بعد مضي قرابة الاربع سنوات على انطلاق ثورة 17 فبراير لا يزال المشهد السياسي والأمني مضطربا في ليبيا وذلك مع اتساع فوهة الانقسام السياسي يوما بعد يوم ودخول اطراف خارجيين على خط الاحداث ..
لا صوت يعلو اليوم في طرابلس وبنغازي ودرنة وسرت وغيرها من المناطق الليبية على صوت الرصاص . معارك بين فجر ليبيا وكرامتها..وجماعات تكفيرية وجدت في بلد عمر المختار مسرحا هاما لعملياتها ومسار انتقالي ضائع ..وفي خضم كل هذا الاضطراب فان صوت المرأة يظل غير مسموع ..رغم انه الصوت الذي يحقق السلام والعدل ..صوت المراة التي تمتلك كل القدرات من اجل اعداد جيل يعي ثقافة اللاعنف ويحقق ما يريد بالكلمة والحوار وليس بالسلاح ..
في هذا الملف نستعرض أراء ومواقف نساء ليبيات من مختلف الميادين من التربية والاعلام والعمل الحقوقي لالقاء الضوء على الوجه الآخر لبلدهن ..وعن النصف المغيب في مجتمع هو احوج ما يكون الى اعادة بناء مؤسساته السياسية والادارية والامنية والتعليمية والاقتصادية وغيرها ..باعتبار ان انجاح وتصويب المسار الانتقالي واعادته الى مسلكه الصحيح لا يتحقق الا باعطاء المراة دورا فاعلا في المشهد الليبي.
الكاتبة الليبية أمينة رمضان صالح الرويمي :
صوت المرأة سيصبح مسموعا عندما تنال حقها المنصوص عليه في الدستور
قالت الكاتبة الليبية أمينة رمضان صالح الرويمي ان مشاركة المرأة متعثرة رغم ان هناك حاجة للمرأة الليبية المثقفة والواعية في اصلاح بلدها وبنائه . وعن رؤيتها للاوضاع في ليبيا أضافت بأن اضطراب الاوضاع لن يطول فلا بد للاخوة من الالتقاء والحوار ، واعتبرت ان صوت المرأة سيصبح مسموعا عندما تنال حقها المنصوص عليه في الدستور بشكل عادل يحفظ حقوقها. وامينة رمضان صالح الرويمي هي كاتبة في ادب الطفل ومعدة برامج مرئية ومسموعة ولديها عدد من المسرحيات والقصص المصورة .
واضافت الكاتبة بالقول :»أملي كبير بأخوتي فعندما أشاهد رجال الإطفاء وهم يصارعون الموت وسط النيران المدمرة ويتغلبون ويرفضون تقاضي اي مكافأة ويعتبرون ماقاموا به هو من اجل الله والوطن ،أقول ليبيا ستكون بخير. وحين أرى موظفا ليبيا يقيم في محطة كهربائية طوعيا لمدة 17 يوما متتالية من اجل أن تصل الكهرباء إلى كل بيت في المدينة أقوال إن للخير رجالا على أرضك يا ليبيا. وكذلك موظفي المصارف الذين يتعرضون للخطر، ورغم ذلك يستمرون في القيام بواجباتهم اليومية من أجل أن تصل الرواتب إلى كل موظف والأطباء
والطبيبات والفنيين والممرضين والممرضات الذين يداومون بالمستشفيات مهما ساءت الظروف ولايثنيهم ذلك عن أداء واجبهم ، أو موظفي المياه و النهر الصناعي الذين يواصلون الليل بالنهار تحت الشمس الحارقة من أجل توفير الماء لكل بيت أو أفراد خدمات النظافة الذين لا تنقطع خدماتهم ابدا، أو أفراد حراسة محطات البنزين الذين يسهرون على راحة المواطنين ويوفرون البنزين، وأنا استعرض هذه المواقف والصور يكبر في عيني أبناء وطني وافخر بوطني لأنه أنجب رجالا ذوي إرادة قوية وعزائم شداد، فوطن فيه هؤلاء حتما سيكون بخير.
