تعتبر الشركات المملوكة للأفروأميركيين هي القطاع الأسرع نمواً في سوق العمل المملوك للمرأة، وهي تبدأ بمعدل نمو أكبر بستة أضعاف من المعدل القومي لجميع الشركات الجديدة، وذلك وفقاً لما جاء في تقرير لشركة «أميركان أكسبريس» العالمية للخدمات المالية. وكما يوضح التقرير الجديد الصادر عن «مركز التقدم الأميركي»، والصادر في الآونة الأخيرة تحت عنوان «وضع المرأة الملونة في الولايات المتحدة»، فإن ذلك المؤشر التنموي يعتبر بمثابة أنباء سارة للمرأة الأفروأميركية.
والنساء الأميركيات من أصل أفريقي، واللائي يشكلن ما نسبته 13 في المئة من إجمال عدد السكان من الإناث في الولايات المتحدة الأميركية، يعانين من معدلات منخفضة على نحو غير متناسب فيما يتعلق بفرصهن في الحصول على التأمين الصحي، وكذلك فرص العمل المتاحة لهن، وإمكانية الحصول على شهادات جامعية، فضلا عن التمثيل في المناصب التي يتم الوصول إليها عن طريق الانتخاب، هذا إلى جانب مؤشرات أخرى تتعلق بالازدهار.
وعلى الرغم من تلك المؤشرات القاتمة، فإن المكاسب التي تمكنت المرأة الأفروأميركية من تحقيقها في مجال الأعمال هي من دواعي التفاؤل والارتياح. كما أن المرأة الأفروأميركية تتمتع بروح قوية للمبادرة فيما يتعلق بإنشاء وإدارة المشروعات، حيث تمتلك السيدات الأفروأميركيات في الوقت الحالي نحو 1٫1 مليون شركة تعمل في العديد من القطاعات المتنوعة، على رأسها الدعم الاجتماعي والرعاية الصحية. وفي واقع الأمر فإن عدد الشركات التي أسستها أميركيات من أصل أفريقي حقق نمواً بما يقرب من 258 في المئة خلال الفترة من عام 1997 إلى عام 2013.
نصف هذه الشركات المملوكة للأميركيين من أصل أفريقي تمتلكها سيدات، ومن بين الشركات المملوكة لسيدات ملونات، تمتلك الأميركيات من أصل أفريقي نسبة 42 في المئة منها. وقد تضاعفت مبيعات الشركات المملوكة لنساء أفروأميركيات خلال العقد الماضي، وخلال هذا العام فقط حققت تلك الشركات إيرادات تقدر بنحو 45 مليار دولار أميركي. وقد استفاد من هذه النجاحات ليس فقد السيدات الأميركيات من أصل أفريقي وعائلاتهن، ولكن أيضاً مجتمعاتهن والاقتصاد الأميركي بصفة عامة.
لكن، وفي حين أن النساء الأفروأميركيات يحققن خطوات تصاعدية في عدة مجالات حيوية، بما في ذلك اكتتاب العمال وتأسيس الشركات، فإن التقرير يوضح أنهن يواجهن فجوات هائلة مقارنة بالنساء البيض، وحتى بعض السيدات الأخريات الملونات اللائي يحققن مكاسب أسرع بالنسبة لمؤشرات معينة.
فالنساء اللاتينيات، على سبيل المثال، يزددن بشكل مطرد بالنسبة لمعدلات التخرج من كليات الأربع سنوات، بينما لا يزال هذا المعدل راكداً بين الأميركيات من أصل أفريقي، كما شهد تراجعاً في بعض الأحيان على مدار العقد الماضي.
ولأن التعليم والتدريب من أهم العوامل الضرورية لزيادة الأرباح ومراكمة الأصول، فإن ذلك يساهم بدوره في حقيقة كون النساء الأفروأميركيات يسجلن أعلى معدلات الفقر بين النساء، كما أنهن الأكثر تعرضاً للدخول مجدداً ضمن فئة الفقراء العاملين. وهذا يثير القلق على وجه الخصوص باعتبار أن غالبية الأميركيات من أصل أفريقي هن العائل الرئيسي لأسرهن، في حين أن متوسط دخلهن الأسبوعي أقل بكثير من نظرائهن من الرجال الأفروأميركيين.
ومما توضحه الأرقام في هذا الخصوص أن النساء غير المتزوجات من الأميركيين الأفارقة واللائي لديهن أطفال، لا يملكن في الغالب أي أموال، وذلك وفقاً للدراسة التي أعدها مركز «انسايت» للتنمية الاقتصادية المجتمعية لعام 2010. وهذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة للأفراد والعائلات معاً، لاسيما خلال الفترات الاقتصادية الصعبة، كما أنه يضع المرأة الأفروأميركية في وضع هش وحالة من عدم الأمان الاقتصادي.
وكما جاء في تقرير «وضع المرأة الملونة»، فإن الولايات المتحدة، ومن أجل أن تكون قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية سريعة النمو، يتعين عليها الاستثمار في القوى العاملة المستقبلية لديها من خلال معالجة الثغرات التي تواجهها النساء الأميركيات من أصل أفريقي والنساء الملونات بوجه عام فيما يتعلق بالأمن الاقتصادي والفقر والصحة والتحصيل الدراسي والقيادة السياسية والمشروعات. ونحن بحاجة إلى قوة العمل المؤهلة والمتعلمة والتي تتمتع بالصحة، من أجل التجديد والابتكار وتحقق النجاح في الوظائف والصناعات عالية التأثير التي نحتاج إلى التقدم فيها. إن دعم النهوض بالمرأة الأفروأميركية -التي أثبتت قدرتها على بدء المشروعات الخاصة بها- يعتبر أمراً أساسياً للتقدم نحو تحقيق هذا الهدف.
ومن ناحية أخرى، فإن القضاء على الفجوات بين السيدات الأميركيات من أصل أفريقي، وغيرهن من النساء يمثل فرصة لتحسين مستوى المعيشة لهذه السيدات وعائلاتهن. ولكن هذا ليس كل شيء، فالأهم من ذلك هو أنه يعتبر فرصة لتعزيز القوى العاملة والقوة الشرائية لدينا، وهذا أمر جيد بالنسبة للاقتصاد، وبالتالي للجميع. لكنه سوف يحدث فقط إذا اخترنا استغلاله.
محللة سياسية لمشروع «بروجرس 2050» بمركز التقدم الأميركي