لم يعد غريبا هذا في العراق ، فبعد دخول عصابات داعش الى مدينة الموصل بدأت الجرائم تأخذ طابعا اخر ، واشكالا لم نكن نعرفها من قبل ، مع ان العراقيين اطلعوا على اشكال عديدة وبشعة من الجرائم المنكرة ، التي مارستها عصابات القاعدة التي عملت في العراق تحت مسميات شتى ، مرة تحت عنوان شورى المجاهدين ، ومرة تحت عنوان انصار السنة ، واخرى تحت عنوان جيش المجاهدين ، وانصار الاسلام ، واتباع النقشبندية ، وثوار العشائر ، واسماء اخرى لاتقل خدعة ودجلا ومراوغة ، وغير ذلك مما ذكرنا حتى تلطخت خارطة العراق بالدماء من اقصاه الى اقصاه .
وكان نصيب المراة من هذه الجرائم كبيرا ، فقد تعرضت النساء العراقيات الى القتل والسبي والاغتصاب ، وشتى انواع الظلم ، فضلا عن فقدانها للاب والاخ والزوج والابن ، مايزيد من معاناتها .. وهُجرت مئات الالاف من النساء من مناطق شتى في العراق استولت عليها عصابات داعش الاجرامية ، عاونهم في ذلك مؤيدون لهم في الفكر والتوجة ، ومناصرون لهم في تنفيذ جرائمهم في القتل والتهجير . حدث هذا في الموصل وتلعفر وكركوك ومناطق ديالى والانبار . وما زالت النساء العراقيات يعانين من ظروف ماساوية في المخيمات التي وفرتها الدولة والمنظمات الدولية الفاعلة للنازحين .
لقد شكلت عملية اختطاف النساء وسبيهن وبيعهن واحدة من ابشع جرائم العصر ، وما زالت هذه الجرائم تمر من دون استنكار اولئك الذين تباكوا على صابرين الجنابي ، وبعض النسوة اللواتي القي القبض عليهن بتهمة الانتماء الى التنظيمات الارهابية ، او قمن فعلا باعمال التفخيخ والتفجير ، وبعضهن مسك بالجرم المشهود واودعن السجون لنيل جزائهن اسوة باولئك الذين وجهت اليهم التهم نفسها ، وتم عرضها على القضاء ليقول كلمتة فيهم ، لا احد من اولئك اعترض على اعدام داعش للشهيدة سميرة النعيمي ، المحامية الموصلية التي ادلت برايها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ( الفيس بوك ) ، من يعرف سميرة النعيمي ..؟ وكيف وصلت عصابات داعش الى منزلها لتختطفها ..؟ الم يكن هناك دور لادلاء الخيانة من جيران ومعارف سميرة النعيمي الذين اوصلوا هؤلاء الغرباء الى بنت مدينتهم..؟ ، لقد فقد هؤلاء شرفهم ورجولتهم ومروءتهم ، واصبحوا مرتزقة صغارا بيد تنظيم اجرامي ، ادين على مستوى العالم .. تشير المعلومات الى ان عصابات داعش قامت باختطاف الشهيدة من دارها يوم 17 ايلول 2014 ، بعد ان نشرت مايشير الى رفضها للجرائم التي تقوم بها تلك العصابات من قصف همجي وتدمير المساجد والاضرحة في الموصل ، وتهجير الناس من مدنهم ومنازلهم ، فقد ادينت الشهيدة من قبل مايسمى بالمحكمة الشرعية بتهمة الردة واحتجزت خمسة ايام تعرضت خلالها الى التعذيب في محاولة لاجبارها على التوبة .. وتعد النعيمي من ابرز واهم الشخصيلت النسوية الموصلية ، وعرف عنها انها كانت تترافع في المحاكم دفاعا عن المعتقلين من دون ان تتقاضى أي اجر ، حيث قام التنظيم بجريمة اعدام النعيمي رميا بالرصاص مادعى المفوض الاممي السامي لحقوق الانسان والممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة الى ادانة القتل الوحشي الذي ارتكبه تنظيم داعش الارهابي بحق الناشطة في حقوق الانسان سميرة صالح النعيمي ، حيث قال المفوض الاممي الامير زيد بن رعد في بيان صدر عن المفوضية السامية في جنيف ونيويورك: ان الاعدام العلني المرعب لامراة شجاعة استخدمت الكلمة للدفاع عن الحقوق الانسانية للاخرين خرق مرعب لحقوق الانسان .
كما ان الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في العراق نيكولا ملادينوف قال : ان الاعدام العلني للمحامية المرافعة عن حقوق الانسان جريمة اخرى من الجرائم المثيرة للاشمئزاز ، التي لاتعد ولا تحصى والتي ترتكب ضد شعب العراق قبل تنظيم داعش .
النعيمي قضت ومضت ، حيث تلقى ربها مظلومة ، وهي شاهدة على ماقام به هؤلاء الاوباش منذ دخولهم العراق ، ليس ضد المراة العراقية فحسب بل شمل ذلك جميع شرائح المجتمع العراقي ، فلم ينجو من جرائمهم الطفل والرجل الكبير ومن وقع في ايديهم اسيرا ، او سخروهم لينخرطوا في صفوفهم ليصبحون جزءا من مرتزقتهم واعوانهم .