في البداية لا أعلم ما هي آلية إطلاق كلمة حقوقية ومن يقوم بإطلاقها في مجتمعنا وعلى أي أساس يتم تصنيف أن فلانة ناشطة حقوقية. فإن كان يتم إطلاق هذا اللقب على كل من تطالب بشيء من شأنه تحسين اي خدمات أو زيادة الإنصاف الإجتماعي، فذلك يعني أن معظم نساء وبنات مجتمعنا هن ناشطات حقوقيات. لأن الكل لهن مطالب. سواء أكانت المطالب شيئا ملموسا مثل المطالبة بتعليم أفضل أو رعاية صحية أشمل، أو قد تكون المطالب غير ملموسة مثل أن تطالب نساء هذا الوطن بنوع من زيادة المساواة الإجتماعية. والكل لهن مطالب والكل لهن حق المطالبة. ولكن أصبح حق قيادة المرأة للسيارة هو أكثر المطالبات سخونة ليس في مجتمعنا فقط، بل أصبح مادة دسمة لجميع وكالات الأنباء العالمية. ولعلم القارئ فقد كتبت أكثر من مقال حيال قيادة المرأة وحقها بالمطالبة به.
وقبل فترة من الزمن قامت احدى الفتيات السعوديات بقيادة سيارة ليصبح الحدث خبرا على الصحف العالمية وقد تعاطف الكثير معها لأن الكثير لم يعرف ظروف اضطرارها لقيادة السيارة، ولكن بعد أن قامت بإلقاء محاضرة في العاصمة النرويجية وقالت ما قالت من كلمات ناقصة، خسرت كل المتعاطفين معها. لأن المسألة لم تكن مسألة جلوس امرأة وراء المقود. ولعلم القارئ فمن يسكن المنطقة الشرقية يعرف ان منظر رؤية امرأة تقود السيارة ليس بغريب لأننا ومنذ طفولتنا نرى النساء يقدن السيارات في منشآت ومجمعات السكن الخاصة بشركة ارامكو السعودية منذ عشرات السنين.
وقبل عدة ايام طفا على السطح وبقوة مسألة قيادة المرأة عندما أرادت احدى السيدات اجتياز الحدود الاماراتية- السعودية عبر قيادة السيارة بنفسها. ولو تم ذلك من دون اتباع اسلوب الهيلمة و الإعلان المسبق فمن الممكن أن تمر المسألة دون ضجيج. لأن الكل سأل هل قادت المرأة السعودية السيارة من الامارات إلى الحدود السعودية لأنها تريد فقط قيادة السيارة، أم أن الهدف من الرحلة تسليط الضوء وإعلان شعار (شوفوني). لأنها في هذه الحالة قالت للمجتمع أنا قدت السيارة ليس لأني أريد أن أقود السيارة، بل كنوع من إثبات نقطة معينة ولكن فيها لمسة تحد. بل ان مواقع التواصل الاجتماعي قد رصد تحركاتها لحظة بلحظة. ومن يدري فلو لم تعلن عن نيتها بعبور الحدود فمن الممكن أن يتغاضى موظف الجمارك ومدقق الجوازات عن الموضوع لو قالت له بأنها تسوق السيارة لأن زوجها أو أخاها تعب من القيادة وأنها قامت بقيادة السيارة بدلا منه. فقد رأيت بأم عيني قبل (25) سنة رجل مرور في جدة تمر من أمامه سيارة تقودها امرأة محجبة بجوار الطريق الساحلي ورآها ومرت بجانبة ولم يلتفت لها رغم رؤيته لها بوضوح. ولكن كان واضحا بأنها قادت السيارة لأنها أردات أو احتاجت أن تقود السيارة. ومع ذلك كان بإمكانه إيقافها ولكنه لم يفعل. فالكثير في المجتمع ليس ضد قيادة المرأة للسيارة أو ضد مطالبتها بالقيادة أو ضد رؤية امرأة تطالب بتحسين وضع المرأة. ولكن للأسف بعض من اطلقن على أنفسهن حقوقيات هن أكثر من أضر بالمطالبة بالحقوق. فهناك أمور اجتماعية تتغير مع الزمن وأحدها قيادة المرأة للسيارة حتى لو كان بالتدرج سواء عن طريق تحديد الفئة العمرية أو المكان أو الحاجة، ولكن أسلوب بعض الحقوقيات يضع علامات استفهام على الأسلوب وعن الهدف. الكثير مع قيادة المرأة السعودية للسيارة، ولكن من الواضح أن من يردن القيادة هن من عطل النور الأخضر.