يحل اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة فى 25 نوفمبر كل عام إثر قرار صادر عن الأمم المتحدة شجعت خلاله الحكومات والمنظمات العالمية غير الحكومية على تنظيم احتفالية دولية في ذلك اليوم للتوعية بمدى العنف الذي تتعرض له المرأة حول العالم.
وفي الكويت عملت الحكومة جاهدة على مكافحة العنف ضد المرأة من خلال العديد من الطرق والوسائل لاسيما توفيرها العيادات النفسية في المراكز الصحية بالمناطق في خطوة ايجابية جدا يسرت على المرأة المضطهدة اللجوء اليها والاستعانة بالخدمات التي تقدمها لتحريرها نفسيا وجسديا من أنواع العنف.
وفي هذا الشأن أكدت اختصاصي طب العائلة في مركز عبدالله وشريفة المحري في العاصمة الدكتورة أسيل عمران الصابري لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم أن وجود العيادات النفسية بموقع قريب في المناطق السكنية جعلها ملاذا للمرأة في حال تعرضت للعنف بشتى اشكاله.
واضافت الدكتورة الصابري ان العيادات النفسية الأولية في المستوصفات والمراكز الصحية ساعدت الكثير من النساء ممن يعانين بصمت ويخشين الذهاب الى العيادات النفسية في المراكز الطبية الخاصة خوفا من كشف هويتهن وبحثا عن نوع من الستر الى جانب عدم قدرتهن على تحمل تكاليف مادية اضافية تزيد من الأعباء التي تهدم نفسية المرأة.
وذكرت أن نساء كثيرات يقمن بزيارة العيادة النفسية بالمركز الصحي على اعتبار انها تعالج عارضا مرضيا كالزكام والتعب مثلا في حين انها تأتي الى المركز خصيصا للدخول الى العيادة التي توفر السرية التامة.
ولفتت الى أن كثيرا من النساء يأتين الى هذه العيادات وعليهن آثار عنف واضحة وشديدة مثل الضرب المبرح والاعتداء الجسدي فيتم علاج الجروح الجسدية مع تقديم الدعم الاجتماعي لهن في حين تلجأ أخريات الى العيادة اثر تعرضهن لعنف لفظي وهو لا يقل ألما وإهانة عن العنف الجسدي.
وشددت الدكتورة اسيل الصابري على أن الاعتداء اللفظي الجارح والمتكرر يجعل المرأة مهزومة وحزينة مع مرور الوقت ويؤثر على أداء الأم او الابنة او الاخت وذلك الاثر يظهر من خلال عدم قدرتها على اكمال تعليمها وتخلفها الدراسي او حجم الغياب وعدم الالتزام بالعمل ويهبط بمجالها العملي والاجتماعي الى درجة العزلة.
وذكرت ان عدد المراجعات في العيادات النفسية الأولية في تزايد مستمر يقارب عدد المراجعات في عيادات الأمراض المزمنة لاسيما مع توفير جلسات العلاج النفسي المتكررة لتحرير النفس البشرية والعلاج بالادوية المضادة للاكتئاب المتوافرة بالمستوصفات بشكل مجاني.
من جانبها أكدت رئيسة معهد المرأة للتنمية والتدريب المحامية كوثر الجوعان ل(كونا) أن النساء في المجتمعات العربية والمجتمع الكويتي بشكل خاص يتعرضن لنوع خاص من العنف لا يقل خطورة عن اشكال العنف الاخرى وان كان علاجه اسهل بكثير من انواع العنف الأخرى.
واضافت الجوعان ان هذا العنف يتمثل بعدم حصول المرأة على الترقيات والتطور الوظيفي بحصص مساوية او مقاربة للرجل وعدم توليها المراكز القيادية بنفس النسبة التي تتماشى مع عدد النساء الفعلي.
وذكرت ان المرأة الكويتية وبعد سنوات من نضالها للحصول على حقوقها السياسية لا يزال هذا المكسب يراوح مكانه "والدليل عدم وصول نائبة الى المجلس الأخير وعزوف النساء عن المشاركة عن الترشح وتحريك النساء للتصويت لمرشح معين دون اخر وعدم اعطاء الفرصة الحقيقية للمرشحة المرأة".
وأشارت الى ان كثيرا من جهات العمل لا تقدم فرصا مساوية للترقيات والتطور الوظيفي مناصفة بين الرجل والمرأة العاملين بنفس المجال.
بدوره قال العميد بدر محمد الغضوري من القطاع الجنائي في الادارة العامة للمباحث الجنائية ادارة حماية الأحداث بوزارة الداخلية ل(كونا) ان العنف ضد المرأة يعتبر ظاهرة انسانية عالمية لا ترتبط بمجتمع ما وهي في ازدياد مستمر.
واكد العميد الغضوري انه يرصد من خلال موقعه الوظيفي حالات متعددة تتسبب بالعنف والضرب المفضي الى الأذى ضد المرأة مبينا ان قضية تعدد الزوجات وان كانت حلالا شرعا الا انها تخلق ظلما للمرأة واولادها على المستوى النفسي والمادي والاجتماعي لاسيما اذا كان الأب لا يملك القدرات المؤهلة للعدل بين الزوجات والأولاد ما يترتب عليه تفكك الاسرة وضياع الأولاد وانخفاض ملحوظ في السلوك والمستوى الدراسي.
واضاف ان عدم التوافق العلمي والاجتماعي بين الزوج والزوجة وجهل المرأة بحقوقها في التشريعات والقوانين التي تحمي كيانها المادي والاجتماعي كلها اشكال مختلفة لممارسة الاضطهاد والعنف ضد المرأة.
واشار الى ان من الامثلة على ما سبق ان يعتبر الرجل ان ثروة المرأة وراتبها الشهري حق مكتسب له ويحرمها منه وبالتالي تخضع المرأة مجبرة خوفا من الطلاق وضياع الأولاد فتصبح المرأة بلا كيان اجتماعي او مادي وغير قادرة على مواجهة اعباء الحياة ومسؤوليات التربية بالاضافة الى كسرها وشرخها النفسي.
وحمل جزءا كبيرا من مسؤوليات تداعي العنف ضد المرأة محليا على وسائل الاعلام التي تسمح لبعض كتاب الدراما بطرح شكل الأب المتهور والمهمل والبعيد عن المنهج الرباني بشكل متكرر وطرح المرأة الكويتية ايضا بأسوأ صورة داعيا وسائل الاعلام الى التدقيق بالمواد الفنية المقدمة وايقاف كل ما يولد ثقافة العنف والبذاءة والممنوعات لحماية النشء.
وناشد العميد الغضوري الجهات المسؤولة تكثيف حملات التوعية بدور المرأة العظيم لحمايتها من الأذى والعنف الذي اكده ديننا الحنيف ورسوله صلى الله عليه وسلم الذي قال في الحديث الشريف (استوصوا بالنساء خيرا) مطالبا بتطوير برامج تثقيفية للمقبلين على الزواج.
وشدد على ان تلك الجهات مطالبة بتوعية المرأة باهمية الزواج المتكافئ من جميع النواحي لضمان حياة مستقرة وآمنة والحرص على التدقيق بمعايير اختيار الزوج والتركيز على اخلاق والتزام زوج المستقبل ومعرفة محيطه العائلي وتشجيع الفتاة على رفض الزواج القسري الذى يمارسه بعض الآباء والأخوة.