اطفال اليوم ورجال الغد
اما عن دورها في المشاركة في بناء المجتمع فقالت انها ككاتبة مختصة في مجال ادب الاطفال تجد امامها مسؤولية كبيرة فمجال الرسوم المتحركة اوسع مما يعتقد البعض وهو يؤثر في انشاء اجيال جديدة محبة للسلام وقالت ان نشر الوعي والثقافة في كل مكان هو مسؤولية يتشارك فيها الأدباء والمثقفون. واشارت الى ان هناك مشروعا لتعزيز حقوق الانسان ونشر هذه الثقافة في المدارس وذلك برعاية كريتيف لرنينغ وسيدت السويدية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم(الألكسو). وهذا المشروع يهدف الى تعزيز حقوق الإنسان من خلال المناهج الدراسية المختلفة..
فمعرفة الحقوق والحريات تعتبر أداة أساسية لضمان احترام الحقوق للجميع. واضافت :» يجب ان لا يتم اغفال دور المدرسة في كل ما يحصل لانها مرآة مجتمعاتها وهي تجعل من الأجيال الناشئة أجيالاً اجتماعية، وتعدُّ المتعلمين كي يصبحوا أعضاء فاعلين وناجحين في المجتمع؛ فأطفال اليوم هم رجال الغد. ويعتبر تعزيز البيئات التربوية الصديقة لحقوق الإنسان في كل مكان من العالم ذا أهمية بالغة لضمان إرساء ثقافة عالمية لحقوق الإنسان. وتتمثل إحدى أفضل الطرق لتربية الأشخاص على كيفية خلق ثقافة حقوق الإنسان في جعلهم يألفون العيش في ظل ثقافة حقوق الإنسان في بيئتهم المدرسية، وهي البيئة التي تلعب دوراً كبيراً جداً في حياة أغلبية الأطفال في العالم أجمع.
فمشروع تعليم حقوق الطفل في المدارس هو مشروع سام وحضاري، وتابعت بالقول :«أقمنا ورشتي عمل كان المستهدف في هذه الورش لفيف من الخبراء والمفتشين التربويين والمدرسين وبعض منظمات المجتمع المدني وغيرهم ومازالت آلية التنفيذ ستطرح في الورش القادمة ان شاء الله فالعمل في هذا الشأن مازال مستمرا» .
وتابعت بالقول:«في خضم هذه الظروف الصعبة ،صار الاهتمام بأدب الطفل أمراً ملحاً وذلك لحماية الطفل من السلبيات المؤثرة وإبعاده عن جميع مظاهر العنف، إضافة إلى تحصينه بالمثل العليا والقيم السامية من خلال ما يقرؤه او ما يشاهده أو حتى أي نشاط يتعلمه ويمارسه» .
عواطف محمد الصغير كاتبة صحفية
مشاركة المرأة ستحقق التقدم المنشود للمجتمع
أعربت الكاتبة الصحفية والأكاديمية الليبية عواطف محمد الصغير عن أملها في أن يتم إعطاء المرأة الفرصة للمشاركة في الحياة العامة وصناعة القرار، وقالت ان مشاركة المرأة ستكون حتما مؤثرة في التنمية والتقدم وتحقيق السلام المنشود في ليبيا . يشار الى ان الصغير هي مدونة وخبيرة مناهج العلوم بمركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية وكاتبة صحفية في بعض الصحف الليبية مثل الغد ووطني .
