الفتاة أروع القوم بحديثها واستغفارها واستسلامها لقدر ولادتها، في هذا العصر الحزين الباكي.
ليرحمك الله، ولعنة الله على هؤلاء المجرمين.
مع هذا فقد طبقت «داعش» الحد على (المرأة)، وهي الجناح الأضعف في المجتمع، ولكن لم نسمع بعد عن تطبيقه على الرجال في شهادة على انتصار قانون الفحولة على العدالة.