قبل أيام، قُتلت نسرين روحانا في لبنان. قتلها زوجها برصاصة في عينها بعدما عنّفها طيلة 15 سنة، ثمّ حرمها من أولادها، لتنتهي قصتها التراجيدية نهاية متوقعة: قتلها ورمى جثتها في أحد الأنهر في منطقة كسروان (شمال بيروت).
تزامن قتل نسرين مع إطلاق جمعية "أبعاد" حملتها لرفض العنف ضد المرأة. فنام اللبنانيون على خبر مقتل نسرين روحانا، واستيقظوا على لوحات إعلانية تملأ شوارع لبنان، تحمل صورة رئيس الجمهورية اللبنانية السابق ميشال سليمان، مع عبارة: "بالعنف ما بيطلع حدا راس... المسؤولية هي بوقف العنف ضد النساء". وترافقت الحملة مع فيديو نشرته الجمعية على مواقع التواصل للرئيس وهو يكتب رسالة مضونها مشابه لما كتب على اللوحات الإعلانية.
أتت الحملة في التوقيت المناسب، لكن بالوجه الإعلاني غير المناسب... إطلاقاً. لماذا؟ لأسباب كثيرة، أبرزها أن رئيس الجمهورية السابق وخلال جلوسه على كرسي الرئاسة، وبعد إصدار قانون العنف الأسري الذي لم يخصّ النساء بقانون خاص، كان بإمكانه أن يرفض القانون ويعيده إلى مجلس النواب وبطالب بإقراره بصيغته الأصلية، التي تضمن حقوقاً وحماية وأكبر للنساء، لكنّ الرئيس "المنزَعج" من العنف ضد النساء اليوم، لم يبدُ منزعجاً بهذا القدر يوم كان في قصر بعبدا.
أما الأسوأ فهو التعنيف الذي مارسه الرئيس ضد كل مواطنة لبنانية متزوجة من أجنبي قبل مغادرته موقعه الرئاسي بأيام. يومها أصدر الرئيس مراسيم منح خلالها الجنسية اللبنانية لعدد من الأجانب، القسم الأكبر منهم من الأثرياء، لأسباب غير مفهومة إطلاقاً ووفق معايير غير واضحة أيضاً. فيما طيلة ست سنوات من حكمه، لم يطرح حتى فكرة قانون حق النساء اللبنانيات بمنح جنسياتهن لأولادهن. موضوع الجنسية الذي تناضل من أجله اللبنانيات منذ سنوات، لم يعنِ الرئيس يوم كان قادراً على إحداث تغيير ما في هذا الموضوع.
وطبعاً إقرار قانون العنف الأسري المجتزأ والمنقوص الذي اعتبر إنجازاً، أُقرّ في أشهُر حكم سليمان الأخيرة، خمس سنوات ونصف، قتلت فيها عشرات النساء اللبنانيات، والآلاف منهن ما زلن ضحايا العنف الأسري.
الخطأ في اختيار وجوه الحملة الإعلانية هو الثاني لجمعية "أبعاد". فالحملة الأولى كانت وجوهها رجال دين لبنانيين، قبل سنتين تقريباً. الرواية الأشهر لعدم إقرار قانون خاص لحماية النساء من العنف الأسري، هو وقوف رجال الدين ضد هذا القانون ومعارضتهم له.
قبل أيام قتلت نسرين روحانا في لبنان. كل الحملات الإعلانية لا تفيد. القانون وحده هو الحلّ.