التغيرات النفسية و الجسدية بعد سن الأمل
يخضع جسم المرأة للعديد من التغيرات الفيزيولوجية و الهرمونية في مختلف مراحل حياتها . فبعد مرحلة الطفولة, تدخل الفتاة مرحلة البلوغ لتبدأ باستقبال أولى د وراتها الشهرية, ثم تأتي بعد ذلك محطات أخرى كالمراهقة والزواج والحمل والولادة...و تخضع جميع هذه المراحل لنظام هرموني دقيق, كما تمتاز كل مرحلة عن الأخرى بمجموعة من الأعراض و التغيرات النفسية و الجسدية.
و مع تقدمها في السن , تعرف الدورة الشهرية مجموعة من الاضطرابات المرتبطة بضعف افراز الهرمونات الأنثوية . يستمر هذا الضعف التدريجي الى أن تتوقف المبايض عن العمل و ينقطع الطمث ,حينذاك تدخل المرأة في مرحلة جديدة تسمى سن اليأس .
و لأن عبارة سن اليأس قد توحي للبعض بالتشاؤم و الكآبة , بل و قد تكون عنوانا لفقدان الانوثة و انتهاء دور المرأة كزوجة و كأنثى, سنستخدم لفظ "سن الأمل" . و قد تساعدنا هذه التسمية ,كنساء, على طرد هواجس ما بعد الأربعين, و اعتبارها مرحلة جديدة من الحياة يتجدد فيها الأمل ,و نتمتع فيها بالمزيد من السعادة و الراحة و التألق.
يمكن اعتبار سن الأمل ,تلك المرحلة الانتقالية من الخصوبة إلى عدم القدرة على الإنجاب ,و التي تصلها أغلب السيدات ما بين بداية الأربعين إلى نهاية الخمسين من العمر. و من أبرز عوارضها يُذكر : تقلبات المزاج , اكتئاب و قلق, الام في الرأس ,هبات حرارة وتعرق ليلي ,جفاف مهبلي, صعوبة خفيفة في الذاكرة ,زيادة في الوزن ...و غالبا ما تكون هذه الأعراض خفيفة ,كما يمكن التغلب عليها بتحسين نمط الحياة و تعديل النظام الغذائي بما يتناسب و هذه المرحلة.
الأستروجين ...هرمون الأنوثة و الجمال
عند بلوغها سن الأمل , يطرأ على جسم المرأة مجموعة من التغيرات نتيجة توقف المبيضين عن إنتاج الهرمونات الأنثوية خاصة هرمون الأوستروجين.
و يعتبر الأستروجين الهرمون الأنثوي الرئيسي و الأكثر أهمية في جسم المرأة. فهو المسؤول عن تشكيل الأعضاء التناسلية ,و عن تنظيم الدورة الشهرية ,كما يلعب دورا هاما في تحضير جسم المرأة لاستقبال الجنين و تطوره. و يؤثر الأستروجين كذلك على مجموعة من الأعضاء كالدماغ (الذاكرة و الاستقرار العاطفي) والقلب ,كما يساعد على الحماية من خطر الإصابة بهشاشة العظام ,وذلك بالحفاظ على كثافتها عبر تسهيل امتصاص فيتامين D ...
يسمى الأوستروجين بهرمون الأنوثة و الجمال, و لا عجب في ذلك فهو المسؤول عن إكساب جسم الفتاة الصغيرة تلك الملامح الأنثوية التي تحولها إلى امرأة جذابة . و هو الذي يكسب صوتها النعومة المميزة ,و يحفز خلايا عظام الكتف على النمو, كما أنه المسؤول عن جمال البشرة ,و بروز الصدر ,و اتساع الحوض , وعن الزيادة الشحمية في منطقتي الورك و الفخذ...
و تجدر الإشارة إلى أن اتساع الصدر في طور المراهقة يكون بتأثير مباشر لهذا الهرمون. فهو يحدث تأثيرا في هذه المنطقة ,فتتجمع فيها المواد الدهنية و تتكاثر الغدد الحليبية .و هذا التغيير هو استعداد لاستقبال المولود القادم بما يلزمه من حليب.
و بالرغم من دور العلاج التعويضي بالهرمونات في تخفيف أعراض سن الأمل, و الحفاظ على صحة العظام ,و تحسين البشرة, و تخفيف الجفاف المهبلي. إلا أن هذا النوع من العلاج لا يخلو من المخاطر خاصة تلك المرتبطة برفع احتمال التعرض لأمراض القلب و سرطان التدي.
السؤال المطروح هو : هل يمكن أن يقدم الغذاء حلولا بديلة و آمنة تحافظ على صحة و أنوثة المرأة حتى بعد الأربعين؟ !
دور الفيتوستروجينات في تقليل أعراض سن الأمل
يعتبر الغذاء أهم ما يشغل الإنسان, فهو العامل الرئيسي المؤثر على صحته الجسمانية و العقلية , وعن إنتاجيته و ذكائه , إلى جانب دوره الكبير في ضبط فيزيولوجيته و وقايته من مختلف الأمراض.
فالمرأة ,على سبيل المثال, تخضع مع تقدمها في السن لمجموعة من الأعراض المزعجة الناتجة عن نقص الأستروجين . و لأن العلاج الهرموني البديل قد يكون مصدر خطر عليها , أصبح من الضروري أن تعوض هذا النقص بمصدر غذائي آمن , يخفف عنها أعراض سن الأمل و يحميها من المخاطر المرتبطة بنقص هذا الهرمون.
ولقد أثبتت الدراسات أن النساء اليابانيات اللواتي يكثرن في حميتهن من الفيتوستروجينات خصوصا تلك المتواجدة في الصوجا, تقل عوارض انقطاع الطمث لديهن, إضافة إلى أنهن يكن أقل عرضة للإصابة بسرطان الثدي. و الفيتوستروجينات هي مركبات كيميائية نباتية تشبه هرمون الأستروجين, و تسمى كذلك بالأستروجين النباتي. تنقسم هذه الجزيئات إلى تلاث أقسام هي : الإيزوفلافونات و الليجنانات و الكومستانات . و بالرغم من كونها ضعيفة التأثير إلا أنها قادرة على تعويض الأستروجين, و درء الأخطار الناجمة عن نقصه. و من ثم ,فإنها تلعب دورا كبيرا في موازنة الجهاز الهرموني , و الحفاظ على صحة القلب ,و حماية البنية العظمية, إلى جانب الوقاية من السرطانات الهرمونية... توجد الفيتوستروجينات بوفرة في المكسرات و الصوجا وبذور الكتان و بذور دوار الشمس و السمسم و البقوليات إضافة إلى الخضروات و الفواكه...
و عموما ,يجب على الأنثى أن تنهج نظاما غذائيا منذ صغرها يعتمد على تناول الخضروات و الفواكه و الحبوب الكاملة و البذور و المكسرات و الزيوت النباتية ,في مقابل التقليل قدر الإمكان من اللحوم بمختلف أنواعها عدا الأسماك. فبالغذاء الصحي و المتوازن ,تمد جسمها بما يحتاجه من المعادن والفيتامينات و مضادات الأكسدة ,و طبعا بالفيتوستروجين و الأوميغا3.