قراءات الأطفال: تؤثر القراءة تأثيرًا واسعًا وعميقًا على الطفل، فهي تُشبع لديه حب الاستطلاع، وتمده بالمعلومات الضرورية التي تساعده على حلّ كثير من المشكلات.
ويستطيع الطفل عن طريق القراءة اكتساب الثقة بنفسه، والقدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر بسهولة إلى جانب إثراء اللغة التي يتحدث بها، وتُمهد القراءة للطفل طريق الاستقلال عن أبويه وعن الكبار بوجه عام.
وهى تفيد الطفل في الإعداد العلمي، فعن طريقها يتمكن الطفل من التحصيل العلمي الذى يساعده على السير بنجاح في حياته المدرسية، كما تساعده على التوافق الشخصي والاجتماعي، وإلى جانب ذلك، فإن القراءة تُحقق للطفل التسلية والمتعة. وتهذب لديه مقاييس التذوق.
دور الأم في عملية القراءة: يعتقد كثير من الأمهات أن الطفل لا يتأثر بالكتاب قبل دخوله المدرسة، لأن الطفل لم يتعلم القراءة بعد، وهذا الاعتقاد خاطئ، لأن الطفل الصغير الذى يتصفح الكتاب يتشوق إلى الاهتمام بالقراءة فيما بعد، كما أن مشاركة الأم في تصفح الكتاب مع طفلها الصغير تُعينه على تعلّم اللغة بشكل سليم، وتفتح أمامه آفاقًا واسعة من المعرفة والاكتشاف، وتصفح الأم والطفل لكتاب يوجد علاقة حميمة بينها وبين طفلها، لذلك فعلى الأم أن تشارك ابنها في الاهتمام بالكتاب بإلقاء الأسئلة، ومساعدته على التعّرف على ما لا يستطيع فهمه.
ونتيجة لذلك ستجد الأم طفلها يُقبل على الكتاب ويذهب لإحضاره بنفسه، ويطلب من أمه مرافقته له في قراءته.
وخلال عملية القراءة يجب أن يكون صوت الأم محفزًا للطفل على المتابعة، وأن تحرص على أن يشاهد الطفل الصور ويتأمل الحروف، مما يدعو الطفل إلى أن يمسك القلم، وأن يحاول رسم ما يرى أو يقلد أشكال الحروف.. وهذا يغرس في نفس الطفل التذوق الفني.
ويمكن للأم أن تنمى ميول القراءة لدى طفلها منذ عامه الأول، وذلك عن طريق عرض بعض الكتب المصنوعة من القماش والمزودة بالصور الملونة بألوان زاهية مبهجة، وتكوين خبرة سارة بالكتب، وتقريبها إلى الطفل عن طريق التركيز على شراء الكتاب المصور ذي الألوان المبهجة كالأحمر، والبرتقالي، والأصفر، والأخضر، والألوان الفاتحة أيضًا، وعلى الأم أن تهيئ لطفلها الجو المناسب للقراءة، فيجب أن يكون مكان القراءة جيد التهوية، نظيفًا واسعًا، به مقاعد ومناضد مريحة وسجاجيد إذا رغب الطفل في الجلوس على الأرض، وأن تكون جدران الغرفة التي يقرأ فيها مزينة بلوحات ورسوم جذابة، حتى يستمر الطفل في القراءة أطول مدة ممكنة.
وعلى الأم أن تتأكد من أن الكتب التي يقرؤها جيدة الطباعة، واضحة الحروف، وذلك حرصًا على عيني طفلها أثناء القراءة.
ويجب على الأم أن تنتبه إلى نقطة هامة، وهى: أن الطفل يميل إلى التقليد والمحاكاة، لذلك يجب إعطاؤه القدوة الحسنة بالإكثار من القراءة أمامه. وعلى الأم توفير مجموعة من الكتب الصغيرة البسيطة لطفلها في مرحلة ما قبل المدرسة لصعوبة تردُده على المكتبات وقلة معرفته بالكتب.
ومن الأمور المهمة أثناء عملية القراءة تدريب الطفل على فهم ما تشير إليه الكلمات، وزيادة الثروة اللفظية للطفل عن طريق معرفة كلمات جديدة، أو معرفة معان جديدة لكلمات قديمة، أو عمل قوائم كلمات كالأوصاف مثلا. ومعرفة معنى الكلمات في النص.
وعلى الأم أن تُعّود طفلها على الدقة والعمق في فهم المادة المقروءة، فيتم تدريب الطفل على استخلاص الأفكار والاحتفاظ بالمعلومات، واكتشاف موضوع القطعة، ومعرفة تتابع الحوادث وتسلسل الأفكار، واستنباط الأفكار والمعلومات الأساسية، وإصدار حكم بسيط على الأفكار التي قرأها.
حكايات الأطفال: الحكايات من أحب الأشياء إلى قلب الطفل، وتظل عالقة في ذاكرته إلى أن يصبح رجلا، بل إنها تشكل شخصيته في المستقبل، وذلك لأن لها أثرًا خطيرًا على عقليته، فقد تجعل منه إنسانًا سويَّا يواجه المصاعب، ويتحمل أعباء الحياة، أو تجعل منه إنسانًا جبانًا، يعانى من العزلة والانطواء والخوف، وذلك بما تحمله من مضامين.
