شد انتباهي خبر إرجاء مجلس الشورى توصية قيادة المرأة للسيارة، إلى أن يتم إعادة تشكيل لجان المجلس بداية الشهر المقبل، وتحديد اللجنة الأنسب للتوصية غير "النقل والاتصالات" التي تنصلت منها؛ بمعنى آخر إعادة الموضوع للثلاجة.
شد انتباهي أيضاً أن العضوات مقدمات التوصية رفضن سحبها.. بمعنى آخر لن تتنازل المرأة عن حقوقها رضوخاً للتهديد أو لحب الخشوم أو إرضاء للآخرين.
المتحدث الرسمي للمجلس صرح بأن الموضوع "حساس" ويحتاج إلى معلومات موثوقة. التوصية ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بالملف النووي الإيراني يا معالي المتحدث الرسمي، كل ما في الأمر أن المرأة "تبي تسوق" وانتهينا.
كلنا نعلم أن مجلس الشورى يتحاشى التصادم مع ردود أفعال معينة من داخل المجلس وخارجه وخاصة بأي شيء وكل شيء له علاقة بحق المرأة في التنقل.
وتستمر "الحساسية المفرطة" بفرض وجودها على الشأن العام حتى عجز القائمون على تربية أبنائنا وبناتنا عن إطلاق اسم مرادف لـ "الرياضة" في مدارس البنات. وكما هو الحال في "الشورى"، هنا أيضاً تحاول وزارة التعليم أن تتحاشى التصادم مع ردود أفعال ربما من داخل الوزارة وخارجها. بصراحة لا ألومهم .. كيف تتجرأ فتاة صغيرة على ارتكاب "جريمة" وتلعب بالكرة في فناء حرم مدرسي للبنات تحيط به أسوار عالية من الأعراف والتقاليد وحسب كل الضوابط الشرعيّة؟
انتهى الأمر بتخصيص 150 مدرسة، على مستوى المملكة، "للخضوع لتجارب بحثية ميدانية" تستهدف إيجاد صيغة جديدة للرياضة المدرسية. لا تلوموني، هكذا كانت صياغة الخبر حرفياً.
إذاً الخطوة القادمة هي استدعاء علماء الفضاء والذرة السعوديين من معاملهم ومراكز أبحاثهم على عجالة، وتشكيل اللجان الرئيسة والفرعية لوضع "تجارب بحثية ميدانية" للخروج بصيغة تربوية تتلاءم والأعراف والتقاليد السعودية. بمعنى آخر المطلوب اختراع مسمى جديد لرياضة البنات لا ينتج عنه خروج على الثوابت أو تصادم مع الحساسيات.
ولضرب عصفورين بحجر واحد، أقترح أيضاً إعادة تسمية النوادي الرياضية والمطاعم النسائية المزمع السماح بها قريباً تماماً مثل صالونات التجميل التي يطلق عليها مسمى "مشاغل نسائية" بحيث لا تسبب هي الأخرى تصادما مع ردود أفعال أو حساسيات اجتماعية، لا قدر الله.
لنسمي الأشياء بأسمائها .. حق المرأة السعودية في ممارسة الرياضة البدنية، وحقها في قيادة السيارة لا يقلان أهمية عن حقها في الحصول على وظيفة شريفة لا تتعرض فيها لتمييز أو تحرش، وحقها في المهر والميراث وفي تصرّفها براتبها، واختيار شريك عمرها، واشتراط عدم التعدد، وحقها بالحضانة والنفقة.
*عضو جمعية الاقتصاد السعودية