تتعلق المرأة بمَن يثري وجدانها عاطفيا، لأن دنياها دنيا عواطف ومشاعر وهي بحكم تكوينها أنيقة مرتّبة، وتحب أن يكون حبيبها أنيقاً مرتباً معطاء غير بخيل وهادئ، رزيناً لا يخالط تصرفه فوضى الأهواء ولا عصبية هوجاء.
ترى المرأة في نفسها مملكة تقبل على من أقبل، ولا تحبذ من يدير لها ظهره، وتحب أن يسهم شريكها معها في عملية بناء أبنائهما تربويا لبنة فوق لبنة، حتى يستوي بناؤهم تماماً، ولا يتركها عُرضة لعواصف الأيام، فهي الأنثى التي لها حقوقها الموازية لعطائها غير المحدود.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف تتعامل الزوجة مع سلوكيات زوجها التي لا تعجبها دون أن يترتب على ذلك تبعات مَن انعكاسها على استقرار البيت وانتظامه؟
يقول الدكتور هاني السبكي أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة محذراً المرأة بقوله: “إياك ومحاولة إعادة تربية الزوج مرة أخرى، فهذا مستحيل ولن تجني من ورائه غير إثارة المشكلات التي ستنجم عن عملية النقد بينكما”، ومهما حاولت إعادته عن عاداته غير المقبولة بالنسبة إليك، لن يتوفر لك ذلك، لأن الزوج ليس كالطفل يمكن إعادة تشكيله، بل هو كيان اكتملت شخصيته، لكن هناك وسائل يمكن استخدامها للتعامل مع تلك المستجدات، منها التعبير عن وجهة نظرك دون التعالي في إبدائها أو طرحها بصيغة الأمر، وتذكري أنك لست أمّه التي سبق أن قامت بتربيته، وبالتالي فإن طريقتك غير محببة في الحوار معه، ولن تجلب إلا نفوره عنك وابتعاده اتقاء للمشكلات.
ويضيف الدكتور السبكي: “إن من الشكاوى التي ترد دائماً، هي تحمل الزوجة عبء تربية الأبناء بمفردها، حيث أن ذلك يشكّل لها عبئاً ولا تستطيع ترتيب أمورهم، بدءاً من عنصر الدراسة ومتابعة أنشطتهم كافة، إضافة إلى اصطحابهم إلى المدرسة، وهي تتمنى لو أنها اقتسمت هذه المسؤوليات مع الزوج بهدوء حتى وإن حمّلها العبء الأكبر، عندها سوف يحس بما تُعاني من أعباء”.
وعن عصبية الزوج يقول: “تمكن معالجة انفعالاته بتدريب النفس على خاصية الصمت خاصة لحظة الغضب في أوقات ثورته، وتركه يقول ما يريد دون التعليق عليه، وبعد أن يهدأ يمكن للزوجة التحدث معه بهدوء، دون إلقاء اللوم عليه كلياً حتى لا يعود لثورته الأولى، وهكذا في كافة الأمور”.
أما فوضوية الرجل فهي من الأمور التي تُثير مشاكل أسرية جمة، لأن الفوضى التي يسبّبها الزوج تحتاج إلى الكثير من التحمل والجهد والصبر من جانب المرأة، فالرجل الفوضوي في عُرف النساء هو مَن يميل إلى بعثرة أشيائه في كل مكان، ولا يعيد الأشياء التي يستخدمها إلى مكانها المخصص لها، وبما أنه يمارس ذلك في متعلّقاته الشخصية فهو يعيش في فوضى في حياته العامة، وفي علاقاته وكذلك تصرفاته، مما يرهق زوجته ويربكها إلى حد بعيد.
ويوضح الدكتور السبكي أن الزوج الفوضوي عادة ما يكون مدللاً، لم يستوعب المعايير ونظم حياة الجماعة إبان فترة التنشئة الصغرى سواء في البيت أو المدرسة، لذلك فهو طفل وإن بان كبيراً، وهو يحتاج إلى إعادة صياغة من جديد وفقاً لأسس خاصة لا تمس حساسيته، وبالتالي إعادة توازنه النفسي ومن ثمة الاجتماعي.
