من جملة عادات جديدة ومكتسبة حديثاً وكان لها أثر سلبي في صحة الإنسان، هي جملة من الطباع في تناول الأغذية، عزز مثل هذا التهافت على تلك النوعيات الرديئة الفقيرة من الفوائد الصحية للجسد شركات عالمية للأغذية تستخدم الإعلان وحملات تسويقية ضخمة، حتى باتت أطعمة لا رائحة لها أو ذوق هي المتسيدة على موائدنا يومياً.
لن أحدثكم عن الوجبات السريعة وجميع ما يرافقها من ويلات تتلبس بأجساد أطفالنا فتحوّل براءتهم إلى ما يشبه المسخ، فتتغير أجسادهم النحيلة الصغيرة لتصبح متضخمة ممتلئة بالشحوم والكلسترول والدهون المسمومة، ونتج عن مثل هذه الممارسة الغذائية الخاطئة تصاعد في أرقام الإصابات بالسكري وأمراض القلب، وغيرها كثير، بل إن مجتمعاً كالمجتمع الخليجي باتت نسب الإصابة بالسكري فيه وكأنها وباء من تصاعد أرقام الذين يقعون يومياً في براثن أمراض لا ترحم.
لا تعتقدوا لوهلة أن هذه ظاهرة محلية أو خليجية أو حتى عربية، بل هي عالمية بكل ما تعني الكلمة، العالم بأسره بات يعاني ويلات الأطعمة السريعة التي يتم تحضيرها على عجل وبأجهزة تبث الحرارة لا أكثر، لذا، نسمع بين وقت وآخر عن جهود منظمات وجمعيات النفع العام في دول عدة تأخذ على عاقتها جهوداً مضنية للتوعية ومحاولة الوصول إلى الجمهور للتنبيه على خطورة بعض الوجبات والأطعمة وأنها تفتقر إلى العناصر الغذائية المفيدة للجسد، بل التي يحتاجها الجسد.
لكن، جهود مثل هذه الجمعيات الخيرية تتكسر وتتراجع أمام صناعة تدر مليارات الدولارات، بل تصبح مثل تلك الجهود لا تذكر أمام صناعة الإعلان وفنون التسويق وتشويق المستهلك ومخادعته والتلاعب بمشاعره وأحاسيسه، والمشكلة العظيمة أن معظم مستهلكي تلك الأغذية غير الصحية هم من الأطفال، لذا، كأننا نرى أطفالنا يذبلون يومياً وهم يتناولون أغذية لا تفيد أجسادهم الصغيرة دون أي تحرك أو وضع معايير وقوانين تحد وتجرّم مثل هذه التجارة المؤذية.
لذا، تبقى معالجة هذا الملف بين يدي المختصين رغم اليقين بأن التحرك يجب أن يكون دولياً وعلى مستوى حكومات وليس على مستوى جمعيات ومنظمات خيرية جهودها مؤطرة رغم الشكر لها وإمكاناتها المادية والبشرية محدودة.
نحن بحاجة ماسة للتدخل على مستوى حكومات العالم لتحمي الطفولة، بأن تضع معايير للغذاء، وتراجع سجل ما بات يعرف بالوجبات السريعة، وأن نسمع رأياً محايداً ونزيهاً حول مدى مناسبتها للاستهلاك البشري، وألا تترك الأمور بهذا الشكل العشوائي المؤذي.