كيف تقرئين موقع المرأة ودورها اليوم في مجابهة التحديات التي تواجه ليبيا؟
استطاعت المرأة الليبية أن تحرز تقدما ملحوظا على مختلف الأصعدة وهو ما يجعل شرائح لا يستهان بها من النساء، خاصة مَن أحرزت منهن قدراً كبيرا من التعليم، رغم التحديات المختلفة التي تعيشها المرأة، اخذن دورا فعالا لتغيير المناخ الفكري والثقافي السائد عن المرأة، وتقليل الفجوة الحادثة بينها وبين الرجل، والعمل على إبراز وضعها الحقيقي وإثارة القضايا المحورية التي تشغلها في إطار وضعها المتغير، وعدم إغفال دورها الحقيقي في تنمية وتطور مجتمعها، وادماجها في كافة الأنشطة السياسية والاقتصادية المختلفة.
اذن الى اي مدى أخذت المراة الليبية حظها في المشهد السياسي ؟
لقد اصبحت المرأة تعي جيدا قضاياها الجوهرية ودورها في تحقيق رواءها وتطلعاتها، وتعزيز مكانتها وتمكينها من اداء دورها في المجتمع وفي المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية المختلفة، لذلك يتوجب إعطاء المرأة الفرصة للمشاركة في الحياة العامة وصناعة القرار، وحتما ستكون مؤثرة على مستوى الأسرة والمجتمع وسيصبح لها دور حقيقي في التنمية وستصبح شريكاً فاعلاً يخلق مناخاً خصباً للتقدم والرقي على المستويات كافة. فمزيدا من الثقافة والابداع والعطاء والتألق فإن المرأة تستحق كل الثناء والاحترام، فالموقف كلمة والسلاح موقف وهذه هي الديمقراطية.
الناشطة الحقوقية الليبية أميرة الجليدي مسعود:
المرأة تضررت كثيرا من النزاع الحاصل في ليبيا
نجاح مؤتمر جنيف سيكون جزئيا
اعتبرت الناشطة الحقوقية الليبية اميرة الجليدي مسعود ان التمثيل السياسي للمرأة على الساحة السياسية ضئيل وكذلك الأمر في المحافل الدولية وفي الحوار المنعقد في جنيف .
ورأت ان المرأة تضررت كثيرا من النزاع الحاصل في ليبيا ، اذ اثرت المعارك على الكثير من نشاطاتها الحقوقية والسياسية خاصة في شرق البلاد وغربها بالاضافة الى ان المراة كانت فاعلة في ثورة 17 فبراير ومشاركة في المسار الانتقالي من خلال النسبة التي منحت لها في البرلمان ولجنة الستين ، لكن رغم ذلك فان ما تحقق يبقى دون المأمول.
وعن اضطراب المسار الانتقالي وتدهور الاوضاع الامنية والانقسام السياسي اوضحت ان تصويب مسار العملية الانتقالية يتحقق في حالة واحدة وهي انصاف المراة واشراكها في صنع القرار . فالنساء الليبيات لطالما كن داعيات للسلام والحوار وايقاف النزاع المسلح واذا وصل صوتهن فان المجتمع الليبي سيصل الى السلام وسينجح الانتقال السلمي .
مؤتمر جنيف
واعتبرت الحقوقية الليبية ان نجاح مؤتمر جنيف سيكون جزئيا لانه لا يمكن للحوار ان ينجح في ظل وجود السلاح على الأرض. اذ ان الاضطراب يحتاج الى وقت وهذا معروف في ظل النزاعات المسلحة التي سيطرت في دول اخرى . وعادة فان الحوار لا ينجح من الجولة الاولى والثانية والثالثة ولا بد من وجود عدالة انتقالية وجبر للضرر . كما ان ليست كل الاطراف
الليبية ممثلة في مؤتمر جنيف وهذا بحد ذاته اخفاق . وتابعت بالقول:«عتقد ان كل الاطراف الليبية تريد الحوار وهذا دائما محل نقاش ونحن كمراقبين لا نتوقع ان ينجح الحوار لان هوة النزاع قد اتسعت وتعددت اطراف الصراع الداخلية والخارجية ونأمل بان تنضم اطراف اخرى للحوار مستقبلا» .
المغرب