وتجلس الأم لتحكي لطفلها حكاية (حدوته). والطفل يتابع أحداثها بشغف شديد، ولا يمل من الاستماع إليها، ويطلب منها المزيد كلما أوشكت على الانتهاء.
وعلى الأم أن تنتقى لطفلها الحكايات التي تشجع على التعاون وحب الخير، بحيث تبدو ملائمة للحياة المعاصرة، فلا يحق للمرأة أن تجعل طفلها حبيسًا لأخيلة وتحليلات وتصورات وتأملات مجتمعات متخلفة، بل عليها أن تحاول أن تسعى جاهدة أن تطوع وتطور الحكايات التي سمعتها من أمها أو جدتها، بحيث تصبح ملائمة لطفلها، بل إن هناك قصصًا معروفة يمكنها الاعتماد عليها، ثم تعديلها لتلائم أذواق الأطفال وقدراتهم العقلية والعاطفية واللغوية، وفقًا لما استجد من أسس ونظريات في مجالات التربية وعلم النفس والإعلام.
قصص الأطفال: ومن المعروف أن الهدف من قصص الأطفال هو تنمية خيالهم، وإثراء معلوماتهم، وحثهم على التحلي بالقيم الفاضلة، لكن هناك الكثير من القصص التي تقدم لأطفالنا تحرض على العنف، بل وتحاول طمس هويتهم بما تبثه من أفكار مسمومة وقيم سلبية. لذلك يجب على الآباء والأمهات انتقاء أفضل القصص التي تسهم في تقديم الآداب الحسنة والخلق السليم بأسلوب قصصي يتناسب مع مستوى إدراك الطفل.
وتستطيع الأم أن تعلم أبناءها القيم والأخلاق من خلال القصة عن طريق سرد المواقف المناسبة، ولا سيما سرد القصص التي تتمثل فيها نماذج للتربية السليمة بجميع أنواعها.
أناشيد الأطفال: إن الأسرة كلها - والأم على وجه الخصوص- مسؤولة عن تشكيل ذوق الطفل، وذلك بإنشاد أو قراءة بعض الأناشيد التي تتضمن القيم التربوية المرغوبة اجتماعياً لطفلها ، وهى بذلك تربى ذوق الطفل منذ طفولته المبكرة على الفضيلة، فينشأ صلبًا شجاعًا يغار على أهله ووطنه، أما إذا استمع الطفل إلى الأغاني الهابطة، فإنها قد تقتل فيه روح النخوة والرجولة، فتجعل منه شخصية غير متزنة لا يحرك ساكنًا إذا اعتدى الآخرون على بلده وعرضه، ولم لا !
والحق أننا لا نستطيع أن نحمل الأم وحدها المسئولية في هذا الأمر، بل المجتمع كله من حُكام ومحكومين، مسؤولون أمام الله والتاريخ عن ذلك..
وقد انتشرت في الآونة الأخيرة أناشيد الأطفال الخاصة بهم، وهى ذات طابع يناسب طفولتهم وإمكانياتهم في الأداء، وهى في نفس الوقت رخيمة عذبة، تعمق في نفوس الأطفال القيم الجمالية، وتسمو بعواطفهم، وتنمى أخيلتهم، وتحرك إحساساتهم ومشاعرهم، وتمنحهم لونًا من المتعة .
وهذه الأناشيد تهذب مشاعرهم المتشنجة، وتبث الروح الحماسة فيهم، وتُثبت في نفوسهم الشجاعة والإقدام، وتدفعهم إلى الرقة والعطف في التعامل، وتثير عندهم العواطف والانفعالات الطيبة، وهى كذلك مصدر السعادة والبهجة لهم، سواء كانوا مجرد مستمعين أو كانوا يقومون بدور إيجابي في الأناشيد.
كما يمكن أن تكون هذه الأناشيد أداة من أدوات التربية الخلقية والعاطفية، ووسيلة من وسائل التعليم والتدريب على المهارات الحركية.
فمن المهم إشباع رغبة الطفل في الاستماع إلى الإيقاعات العذبة الجميلة من خلال هذه الأناشيد الراقية، وأن تبعد عن أذني الطفل كل ما هو رخيص، ويمكن أن يتم ذلك من خلال تدريبه على سماع الأصوات الصادرة عن الطبيعة، والكلام المنغم، والإلقاء الحسن.
وعلى الأم أن تختار الأناشيد المناسبة التي تهدف إلى غرس الخير والفضيلة والشجاعة والإقدام في نفوسهم، وتهذيب الألفاظ والكلمات، حيث يمكن لهذه الأناشيد أن تساعد الأطفال على نطق الألفاظ والكلمات بشكل صحيح، ورفع مستوى التذوق عند الطفل، والعمل على زيادة النمو الحسي والإدراكي والوجداني للطفل. وعليها أن تأخذ في اعتبارها أن تختار الأناشيد التي تحمل معانى صادقة، تفيض بالمرح والتفاؤل والتسامح، وأن تكون الكلمات سهلة وغير معقدة يسهل على الأطفال فهمها، وكذلك أن تتناول هذه الأناشيد الموضوعات والمعاني والشخصيات والأسماء المحببة إلى الطفل، بالإضافة إلى ذلك يجب أن تشيع هذه الأناشيد الأمل في نفوسهم، وتجنبهم كل ما يثير أحزانهم ويدعوهم إلى الخمول والكسل.