الحقيقة المسلم بها منذ وجد الإنسان على هذه الأرض حتى يومنا هذا، أنه لا فكاك عن حاجته للماء، فدون هذا العنصر يموت الإنسان وتنتهي الحياة بأكملها، وكما يقال فإن أساس الحياة والوجود على كوكب الأرض هو هذا العنصر الذي يعد أغلى وأثمن من الذهب.
رغم كل هذه الحاجة فإن الإنسانية وقفت عاجزة تماماً عن إيجاد عنصر بديل أو مصل يمكن بواسطته الاستغناء عن الماء، قوة الماء وعظمته وأثره على الإنسان وعلى كافة المخلوقات جعلته محل بحث وتدقيق منذ القدم وحتى يومنا، لم تتوقف محاولات العلماء لكشف أسراره، وفي هذا الإطار وضعت العديد من النظريات، ولكنها مع الأسف في مجملها تبقى نظريات تحتمل الصواب والخطأ، حيث لا ترفدها أي مؤشرات للحقيقة المطلقة المسلم بها.
من هذه الجهود العلمية الشهيرة ما قرأته في موقع المعرفة www.marefa.org عن دراسة الزركون وجدت أن الماء السائل حتماً قد تواجد قبل 4400 مليون سنة، أي مباشرة بعد تكون الأرض.
كذلك أقوال العالِم الفرنسي فرانسيس ألباريد، من مختبر علوم الأرض في مدينة ليون التابع للمجلس الوطني للبحوث، مياه الأرض هي عنصر غريب عنها، وأنها لم تتشكّل فيها. لذا وضع نظرية مفادها أنها نتيجة تهاطل كثيف لنيازك كبيرة ومكسوّة بالثلج، ضربت الأرض خلال المراحل الأولى من تشكّلها. وأن المرحلة المُبكّرة من تكوّن النظام الشمسي مثّلت فترة اضطراب بالنسبة إلى الكواكب السيّارة الكبرى في مجموعتنا الشمسية، مثل زحل والمشتري، ما جعلها تقذف بسيول هائلة من الصخور المكسوّة بالثلوج. ويفترض أن مجاميع ضخمة من تلك الثلوج الكونية، تهاطلت على الأرض، فكوّنت المياه عليها وملأتها وأتاحت فرصة لنمو الحياة عليها.
ما يميز هذه النظرية أنها تنظر إلى مياه الأرض وكأنها كائن فضائي غريب، وقد نشرت هذه الدراسة في مجلة نايتشر العلمية الشهيرة.
هذا الانشغال من العلماء بحقيقة هذا العنصر الحياتي الهام طبيعي نظراً لأهمية ما يتم البحث عنه وهو العنصر الأول لبقاء كل شيء. هذه الأهمية القصوى تكمن أيضاً في إدراك الإنسان منذ الأزل لحاجته للماء وأن بقاءه يعتمد على هذا العنصر الكيميائي الغريب، لذا منذ الأزل كان الماء محور الحروب والقتال، وهذه حقيقة وتراث في كل أمة من أمم الأرض محمل بالكثير من القصص التي دارت حروب خلالها بجانب أنهر أو بحيرات ومراعٍ تكثر فيها ينابيع الماء العذب، وفي عالمنا العربي لم يكن الحال أفضل بل كان القتال على أشدة وهذا يعود لسبب لا يخفى وهو أن معظم عالمنا العربي تكسو أرجاءه صحراء حالكة – الربع الخالي، النفوذ، الدهناء، الصحراء الكبرى... إلخ – لذا كانت الحروب بين القبائل مستعرة على المراعي وبقايا مياه الأمطار.
أعتقد أن أثر الماء أكثر وقعاً على الإنسان، عند سوء إدارته وهو ما يعني تعثراً اقتصادياً كبيراً، فبنظرة عميقة لنهر عظيم كالنيل، تجد معظم الدول التي يمر بها، التنمية فيها متعثرة ولا يوجد استغلال حقيقي لهذه الثروة فلا مشاريع زراعية ضخمة ولا توزيع مقنن للمياه ولا أيضاً محافظة على نظافتها ومنابعها. ورغم أن الحروب على المياه والقتال على جنبات الأنهر وتجمعاتها كانت تحدث في عصور وحقب ماضية، إلا أن العلماء ودارسي العلوم السياسية والجغرافية يؤكدون أن الحرب الكونية القادمة ستكون على المياه وملامح هذه الحرب بدأت في التشكل وتوجد كتب عديدة تتنبأ بهذه الحتمية.
بقي أن أعبر عن خشيتي من أنه في وسط كل سفك الدم الإنساني أن يغضب هذا الكائن الفضائي – الماء – ويغادر الأرض ويعود للفضاء وكواكبه الأم التي جاء منها.