المتابع لواقع المرأة في الأردن، يُدرك أن هذا الواقع يراوح مكانه منذ سنوات عدّة، لا بل أود أن أجازف بالقول إن هناك تراجعاً فيه. إذ إن انعدام إحراز تقدم في واقعها الضعيف أصلاً، هو مؤشر على عدم القدرة على تحقيق اختراقات في بعض القضايا والمجالات التي تعتبر مؤشرا على التغير في واقعها، وبالتالي فهو تراجع في المكانة.
لقد كان الأردن يفاخر في السنوات الماضية بالتقدم الذي حصل لواقع المرأة، وكان التعليم من أكثر المجالات إشراقاً في قياس تقدمها. ولكن اكتشفنا ونكتشف أن مؤشرات هذا التقدم هي كمية أكثر منها نوعية، وأن تفوق أعدادها على الذكور في الجامعات لا يمكن اعتباره تقدماً بالمطلق، وبخاصة إذا ما نظرنا إلى تركز الإناث في التخصصات التقليدية والنظرية. كذلك، فإن التقدم في التعليم قلما يترجم إلى مشاركة موازية للمرأة في سوق العمل؛ إذ إن نسبة كبيرة من الحاصلات على التعليم الجامعي ينتهي بهن المطاف كربات بيوت، ونسبة تضاف لجيش المتعطلين عن العمل، إذ إن معدل البطالة للإناث هو ضعف معدل الذكور، ونسبة أخرى تجد طريقها للعمل في الغالب في القطاع العام.
وكان سبب التقدم الذي أحرزته المرأة في المجال السياسي هو إدخال "الكوتا" رسمياً في قانوني الانتخابات البرلمانية والبلدية، ولم يكن نتيجة لوجود المرأة في الأحزاب السياسية أو لتغير في بنية وعقلية الناخبين على المستويين.
بالرغم من ذلك، فـ"الكوتا" النسائية والنساء في هذه المجالس، هن دائماً تحت المجهر والنقد والتجريح، أحياناً داخل هذه المجالس أو من خارجها. لكنهن في الواقع أثبتن نجاحاً في إتاحة الفرصة. فقد أتاحت هذه المجالس لعدد كبير من النساء الانخراط في الحياة العامة واكتساب تجربة سياسية مهمة، مكنت البعض منهن من العودة إلى المجلس النيابي خارج إطار "الكوتا".
والوضع الاقتصادي للمرأة الأردنية هو الأصعب، فهو يشكل معضلة لها. إذ إنه لم يتم إحراز تقدم حقيقي أو حتى كمي في نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، والتي ما تزال تراوح حول نسبة 14 % منذ ثلاثة عقود. وغالبية النساء العاملات يتركزن في القطاع العام؛ في قطاعات الصحة، والتعليم، والخدمات الاجتماعية، ونسبة أقل بكثير في القطاع الخاص والرسمي. أما في المجال الاجتماعي، فما تزال المرأة تعاني من أشكال الاضطهاد المختلفة، مثل السيطرة على حياتها، والعنف داخل الأسرة من قبل الزوج والأخ والأب.
إن التقدم في التشريعات الخاصة بالمرأة، والتقدم في التعليم، لم يؤديا الى تقدم حقيقي في واقع المرأة الأردنية، فما نزال في أدنى سُلم الهرم مقارنة بدول المنطقة والعالم في العديد من المؤشرات. والمقلق أيضاً في هذا الموضوع هو تراجع الخطاب العام الإيجابي نحو المرأة. وإذا أخذنا نسبة تمثيل المرأة في مجالس أمناء الجامعات، والهجوم على "الكوتا" النسائية، فإنهما مؤشران على عدم الاكتراث أو حتى الخوف من المحاسبة.
والشق الآخر المقلق هو تراجع الحركة النسائية في الأردن، وغيابها بوصفها قوة فاعلة، وتشرذم خطابها أحياناً، والتباين في اجتذاب مكونات الحركة. إن وجود حركة نسائية قوية سيكون ضمانة لتقدم المرأة، أو على الأقل الدفاع عن مكتسباتها التي هي في تراجع.