في الأسبوع الماضي اكتشفْتُ أخيراً أني من أنصار الحركة النسوية. حتى ذلك الحين كنتُ أظن أن النساء اللواتي يعملن في وظائف مهنية يشكلن مجموعة متميزة يجب أن تتوقف عن الشكوى. لكني الآن أراجع أفكاري. لم يكن السبب في ذلك دليلاً ملموساً أو تجربة شخصية، وإنما كان شيئاً لا أهمية له على الإطلاق: إعلان مدته 62 ثانية عن شامبو بانتين.
يصور الإعلان الجديد مكتباً نرى فيه الرجال والنساء يفعلون الأشياء نفسها، لكن خلف كل شخص تظهر كلمات مختلفة مكتوبة بأحرف كبيرة. أحد الرجال تقرأ فوق رأسه كلمة ''رئيس''، وفوق واحدة من النساء ''متسلطة''. كذلك تقرأ أشياء من قبيل، الرجل الذي يعمل حتى ساعة متأخرة ''مخلص في عمله''. المرأة ''أنانية''.
عندما تقرأ هذه الكلمات مكتوبة على صفحة، فإنها تبدو دلالة على الجهل المطبق. لكن حين تشاهد الفيديو – ولا بد أن تشاهده، إن لم تكن قد فعلتَ أصلاً – ستجد نفسك تتعاطف مع فكرة ''العالم مجنون'' وتقول في نفسك: نعم، المعايير المزدوجة لا تزال موجودة. ونعم، إنها لا تزال مهمة.
صُمم الإعلان من أجل الفلبين. وكان يمكن أن يظل هناك لولا أن لاحظَتْه شيريل ساندبيرج، كبيرة الإداريين التشغيليين في ''فيسبوك''، التي اعتبرته مثالاً لا يعلى عليه لفكرة ''إلى الأمام''. والآن انتشر في جميع أنحاء الإنترنت وأنا شخصيا لا أتوقف عن مشاهدته، بل أكرَهْتُ عدداً من زملائي على مشاهدته أيضاً. لكن أثناء مشاهدتي له للمرة الخامسة توقفتُ عن الإعجاب به كثيراً. إنه دعوة إلى مناصرة المرأة – وهو أمر جيد – لكنه يثير قضية بالنسبة للشَّعر، وهذا ليس بالأمر الجيد. كل النساء لهن شعر جميل منمَّق يحركنه يميناً وشمالاً – وهو ما يميزهن عنا نحن النساء العاملات اللائي لا نتمتع بشعر زاه نقذفه يميناً وشمالاً.
تستطيع أن تقول إنه طالما ينشر دعاية للشامبو، فلن ينجح إن كان يُظهِر البصيلات الواضحة والحواف البارزة. ثم قلتُ في نفسي: بما أن شركة دوف استخدمت في حملتها بعنوان ''الجمال الحقيقي'' نساءً في الأربعينيات من العمر وفيهن بعض البدانة، فلماذا لا تستطيع بانتين استخدام نساء حقيقيات لهن شعر حقيقي (أي شعر يعاني المشاكل)؟
عندها فقط رحتُ أفكر في أنجح النساء في الأعمال في العالم. فهن لا يعانين مشاكل الشعر، أو إن كانت لديهن مشكلة فقد وجدن لها حلاً. خذ مثلاً أحدث نجمة في عالم الشركات: المهندسة البالغة 51 عاماً من ديترويت، التي أصبحت في الأسبوع الماضي أول امرأة تتولى إدارة شركة للسيارات. في صورها، يبدو شعر ماري بارا طويلاً ولامعاً ومصقولاً يتساقط بجمال على كتفيها. الجميع علقوا على مدى ذكاء الرئيسة الجديدة لـ ''جنرال موتورز''، وأُعجِبوا بحديثها العادي في قولها ''لن نقبل بعد الآن بسيارات رديئة''، لكن حتى الآن لم يمتدح أحد شعرها.
ربما يكون السبب في ذلك أنها ليست غير عادية عند مقارنتها بزميلاتها. وللمقارنة، دوعوني أعطيكم وصفاً للشعر عند كبار التنفيذيات في الولايات المتحدة: ساندبيرج: شعر رائع. أنجيلا آريندتس: مظهر بارز مثير، وخصلات مرتبة بطريقة فنية. ماريسا ماير: جدائل ذهبية رائعة. فقط إندرا نويي وأيرين روزنفيلد اختارتا أسلوب الشعر القصير العملي، وحتى هاتان المرأتان كل شعرة في مكانها.
ومظهر بارا اللامع ربما يكون قد نجا من التعليقات لأن الناس يظنون أن التطرق لهذا الموضوع يعتبر تمييزاً بين الجنسين. لكن الشعر قضية نسائية وينبغي الحديث عنه باعتباره جانباً مهماً من عدم المساواة بين الرجال والنساء. فعملية تجفيف الشعر التي تمر بها النساء في كل يوم تعد استنزافا للوقت وتضعهن في موقع سلبي بالنسبة للرجال، وكثير منهم ليس لديهم شعر على الإطلاق. دان أكيرسون، الذي كان يشغل المنصب قبل بارا، كانت لديه قبة مناسبة تماماً على رأسه، وتجفيفها بالمنشفة كان يأخذ منه ثانية واحدة بالتمام والكمال.
الوقت من ذهب. كان أجر أكيرسون 11 مليون دولار سنوياً، أي ما يعادل 2500 دولار في الساعة (إذا افترضنا أنه يعمل 300 يوم في السنة و14 ساعة يومياً). لذا تكلفة نصف ساعة تذهب لتجفيف الشعر الطويل هي 1250 دولاراً، أي ما يعادل ربع مليون دولار سنوياً، على افتراض أن الحاجة تدعو إلى تجفيف الشعر 200 مرة في السنة. وهذا لا يشتمل على المبلغ الضخم الذي يتقاضاه موظف الكوافير.
لكن لا داعي لأن يشعر المساهمون بالقلق. فالشعر الطويل يستحق كل قرش يُدفع عليه. قبل فترة ألقيتُ كلمة في حفل عشاء رسمي وتوزيع للجوائز، وبناء على نصيحة زميلة لي قررتُ تجفيف شعري أولاً. لم يخطر ببالي قط أن أفعل ذلك من قبل على اعتبار أني نشأتُ على أن هذا أمر سخيف ويدل على العبث. إذا كنت أبدو مثل الفزاعة، فليكن.
وهكذا ذهبتُ إلى الكوافير في عملية استغرقت 45 دقيقة وكلفت 40 جنيهاً. وبعد أن وُضِعَت على وجهي كمية غير عادية من ''المنتج'' وكثير من الشد والسحب وضعَت على رأسي خوذة ضخمة. الآن أصبحتُ لا أٌقهر. كنتُ مارجريت تاتشر لليلة. لا عليك من التوجيه، ولا عليك من ارتداء ملابس تدل على القوة. إذا أردتَ الحصول على حقنة مباشرة في الوريد من الثقة، ما عليك سوى تجفيف شعرك لأنه سيقوم بالواجب.
شركة لوريال، أكبر منافس لبانتين، شجعت جيلاً من النساء على شراء منتجاتها التجميلية وعلمتهن أن يقلن: ''لأني أستحق ذلك''. إذا كانت بانتين تستهدف الآن المرأة العاملة، فيجب أن تطنطن لهذا الهدف بالشعار التالي: ''لأنه استثمار رائع فعلاً''.