لا يختلف اثنان حول أهمية دور المرأة ليس فقط في المجتمع القطري، بل في كل الحضارات والمجتمعات، وأن المرأة تمثل نصف المجتمع، والمرأة العربية تمثل أكثر من نصف المجتمع في بعض الدول العربية حسب بعض الإحصائيات، وقد قدمت المرأة العربية خلال مسيرة التاريخ العربي الطويل أروع الأمثلة في التضحية والفداء سواء خلال أيام الفقر ورحلات الغوص على اللؤلؤ في دول الخليج العربية أو خلال الحروب والأزمات في الدول العربية الأخرى، وكانت قدوة يحتذى بها في مجالات عديدة. كما أنه لا يخلو قُطر عربي من رموز نسائية تركت أثراً بالغاً في وجدان الناس، وكانت مضرب الأمثال في البطولة، أو السياسة أو المعرفة بفروعها المختلفة. فالمرأة العربية لم تعد راعية للأسرة فقط، وإنما أصبحت شريكاً أصيلاً في بناء الأمة بأكملها، ومساهماً فاعلاً في حركة المجتمع، سواء السياسية أوالاقتصادية أوالاجتماعية أوالثقافية، والشواهد على ذلك أكثر من أن تعد وتحصى وليس المجال هنا لحصرها.
إن دور المرأة في المجتمع القطري واضح منذ القدم، فعمل المرأة ليس أمرا طارئا على ثقافتنا. ففي الماضي شكل الغوص لصيد اللؤلؤ مصدرا رئيسيا للعمل في الدول الخليجية، مما كان يقتضي غياب الرجال في البحر لشهور بحثا عن رزقهم، فكانت النساء تتدبر إدارة بيوتهن في تلك الفترات، كما كانت المرأة تعمل أيضا في أعمال حرفية يدوية متنوعة، وفي التجارة والزراعة. لكن مع الإفرازات السلبية للتطورات المعاصرة صرنا نشهد الكثير من الظواهر غير المسبوقة والتي شكلت اختلالا في البناء الاجتماعي. مثل تفشي ظاهرة الخدم ومشاركتهم حياة الأسر وتفشي بعض الظواهر السلبية التي أدت إلى بعض مظاهر التفكك الأسري. مما عزز الحاجة إلى بناء وإنشاء المؤسسات الحكومية والأهلية التطوعية لعلاج هذه المشكلات والعمل على تحقيق الحياة السوية المستقرة للأسر.
وصلت النساء الناشطات في المجالات الاجتماعية الطوعية في قطر إلى قناعة بأهمية وصول المرأة إلى المشاركة في مراكز نقاط اتخاذ القرار وإعداد التشريعات للتأثير بفعالية في علاج المشاكل التي تصدين لها.
ولكن نعود ونبرر أسباب المشاركة المحدودة للنساء إلى أساليب التربية والتنشئة الاجتماعية للبنت في المجتمع حيث تكرس الأساليب المتبعة على الأدوار النمطية، والتمييز بين الأنثى والذكر. كما يعمل المجتمع على تأكيدها وتعزيزها. سواء على مستوى تربية الأسر، والتعليم أو الإعلام. مما ينتج نساء في أغلب أعدادها، ليست عازفة فقط عن المشاركة في مجالات العمل والمسؤوليات العامة، بل لا تعي أهمية مشاركتها ومدى إمكانية تحسينها للواقع وتغييره إلى الأحسن.
كما نجد أعداد النساء اللاتي تحتل مراكز متقدمة في الوظائف القيادية والتنفيذية لا يتناسب مع حجمها وتاريخها في المشاركة في سوق العمل. إن مجال التعليم والصحة من القطاعات التي عملت فيها المرأة بأعداد كبيرة قد يتجاوز أعداد الرجال من مواطنيها إن لم يتجاوزه.
المرأة الآن مدعوة إذن إلى: تطوير ذاتها باستمرار،أن تتهيأ فكريا ونفسيا للعمل العام، والاقتناع بجدوى مشاركتها، والإيمان بقدرتها على أحداث التغيير،أيضاً مطلوب منها: التسلح بالثقافة، المعرفة، الوعي السياسي، التحلي بالشجاعة لإبداء رأيها، كسب ثقة واحترام الناس وبناء وشائج من العلاقات معهم من خلال العمل التطوعي في خدمة قضاياهم. وحتى تكسب المصداقية عليها أن تنطلق من حبها وإخلاصها لوطنها وتعمل بتفان من أجل هذا الهدف، وأن تحقق التوازن بين العمل العام وبين الأسرة.
إن مبادرة القيادة السياسية في قطر بمنح المرأة القطرية حق الانتخاب والترشيح للمجالس البلدية مع نهاية عقد التسعينات، تنسجم مع التعهدات الدولية في تمكين المرأة، والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات وغيرها. والأهم من ذلك كان هو حصيلة الاستثمار الدؤوب في التعليم والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وقد واكبت المرأة هذه التغيرات وتكيفت معها.
وأصبح المجتمع لا يستنكر وجود المرأة في أي مجال حتى في مجال الإعلام الذي كان من المجالات التي واجهنا الكثير من الصعوبات في بداية ظهورنا لبث الوعي سواء على صفحات الصحف المحلية أو على شاشات التلفزيون، ولكن الآن كثيرا ما نرى ظهور النساء القطريات على صفحات الجرائد أو في وسائل الإعلام.
إن المرأة القطرية تمتلك قدرة التأثير الخلاق في بناء المجتمع المتطور الذي ننشده ونهفو إليه وهي الأقدر على تفهم واستيعاب القضايا التربوية والتنموية التي يقوم عليها بناء الأجيال القادمة.