يكاد يكون هناك إنقسام حاد وقوي في الاراء بخصوص وضع المرأة في العراق، وفي الاعم الاغلب يشهد المرء وجود فريقين متخاصمين بشأن هذا الموضوع الحساس، يرى أحدهما ان وضع المرأة يسير نحو الاحسن ويتطور مع الوقت.
ويرى الفريق الآخر إن المرأة وبرغم كل ما تحقق تعود القهقرى وتتراجع مكانتها. وهذا الانقسام سببه تباين المنطلقات الفكرية التي ينطلق منها أنصار كل فريق وإختلاف زاوية النظر التي ينظر عبرها للامور، يضاف لكل ذلك الاختلاف حول مفهوم الحرية عند كل فريق.
والفريق الذي يرى ان وضع المرأة في تحسن يستند الى المعطيات الحالية في الدستور والقوانين التي ساعدت على مشاركة أوسع للمرأة في الحياة السياسية متمثلة بالاحزاب والحكومة والبرلمان وفي الحياة الاجتماعية عبر منظمات المجتمع المدني التي استحدثت وتوسع عملها والتي تنوعت إهتماماتها بعد عام 2003 وفي الاعلام بكل ساحاته مثل الفضائيات التي فاق عددها عدد ما موجود في بلدان متقدمة قديمة العهد بالحرية الاجتماعية والديمقراطية السياسية والمجلات والصحف وفي مجمل النشاطات الثقافية وفي الجامعات..
أما الفريق الاخر فيركز على الصرامة الاجتماعية وما يعده خنق الحريات الفردية في الملبس والاختلاط ويرى ان كل المتحقق لايعدو كونه قشرة فوقية واطاراً خارجياً لاقيمة له ذلك ان المراة ليس لها نشاط مؤثر في الساحة السياسية فهي بكل الاحوال ليست الا تابعاً للرجل منفذة لارادة ورغبات القادة السياسيين من الرجال وانها مضطرة لذلك.
وفي مسعى للكشف عن الواقع الفعلي للمرأة في العراق تم إستطلاع آراء مجموعة منوعة التوجهات تتكون من نساء ورجال ،
وعند سؤالنا للمواطن محمد ابراهيم عبد الله وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 55 عاماً قال، هناك صراع معلن في بعض جوانبه، وخفي غير معلن في جوانب أخرى.
ووضع المرأة غير مستقر، لان الوضع في العراق غير مستقر بجميع جوانبه الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا ينعكس سلباً وإيجاباً على وضع المرأة كونها النصف الاكبر عدداً في المجتمع العراقي وهو ينعكس ايضاً على الرجل الذي هو بالمقابل جزء من هذا المجتمع.
ونلاحظ ان هذا الصراع إنعكس في جملة أمكنة كالبرلمان أو عبر عدة قوانين او في الممارسات اليومية لشتى الاحزاب والتنظيمات والناس كاشخاص. ومن الطريف ان الكل يسعى لكسب ود ورضا المرأة لانها تمثل الثقل الانتخابي الوازن للوصول الى مجلس النواب والذي بدوره سيقرر من يكون في الحكومة ورئاستها.
وترى الاعلامية بيارق قاسم التي تبلغ من العمر (32)عاماً والتي تتبنى وجهة نظر، ترى ان المرأة ما تزال مضطهدة ولم تحصل على حقوقها إن « المرأة في المجتمع العراقي لايتوفر لها اي شيء كبرلمانية او وزيرة او وكيل وزير …الخ ، وهي ما زالت تعاني من الاضطهاد بسبب معاملة الرجل لها حيث يتعامل مع زوجته دائما بالعقوبة والصد عنها ويقوم بمعاقبتها لابسط الاسباب وعلى العكس من ذلك فان المرأة لا تقدر على القيام بأي شيء ضده عند قيامه بأي تصرف ضدها وضد كرامتها، وعليه يجب ان تكون لها حقوق تماثل حقوق الرجل لانها نصف المجتمع او كل المجتمع فهي في النهاية ( الام والاخت والزوجة والابنة ) وللاسف لم نر أي طلب من الاخوات البرلمانيات يسعى لوضع قانون لحماية المرأة والاخذ بحقوقها .
وتضيف بيارق «المرأة دائماً مبدعة في جميع مجالاتها لانها ربت اجيالاً يعتمد عليها وايضاً هي واجهة المجتمع وفي بعض الاحيان هي من تسيّر المجتمع لأن لها تأثيراً كبيراً في الاسرة حسب المقولة الشهيرة التي تقول ( وراء كل رجل عظيم امرأة) ولكنها وحتى الان لم تأخذ حقها ، برغم دور الكثير من النساء على مر العصور ومنهن السيدة الزهراء وزينب (عليهما السلام ) حين مواكبتها لأخيها الحسين (ع) في جميع اموره ، وكذلك الخنساء وزنوبية.
اما الطبيب اياد جابر رجب فيرى ان النساء متفرقات على وفق الاراء والافكار وبالتالي انعدمت الوحدة في موقفهن وذلك امر طبيعي فليس من المعقول ان تتوحد كل النساء حول موقف واحد ، بل ان العديد من النساء يعارض الحريات الكاملة بوصفها خروجاً عن التقاليد والاعراف الاجتماعية ومن الخطأ الاعمام بهذا الموضوع إذ لايمكن ان تتساوى المرأة المستقلة من الناحية المالية والتي يكون لها دور اكبر في الاسرة والمجتمع مع المرأة التي تعتمد في كل شيء من الناحية المالية على زوجها او أي طرف آخر في الاسرة اذا لم تكن متزوجة.
وترى غيداء محمود كريم الطالبة الجامعية في كلية المأمون ان المرأة واقعة تحت ضغوط كثيرة ومتنوعة منها ضغوط إجتماعية كثيرة منها ما هو عشائري ومنها ما هو يخص الاعراف والعادات واخرى اقتصادية مالية وبالتالي هناك حاجة ملحة للتثقيف الدائم لانه من سيغير الكثير من التعامل غير الصحيح مع المرأة ويغير النظرة للمرأة في المجتمع العراقي.
وكل ذلك يتطلب وقتاً وجهداً من كل شرائح المجتمع ومنها منظمات المجتمع المدني والجامعات والمراكز الثقافية والدينية وعدم الاقتصار على القوانين والتشريعات التي سيمكن تجاهلها وعدم تطبيقها.
والسؤال الذي يفرض نفسه هل بدأت المرأة حقاً مسيرتها صوب غد تشرق فيه شمس التفاهم والمودة وعيش الحياة على وفق استحقاقاتها الانسانية ام ان كل ما حدث ويحدث يظل مجرد ظل يمكن ان يختفي ما ان تلامسه شمس حارقة تذوب الاطر الخارجية للقوانين التي يمكن تعليقها على جدران التجاهل.