تبغض المرأة في الرجل تقاعسه عن نيل حظه من الطموح، وعدم سعيه للارتقاء بحياته ووضعه الوظيفي أو المهني أو الارتقاء في العمل، فالمرأة عادة تحب أن ترى زوجها ناجحاً ليكون قدوة لأبنائه.
الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، تقول: “إن العبارة التي أطلقها البعض “وراء كل رجل عظيم امرأة” يقصد بها امرأة ناضجة لها حظ من التفاؤل، وتنصح كل امرأة أن تظل خلف زوجها تدفعه إلى الأمام، وبكل حب وتفاؤل، وتحاول قدر الإمكان أن تساعده في عمله، من خلال تنظيم أوراقه، أو تنظيم أجندة عمله”، وتحذر الدكتورة سامية المرأة من تغليب معايير الفقر، إذ أنه معيار مُتغيّر بتغيُّر الظروف.
ويوافقها في الرأي الدكتور خليل فاضل الاستشاري النفسي وزميل الكلية الملكية للطب النفسي بلندن، الذي يرى أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش هذه الحياة دون تفاؤل، مؤكداً أهميته كصفة تميُّز الرجل والمرأة بشكل عام، ويوضح أن المرأة تكره في الرجل صفة التشاؤم والسلبية، هذه الصفة التي تمنع الكثير من الرجال عن الإقدام في العمل أو الدخول في مشاريع جديدة والاستكانة إلى الوضع الحالي.
وينصح الدكتور فاضل الزوجة أن تدفع زوجها دائماً نحو التفاؤل، والتفكير في الجوانب الإيجابية في أي موضوع تناقشه معه، وتبعده قدر الإمكان عن التفكير في الأمور السلبية، خاصة أن التشاؤم يتسلل إلى النفس خفية ودون وعي في كثير من الأحيان. من أكثر الأشياء التي تكرهها الزوجة في الزوج إهمالها عاطفياً بحجة العمل أو الانشغال، فالإهمال العاطفي من العوامل التي تؤثر سلباً على العلاقة بين الزوجين، وتجعل الحياة غير إنسانية.
وفي هذا الإطار يوضح الدكتور حسنين كشك الخبير بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية، أنه مع انشغال الزوج في عمله ومع زيادة أعباء الحياة، قد يهمل زوجته عاطفياً، ويهمل مغازلتها كما لو كان في بداية رحلتهما الزوجية. ويضيف الدكتور كشك: إن هناك أزواجاً يرتبطون بعد قصة علاقة حب طويلة ثم تموت هذه العاطفة، بسبب إهمال الرجل عنصر استمرار إشعالها، وتجاهل مشاعر المرأة، وينبغي ألا يغفل الزوج رتابة الحياة اليومية وضغوطها والملل الذي يسيطر عليها، لأنه يحوّل تلك العلاقة إلى روتين، وهو يحتاج إلى إيقاد عنصر الاهتمام العاطفي”. ويلفت الدكتور كشك نظر الزوج إلى أن الاهتمام العاطفي ومغازلة الزوجة، من الأمور شديدة الأهمية في تجديد الحياة الزوجية، وتساعد في إضفاء جو من البهجة والمرح في المنزل؛ مما يساعد على تخفيف حدة التوتر الذي تسببه ضغوط العمل.
وينصح الدكتور كشك كلاً الزوجين، بأن يكونا حريصين على تجديد علاقتهما، فالغزل والاهتمام العاطفي المتبادل يحصّن العلاقة ضد التأثيرات الضارة، فلا يجب التفاعل معه كنوع من الكماليات، ولا كنوع من الواجب، وإنما هو الأكسجين الذي يمد العلاقة الزوجية بالحياة.
العرب