دوماً نتحدث عن النجاح وعن التميز في الأعمال، فالناجحون دائماً محل إشادة وتقدير من الجميع، وكما يقال باستمرار، للنجاح الكثير من الأنصار والأصدقاء أما الفشل أو الإخفاق في مشروع أو دراسة أو عمل وإن كان هذا الفشل مرحلياً، فهو وحيد ولن يجد إلا الهجوم والتقليل وكلمات الإحباط، لن يجد أنصاراً أو مشجعين.. وهذه طبيعة الأمور دوماً.. لكننا نتجاهل أن كثيراً من المنجزات الإنسانية والمخترعات التي أثرت البشرية وقدمت الكثير من العون والرفاه للإنسان إنما جاءت بعد عشرات، إذا لم تكن مئات، من التجارب والمهام والأعمال الفاشلة، لكن تطور الإنسان وفق نظرية التعلم من الخطأ، وهو كما هو معروف أن تعمل وتخطئ فلا تكرر الخطأ وتنتقل لطريقة جديدة، وهكذا حتى تصل لمرحلة النجاح، وأتذكر في هذا السياق كلمة للمخترع الشهير توماس إديسون، قال فيها:" لن أقول إنى فشلت مرة، ولكني اكتشفت أن هناك طريقة تؤدي إلى الفشل". بل هناك قصة تروى عنه على نطاق واسع ومشهورة تقول إن أحد الصحفيين سأله عن شعوره حيال 25 ألف محاولة فاشلة قبل النجاح في اختراع بطارية تخزين بسيطة، فأجابه إديسون: " لست أفهم لم تسميها محاولات فاشلة؟ أنا أعرف الآن 25 ألف طريقة لا يمكنك بها صنع بطارية، ماذا تعرف أنت؟". وهذا بحق أمر مذهل يجب أن نتعلمه، فكيف حول وبدل هذا المخترع العظيم مفردة الفشل والإخفاق وجعل منها عوناً ومساعداً للمزيد من العمل، لدرجة أنه لم يمل أو يسأم من كثرة المحاولات التي وصلت لخمسة وعشرين ألف محاولة، ومن هنا يجب أن ندرك معنى الفشل ومعنى التحطيم والكلمات المحملة بالتقليل التي نقولها لأبنائنا أو بناتنا أو زملاء العمل والدراسة، هذه الكلمات التي قد تكون قاتلة للحلم والأمل والطموح.
يجب أن نتعلم النظر للفشل على أنه مرحلة تسبق النجاح، وهذا هو الجانب الذي يدعو له جميع المبتكرين والعظماء الذين ألهموا الإنسانية وأثروا فيها، يقول داعية الحقوق والمؤلف والمتخصص في تحفيز الجماهير، روبرت شولر:"إن فقدنا احتمالية الفشل، فلن يكون هنالك يوماً معنى حقيقي للنجاح". وفي مجال الرياضة يقول لاعب السلة الأمريكي المحترف الشهير ليبرون جيمز:" لا يمكنك أن تخشى الفشل، لأنه الطريق الوحيد الذي يوصلك إلى النجاح، يجب عليك أن تتقبل الفشل وتعترف به حتى تنتقل إلى النجاح".
وهناك فئة من الناجحين والذين باتوا رمزاً في الحياة اتبعوا طريقة عجيبة لتحقيق هذا النجاح وهو عدم الاعتراف بالفشل نفسه، فليس في قاموسهم مفردة فشل، ولعل مقولة لأهم وأشهر الكتاب والمؤلفين الأمريكيين المعاصرين وهو كاجسون براون، توضح هذا الجانب حيث يقول: "لم أتقبل يوماً الفشل، حتى وأنا في أصعب انكسار لي فقد كنت أعد خطابا للنصر".
مرة أخرى على المربين والمعلمين والآباء والأمهات إخراج مفردات التهبيط والتقليل وأيضاً عدم وصف البنت أو الابن بالفاشل، لابد من تعليم الأبناء أنه لا توجد مفردة تسمى فاشل إلا في قاموس النائمين الاتكاليين أما الذين يعملون ويجدون ويثابرون ويجتهدون ولا يحبطون فإنهم لا يعرفون إلا النجاح مهما تأخر أوانه ووقته.